اطبع هذه الصفحة


تطوير نظام البنك السعودي للتسليف والادخار في ظل الرؤية الجديدة للمملكة

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم

٢٠١٦/٦/٣
* يحتاج البنك السعودي للتسليف والادخار إلى وضوح الرؤية، وتطوير المنتجات، ومواكبة التطور الهائل في المملكة في ظل الرؤية المنشورة لها.

يشكِّل بنك التسليف السعودي ركيزة مهمة في الاقتصاد السعودي في أغراض إقراض المحتاجين، وقد بدأ عمله بعد صدور نظامه بالمرسوم الملكي رقم (م/44) وتاريخ 21/ 9/ 1391هـ، وأدى دوراً حيوياً في تلك المرحلة، ثم توجهت الدولة إلى تطبيق مفهوم جديد بتطوير البنك، فصدر نظام البنك السعودي للتسليف والادخار بالمرسوم الملكي ذي الرقم: (م / 34) وتاريخ 1/ 6/ 1427 هـ، ويوحي الاسم الجديد بتغير في منظومته، بحيث صارت أهداف البنك ما ورد في المادة الرابعة منه التي تنص على:
– تقديم قروض دون فائدة للمنشآت الصغيرة والناشئة، ولأصحاب الحرف والمهن من المواطنين، تشجيعاً لهم على مزاولة الأعمال والمهن بأنفسهم، ولحسابهم الخاص.
– تقديم قروض اجتماعية دون فائدة لذوي الدخول المحدودة من المواطنين لمساعدتهم على التغلب على صعوباتهم المالية.
– القيام بدور المنسق المكمل لرعاية قطاع المنشآت الصغيرة والناشئة.
– العمل على تشجيع التوفير والادخار للأفراد والمؤسسات في المملكة، وإيجاد الأدوات التي تحقق هذه الغاية.

وقد أصدر معالي وزير الشؤون اﻻجتماعية، رئيس مجلس إدارة البنك السعودي للتسليف والادخار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، قراراً وزارياً يتضمن تكليف الدكتور الفاضل عبدالله النملة، مديراً للبنك السعودي للتسليف والادخار، وقد أحسن الاختيار، فالدكتور عبدالله، قاد قطاع الأفراد في أكبر مصرف في المملكة في خدمة الأفراد، وكان له نجاحات مشهودة، وقد جمع بين حُسن الإدارة ومحبة الموظفين، وكسب ثقة الزملاء، واحترام العملاء.

وبرأيي أن البنك السعودي للتسليف والادخار يحتاج إلى وضوح الرؤية، وتطوير المنتجات، ومواكبة التطور الهائل في المملكة، في ظل الرؤية المنشورة للمملكة، كما يحتاج إلى توظيف أمثل للأنظمة الإدارية والحاسوبية الحديثة، وهذه الأدوات متوافرة بكثافة عند الربان الجديد للبنك، ولاشك في أننا سنرى تغييراً جذرياً في عمل البنك.

وأول تحدٍّ للإدارة الجديدة هو التأكد من توافق جميع أنشطة البنك مع ما اشترطه النظام، فقد حرص المنظم السعودي على تأكيد عدم إطلاق أي برنامج إلا بعد التأكد من موافقته الشريعة الإسلامية، ففي المادة الخامسة: يخضع البنك لرقابة مؤسسة النقد العربي السعودي، والأنظمة المصرفية، بما لا يتعارض مع نظامه، وبما ينسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية. ومن الأمور التي تحتاج إلى نظر فقهي ما ورد في المادة السابعة: تتكون أموال البنك ومصادره التمويلية من الآتي: ج- الرسوم مقابل المصروفات التي يتكبدها البنك في سبيل ممارسة نشاطه حسبما يقرره مجلس الإدارة، ويستثنى من ذلك القروض الاجتماعية لذوي الدخل المحدود. وفي الفقرة ح- سندات الادخار، وفي الفقرة ط- الأوراق المالية والضمانات على مختلف أنواعها، كما ورد في المادة التاسعة ما نصه: مجلس الإدارة هو السلطة العليا المشرفة على أعمال البنك، وتحقيق أهدافه، وله على وجه الخصوص ما يأتي: و- فتح حسابات ودائع، وحسابات جارية لدى البنوك في المملكة. وفي الفقرة ز- وضع قواعد لإصدار سندات الادخار والشيكات. وفي الفقرة ح- وضع قواعد لتملك العقارات وغيرها من المنقولات والأسهم والسندات بجميع أنواعها، وبيعها، وتداولها، والتعامل بها، ورهنها، والتصرف بها على أي نحو يحقق مصلحة البنك. وفي الفقرة ط- إقرار برامج لتشجيع المواطنين والمؤسسات الفردية والشركات على ادخار أموالهم لدى البنك لاستثمارها في تحقيق أهداف البنك مع ضمان تسديدها في وقت طلبها. وهذه الأعمال المالية في حاجة إلى نظر من فقهاء مختصين في المعاملات المالية، لينظر في موافقتها المادة الخامسة، وعند عدم موافقتها يُبحث عن بديل مناسب.

ومن أعظم التحديات عدم وجود إدارة لتطوير المنتجات التمويلية للمستفيدين، ويمكن للبنك التعاقد مع جهة مختصة خارجية ريثما يتم تكوين فريق مناسب للتطوير.

كما يلحظ أن المنتجات الادخارية للبنك غير فاعلة، ويمكن تطوير أدوات تمويلية موافقة للشريعة لتحقيق أهداف البنك، التي أكد عليها المنظم، ووضع هدف الادخار في مسمى البنك، وهذه المنتجات موجودة متوافرة، ويمكن الاستعانة بالجهات الخارجية لتسريع ذلك.

ومما يلحظ على البنك أنه لا يقدم الخدمات الاستشارية للمستفيدين بطريقة تلبي احتياج رواد الأعمال، وأهم هذه الخدمات:
– دراسات الجدوى الاقتصادية لمشروع رائد الأعمال بطريقة احترافية.
– الخدمات القانونية من تأسيسٍ للشركات، والمصانع ونحوها.
– الخدمات المحاسبية، بدراسة ميزانية رائد الأعمال، وإعانته في إعداد ميزانيته واحتساب المدفوعات والإيرادات.
– عدم تفعيل البنك طريقة التمويل بالمشاركة، وفي مشاركته تحفيزٌ لصاحب المشروع للعمل بجد، وفيها قوة رقابة لنشاطه، ومد يد العون له في اتخاذ القرارات، وقد شهدت النماذج المشابهة في دول متعددة أن تمويل رأس المال الجريء حقق نتائج مبهرة.
– وضع البنك حداً للتمويل، ومع ارتفاع أسعار الإنشاءات والعمالة وتكاليف التأسيس، أعتقد أنه يجب إعادة النظر في الحد الأعلى للتمويل خصوصاً في المدن الكبرى ذات الإيجارات المرتفعة.
– كما أن الموقع الإلكتروني للبنك السعودي يحتاج إلى مراجعة لمحتواه، وتطوير لخدماته، فهو مملوء بالأخطاء الإملائية، ولا يوجد فيه نص نظام تأسيس البنك، ولا لائحته، كما أن إضافة التعميمات والقرارات مهم للمطلع على الموقع.
الجميع متفائل بالقيادة الجديدة للبنك، وننتظر التغيير والتطوير بشغف وتلهف، وسنراه بمشيئة الله.
 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية