اطبع هذه الصفحة


المستشار للتجار

عبدالعزيز الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فمع تعقد المعاملات التجارية في هذه العصر، وصور التعاملات البنكية والتمويلات المتنوعة، والبيوعات المتجددة يحار فيها التجار، ويتواصلون مع أي مستشار جواله منشور ويرد على المتصلين، وما أجمل أن يصحب كل تاجر فقيه متمكن من فقه النوازل التجارية المعاصرة. وهذا عليه عمل السالفين.
وقد روى الترمذي برقم 487 بسند حسن عن عمرُ بنُ الخطابِ قال: لا يبعْ في سوقِنا إلا من تفقَّه في الدينِ

وروي عنه أنه كان يطوف بالسوق ويضرب بعض التجار بالدرة ويقول: (لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه ، وإلا أكل الربا شاء أم أبى).

وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه : مَنِ اتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا ، ثُمَّ ارْتَطَمَ ، ثُمَّ ارْتَطَمَ . أي : وقع في الربا .
"مغني المحتاج" (2/22) .

وقالَ علي بن الحسن بن شقيق لابنِ المبارك :
ما الذي يسعُ المؤمنَ من تعليمِ العلمِ إلا أن يطلبَه ؟ وما الذي يجبُ عليه أن يتعلَّمَه ؟
قال : لا يسعُه أن يُقدِمَ على شيءٍ إلا بعلمٍ ، ولا يسعُه حتى يسألَ .
رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/56) .

وجاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/293) :
" قال ابنُ عابدين نقلاً عن العَلاميّ :
وفرضٌ على كلِّ مكلّفٍ ومكلّفةٍ بعدَ تعلّمِه علمَ الدينِ والهدايةِ ، تعلُّمُ علمِ الوضوءِ والغسلِ والصلاةِ الصومِ وعلم الزكاة لمن له نصاب ، والحجّ لمن وجب عليه .
والبيوعِ على التّجّارِ ليحترزوا عن الشّبهاتِ والمكروهاتِ في سائرِ المعاملاتِ ، وكذا أهلِ الحِرَفِ .
وكلُّ من اشتغلَ بشيءٍ يُفرَضُ عليه علمُه وحكمُه ليمتنعَ عن الحرامِ فيه .
وقالَ النوويُّ : وأمّا البيعُ والنّكاحُ وشبههُما - ممّا لا يجبُ أصلُه - فيحرُمُ الإقدامُ عليه إلاّ بعدَ معرفةِ شرطِه " .
وقال الغزاليُّ رحمه اللهُ :
" كما أنَّه لو كان هذا المسلمُ تاجرًا وقد شاعَ في البلدِ معاملةُ الربا ، وجبَ عليهِ تعلُّمُ الحذرِ من الربا ، وهذا هو الحقُّ في العلمِ الذي هو فرضُ عينٍ ، ومعناه العلمُ بكيفيةِ العملِ الواجب " .
"إحياء علوم الدين" (1/33) .

وقال الغزاليُّ رحمه الله :
" كلُّ عبدٍ هو في مجاري أحوالِه في يومِه وليلتِه لا يخلو من وقائعَ في عبادتِه ومعاملاتِه عن تجددِ لوازمَ عليه ، فيلزمُه السؤالُ عن كلِّ ما يقعُ له من النوادرِ ، ويلزمُه المبادرةُ إلى تعلُّمِ ما يَتَوَقَّعُ وقوعَه على القربِ غالبًا " .
"إحياء علوم الدين" (1/34) .

وما دام التاجر بعيدا عن طلب العلم الواجب عليه فيلزمه سؤال أهل الذكر، الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأنبياء/43-44 . قال ابن تيمية رحمه الله : " واجتهاد العامة هو طلبهم العلم من العلماء ، بالسؤال والاستفتاء ، بحسب إمكانهم " انتهى من "جامع الرسائل" (2/318) . وقال ابن تيمية النميري – رحمه الله - :
"وإذا نزلت بالمسلم نازلة : فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان ، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول ، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول ﷺ في كل ما يوجبه ويخبر به ، بل كل أحدٍ من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ. "مجموع الفتاوى " ( 20 / 208 ، 209 ).

وجاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 282) :
‏وفي آخر بيوع البزازية قيل للإمام محمد ألا تصنف في الزهد قال حسبكم كتاب البيوع.
‏وكان التجار في القديم إذا سافروا استصحبوا معهم فقيها يرجعون إليه وعن أئمة خوارزم أنه لا بد للتاجر من فقيه صديق


 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية