اطبع هذه الصفحة


ما ورد في إتيان النساء قبل الجمعة رواية ودراية
30 / 03/1446 ه

عبدالعزيز الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد:
فإن من المشتهر بين العوام فضيلة إتيان النساء يوم الجمعة، وبعض طلبة العلم يجزم بعدم وجود أصل لذلك، ولذا فقد بحثت عن أصل هذا الأمر الشائع بين الناس بمختلف البلدان.
الدليل الأول:
روى البخاري 841 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة.
والحكمة فيه:
1) أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة
2) ولا تمتد عينه إلى شيء يراه
3) وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث: من غسل واغتسل. المخرج في السنن على رواية من روى غسَّل بالتشديد.
وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد وثبت أيضا عن جماعة من التابعين.
وقال القرطبي: إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه.

الدليل الثاني:

عن أوس بن أوس الثقفي قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها. رواه أحمد في مسنده برقم ١٦١٧٢ و ١٦٩٦١ وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/٩٣- ومن طريقه ابن ماجه (١٠٨٧) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٥٧٣) ، والطبراني في "الكبير" (٥٨٥) - وأبو داود (٣٤٥) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" ٣/٢٢٩، وفي "فضائل الأوقات" (٢٧٠) ، والبغوي في "شرح السنة" (١٠٦٥) - وابن حبان (٢٧٨١) ، والحاكم ١/٢٨٢ من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٩٧٤) من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، به.. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي، والبغوي، والنووي(المجموع للنووي 4-542)، والعراقي(نيل الأوطار 1-277،)، والزبيدي.(إتحاف السادة المتقين 3-241). وقال الشيخ الألباني صحيح ، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد : إسناده صحيح ، ورجاله ثقات رجال الصحيح.
وقال العقيلي في كلامه على متن هذا الحديث: "وقد روي هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه، رواه أوس بن أوس الثقفي، وغيره بإسناد صالح" (الضعفاء الكبير للعقيلي 2-211. قال السخاوي: "لا أعلم حديثاً كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث من بكر وابتكر، وغسل واغتسل ودنا وأنصت كان له بكل خطوة يمشيها كفارة سنة.. الحديث، سمع ذلك شيخنا -ابن حجر- من شيخه المصنف -العراقي- وحدثنا به كذلك غير مرة (فتح المغيث للسخاوي 3 – 189

الدليل الثالث:
ثبوته عن عدد من التابعين
قال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري لابن رجب جزء8 صفحة90: وهو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف وعبدالرحمن بن الأسود، وغيرهما، روي عن عبدالرحمن بن الأسود قال: "كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا وأن يغسلوا، وهو قول طائفة من الشافعية، وحملوا عليه –أيضا - حديث أوس بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: من غسل يوم الجمعة واغتسل... الحديث، وقالوا: المراد: من اغتسل بنفسه وغسل من يطؤه من زوجة أو أمة. فعلى هذا: يستدل بالحديث على أن من عليه غسل الجنابة، فاغتسل للجنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه عن غسل الجمعة، وسواء نوى به الجمعة، أو لم ينو. أما إن نواهما بالغسل، فإنه يحصل له رفع حدث الجنابة وسنة غسل الجمعة بغير خلاف بين العلماء، روي ذلك عن ابن عمر، وتبعه جمهور العلماء" .
وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف برقم ٥٠٥٥ – وعبدالرزاق في المصنف برقم ٥٤٦٨ عن ابن عمر: «أنه كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا.

كلام شراح الحديث

تقدم كلام ابن رجب وابن حجر وغيرهما رحمهم الله، ونضيف إلى ما تقدم قول السيوطي رحمه الله في تنوير الحوالك: ويؤيده -أي يؤيد القول بالاستحباب- حديث: أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة.
وهو يشير إلى ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان جزء ٣ صفحة 1133 من طريق أبي عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته". وضعفه الألباني في الضعيفة 6194.
ثم قال البيهقي رحمه الله تعالى: "ففي روايات بقية نظر فإن صح ففيه المعنى المنقول في الخبر، وأيضاً فإنه إذا فعل ذلك كان أغض للبصر حال الرواح إلى الجمعة ففي القديم كن النساء يحضرن الجمعة. والله أعلم"(شعب الإيمان 6-250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعفه محمد بن عوف الطائي قال ابن عدي لا يحتج به هو وسط وقال ابن أبي حاتم محله الصدق. ميزان الاعتدال 1-272).
وقال السيوطي في كتاب: نور اللمعة في خصائص الجمعة: [الخصوصية الرابعة والعشرون: أن للجماع فيه أجرين] ٥١- أخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين اثنين أجر غسله، وأجر غسل امرأته". ٥٢- وأخرج سعيد بن منصور في سننه، عن مكحول أنه سئل عن الرجل يغتسل من الجنابة يوم الجمعة قال: من فعل ذلك كان له أجران.
وقال في تحفة الأحوذي: قال الجزري في النهاية: ذهب كثير من الناس أن غسل أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق. انتهى.
والحمد لله أولا وآخرا.
 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية