اطبع هذه الصفحة


العلاج بالكي في السنة النبوية

انتقاها الدكتور عبدالعزيز الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فقد كان العرب يلجؤون إلى العلاج بالكي؛ فأقره النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشفاء في ثلاث: شربة عسل وشرطة محجم وكية نار وأنا أنهى أمتي عن الكي"(1). وفي حديث جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار يوافق الداء، وما أحب أن أكتوي»(2).

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كوى بيده الشريفة أحد الصحابة لما احتاج إلى ذلك، فقد ثبت عن جابر رضي الله عنه قال: رمى رجل أبيا يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده(3). وعن جابر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُبي بن كعب طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كواه» (4) .وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ لما رمي على أكحله يوم الأحزاب(5). وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كوى أسعد بن زرارة من الشوكة (6) » (7) .

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالكي كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن قوما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: صاحب لنا يشتكي، أنكويه؟ قال: فسكت. قالوا: أنكويه؟ فسكت، فقال: " اكووه وارضفوه بالرضف رضفا"(8).

ونظرا لما في الكي من ألم وتشويه للبدن، فقد كرهه صلى الله عليه وسلم، ففي حديث عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن» (9) وفي رواية : «فما أفلحنا ولا أنجحنا» (10) . فهو آخر الدواء، فإذا زال الداء بسبب أقل ضررا من الكي فهو الأفضل.
هذا ما تيسر جمعه والحمد لله أولا وآخرا.
 

كتبه لمشاة الفجر
الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
في 8/1/1445هـ

------------------------------------------------------------

(1) رواه البخاري 10/136
(2) البخاري (5/2152، 2157) (5359، 5375، 5377) ، مسلم (4/1729) (2205).
(3) أخرجه مسلم(2207) وأبوداوود(3864) وغيرهما.
(4) مسلم (4/1730) (2207).
(5) رواه مسلم(2208) وأبو داوود(3866).
(6)الشوكة : حمرة تعلو الوجه والجسد،.
(7) الترمذي (4/390) (2050) ، والبيهقي (9/342) ، والحاكم (3/207، 4/462) ، وابن حبان (13/443) (6080) ، وأبي يعلى (6/274) (3582).
(8) أخرجه النسائي 4/377 والحاكم 4/214،416 وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(9) أبو داود (4/5) (3865) ، الترمذي (4/389) (2049) ، ابن ماجه (2/1155) (3490) ، أحمد (4/427، 430، 444، 446) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/377) (7602) ، وابن حبان (13/445) (6081) ، والحاكم (4/238). وصححه الترمذي.
(10) قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد: أحاديث الكي في هذا الباب قد تضمنت أربعة أشياء أحدها: فعله، ثانيها: عدم محبته، ثالثها: الثناء على من تركه، رابعها: النهي عنه، ولا تعارض بحمد الله فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته لا تدل على المنع منه، والثناء على تاركه يدل على أن تركه أفضل، والنهي عنه إما على سبيل الاختيار من دون علة أو عن النوع الذي لا يحتاج معه إلى كي.


 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية