**فتنة المنافقين تأكل الدين:ـ
(أولا)لابد من سماع الأذى ولابد من
وقوع الاستهزاء :
*قال تعالى:
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ(186) آل عمران
أي لابد أن يبتلي المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده أو أهله ويبتلي
المؤمن على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء "ولتسمعن من الذين
أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا" وذكرالبخاري عند تفسير
هذه الآية عن عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد حدثه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ركب على حمار عليه قطيفة فدكية وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد
بن عبادة ببني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر حتى مر على مجلس فيه عبدالله بن
أبي بن سلول وذلك قبل أن يسلم ابن أبي وإذا في المجلس أخلاط من المسلمين
والمشركين عبدة الأوثان وأهل الكتاب اليهود والمسلمين وفي المجلس عبدالله بن
رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبدالله بن أبي أنفة بردائه وقال:
لا تغبروا علينا فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل ودعاهم إلى
الله عز وجل وقرأ عليهم القرآن فقال عبدالله بن أبي: أيها المرء إنه لا أحسن
مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجالسنا ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص
عليه فقال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه بلى يا رسول الله فاغشنا به فى
مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون(ابن
كثير)
*وقال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا
يَضْحَكُونَ(29)وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ(30)وَإِذَا انقَلَبُوا
إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ(31)وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ
هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ(32)وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ
حَافِظِينَ(33)فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ
يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ(35)هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ
مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(36)المطففين
يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين أي
يستهزئون بهم ويحتقرونهم. وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم أي محتقرين
لهم. أي وإذا انقلب أى رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم انقلبوا إليها فكهين
أي مهما طلبوا وجدوا ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم بل اشتغلوا بالقوم
المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم. أي لكونهم على غير دينهم.وطريقتهم, أي وما بعث
هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم
ولا كلفوا بهم؟ فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم كما قال تعالى "اخسئوا
فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا
وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني
جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون"(ابن كثير)
*ومن هذا الأذى فى زمن الدعوة:
*قال تعالى:
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ
مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(8)المنافقون
فقال عبدالله بن أبي عدو الله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
قال مالك بن الدخشن وكان من المنافقين ألم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول
الله حتى ينفضوا؟
(ثانيا)ماذا يريد أهل الضلال:
*قال تعالى:
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا(27)النساء
وقوله "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما" أي يريد أتباع
الشياطين من اليهود والنصارى والزناة أن تميلوا
عن الحق إلى الباطل ميلا عظيما.
*ومع هذا اذا نصحتهم من باب حب الخير للخليقة ماذا يكون ردهم؟؟
*قال تعالى:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ
مُصْلِحُونَ(11)أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا
يَشْعُرُونَ(12)البقرة
يقول ألا إن هذا الذي يعتمدونه ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد ولكن من
جهلهم لا يشعرون بكونه فسادا.
(ثالثا)هم فتنة بلا شك:
*قال تعالى:
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ
لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ
عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ(4)المنافقون
أي وكانوا أشكالا حسنة وذوي فصاحة وألسنة وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم
لبلاغتهم وهم مع ذلك في غاية الضعف والخور والهلع والجزع والجبن ولهذا قال
تعالى "يحسبون كل صيحة عليهم" فهم جهامات وصور بلا معاني, يعني عبد الله بن
أبي. قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي وسيما جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان,
فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته. وصفه الله بتمام الصورة وحسن
الإبانة.
*وقال تعالى:
لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا
خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(47)التوبة
(رابعا)الغيظ يأكل القلوب وما حيلتنا
غى ذلك؟؟؟
*قال تعالى:
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى
شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ
مُسْتَهْزِئُونَ(14)اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي
طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(15)البقرة
"وإذا خلوا إلى شياطينهم" يعني إذا انصرفوا وذهبوا وخلصوا إلى شياطينهم, خلوا
يعني مضوا وشياطينهم سادتهم وكبراؤهم ورؤساؤهم من أحبار اليهود ورءوس
المشركين والمنافقين.وعن ابن عباس "وإذا خلوا إلى شياطينهم" من يهود الذين
يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد:
وإذا خلوا إلى شياطينهم وإلى أصحابهم من المنافقين والمشركين. وقال قتادة
وإذا خلوا إلى شياطينهم قال إلى رءوسهم وقادتهم في الشرك والشر, قال ابن جرير
وشياطين كل شيء مردته ويكون الشيطان من الإنس والجن كما قال تعالى "وكذلك
جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"
وفي المسند عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعوذ بالله من
شياطين الإنس والجن" فقلت يا رسول الله أو للإنس شياطين؟ قال "نعم" وقوله
تعالى "قالوا إنا معكم"عن ابن عباس أي أنا على مثل ما أنتم عليه "إنما نحن
مستهزءون" أي إنما نحن نستهزىء بالقوم ونلعب بهم. وقال الضحاك عن ابن عباس
قالوا إنما نحن مستهزءون ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.(ابن كثير)
*وقال تعالى:
هَاأَنْتُمْ أُوْلَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ
بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا
عَضُّوا عَلَيْكُمْ الْأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(119)آل عمران
"وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ"وذلك أشد
الغيظ والحنق" قال الله تعالى "قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور" أي
مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ويغيظكم ذلك منهم فاعلموا أن الله متم نعمته
على عباده المؤمنين ومكمل دينه ومُعْلٍ كلمته ومظهر دينه فموتوا أنتم بغيظكم
"إن الله عليم بذات الصدور" أي هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم وتكنه سرائركم
من البغضاء والحسد والغل للمؤمنين وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم خلاف
ما تأملون وفي الآخرة بالعذاب الشديد في النار التي أنتم خالدون فيها لا محيد
لكم عنها ولا خروج لكم منها.(ابن كثير)
*وقال تعالى:
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ
شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(120) آل عمران
قال تعالى "إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" وهذه الحال دالة
على شدة العداوة منهم للمؤمنين وهو
أنه إذا أصاب المؤمنين خصب ونصر وتأييد وكثروا وعز أنصارهم ساء ذلك المنافقين
وإن أصاب المسلمين سنة أي جدب فرح المنافقون بذلك قال الله تعالى مخاطبا
المؤمنين: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا" يرشدهم تعالى إلى السلامة
من شر الأشرار وكيد الفجار باستعمال الصبر والتقوى والتوكل على الله الذي هو
محيط بأعدائهم فلا حول ولا قوة لهم إلا به وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم
يكن ولا يقع في الوجود شيء إلا بتقديره ومشيئته ومن توكل عليه كفاه.
(خامسا)أن كل ذلك يحزن ولاشك ولكن!!!
*قال تعالى
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ
يَجْحَدُونَ(33)الأنعام
أي قد أحطنا علما بتكذيبهم ولك وحزنك وتأسفك عليهم,وقوله "فإنهم لا يكذبونك
ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" أي لا يتهمونك بالكذب في نفس الأمر "ولكن
الظالمين بآيات الله يجحدون" أي ولكنهم يعاندون الحق ويدفعونه بصدورهم
*وقال تعالى:
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97)الحجر
أي وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنك
ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم
فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة ولهذا قال " فسبح
بحمد ربك وكن من الساجدين "
(سادسا) ما هو الحل اذا؟؟؟
*يبين لنا ربنا الحل فيقول جل وعلا:
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا
عَلَى الْخَاشِعِينَ(45)البقرة
يقول تعالى آمرا عبيده فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة بالاستعانة بالصبر
والصلاة, وقيل المراد بالصبر الكف عن المعاصي ولهذا قرنه بأداء العبادات
وأعلاها فعل الصلاة.وعن سعيد بن جبير قال الصبر اعتراف العبد لله بما أصيب
فيه واحتسابه عند الله ورجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو يتجلد لا يرى منه إلا
الصبر.وأما قوله والصلاة إن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر كما
قال تعالى "اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر" وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج "واستعينوا
بالصبر والصلاة" قال إنهما معونتان على رحمة الله.
*ولذلك قال تعالى:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ
اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153) البقرة
*ويقول ربنا تعالى:
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا
تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(127)النحل
تأكيد للأمر بالصبر وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته وحوله
وقوته; ثم قال تعالى "ولا تحزن عليهم" أي على من خالفك فإن الله قدر ذلك "ولا
تك في ضيق" أي غم "مما يمكرون" أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر
إليك فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ومظفرك بهم.
*وقال تعالى:
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا
يُوقِنُونَ(60)الروم
أي اصبر على مخالفتهم وعنادهم فإن الله تعالى منجز لك ما وعدك من نصره إياك
عليهم وجعله العاقبة لك لا مرية فيه"فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين
لا يوقنون"
*وقال تعالى:
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا(24)الانسان
أي كما أكرمك بما أنزل عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن
تدبيره "ولا تطع منهم آثما أو كفورا" أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن
أرادوا صدك عما أنزل إليك بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله فإن
الله يعصمك من الناس فالآثم هو الفاجر في أفعاله والكفورهو الكافر قلبه.
*وقال جل ذكره:
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ(55)غافر
"فاصبر" أي يا محمد "إن وعد الله حق" أي وعدناك أنا سنعلي كلمتك ونجعل
العاقبة لك ولمن اتبعك "والله لا يخلف الميعاد" وهذا الذي أخبرناك به حق لا
مرية فيه ولا شك وقوله تبارك وتعالى "واستغفر لذنبك" هذا تهييج للأمة على
الاستغفار "وسبح بحمد ربك بالعشي" أي في أواخر النهار وأوائل الليل
"والإبكار" وهي أوائل النهار وأواخر الليل
.
*وقال تعالى:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى(130)طه
"فاصبر على ما يقولون" أي من تكذيبهم لك وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس يعني
صلاة الفجر وقبل غروبها يعني صلاة العصر كما جاء في الصحيحين عن جرير بن عبد
الله البجلي رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا
تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها فافعلوا " ثم قرأ هذه الآية " وقوله "ومن آناء الليل فسبح" أي من
ساعاته فتهجد به وحمله بعضهم على المغرب والعشاء "وأطراف النهار" في مقابلة
آناء الليل "لعلك ترضى" كما قال تعالى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" وفي الصحيح "
يقول الله تعالى يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم
فيقولون ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول إنى
أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول أحل عليكم رضواني فلا
أسخط عليكم بعده أبدا " وفي الحديث الآخر " يا أهل الجنة إن لكم عند الله
موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا
ويزحزحنا عن النار ويدخلنا الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم
خيرا من النظر إليه وهي الزيادة "
.
*وقال سبحانه:
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48)الطور
"واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" أي اصبر على أذاهم ولا تبالهم فإنك بمرأى منا
وتحت كلاءتنا والله يعصمك من الناس. وقوله تعالى "وسبح بحمد ربك حين تقوم قال
أبو الجوزاء "وسبح بحمد ربك حين تقوم" أي من نومك من فراشك ,وعن أبي الأحوص
"وسبح بحمد ربك حين تقوم" قال إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال سبحانك
اللهم وبحمدك.
*وقال تعالى:
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ
إِنَّهُ أَوَّابٌ(17)ص
*وقال تباركت أسماؤه:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ(39) ق
*وقال تعالى:
وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا(10)المزمل
*وقال سبحانه:
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(46)الأنفال
*(وسابع)نعلنها بكل وضوح لامرية فيه:
وقال تعالى ذكره:
وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا
وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ
الْمُتَوَكِّلُونَ(12)ابراهيم
*ونحن ننتظر وعد ربنا الذى هو آت لامحاله باذن الله ومشيأته:
*قال من وعده صدق:
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ
الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا
مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ(137)الأعراف
*وعموما:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(200)آل عمران
(ثامنا) أخرا وليس بأخير لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم!!!
*قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ
شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا
اكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ
عَظِيمٌ(11)النور
***والله المستعان وعليه التكلان!!!!
***هذا وصلى اللهم وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين ***