اطبع هذه الصفحة


حول اشتراط صاحب العقار على المستثمر أن ينهي مشروعه خلال سنة، وإلا انفسخ العقد، ومرت سنة ولم يكتمل المشروع

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد بن عبدالله وعلى آله وسحبه ومن والاه أما بعد:
فإن من الغرائب أن تجد بعض الشروط في عقود الاستثمار العقارية، والتي يرضخ لها المستثمر لاستبعاده أن يخل بها، فإن وقع الفأس في الرأس بحث عن مخرج، ومن عجيب الشروط ما سأله أحد المستثمرين عن اشتراط في عقد الاستثمار مفاده أن على مستأجر الأرض أن ينهي مشروعه خلال سنة، وإلا انفسخ العقد، ومرت سنة وقد تم نصف المشروع، وخسر فيه الكثير، ويبحث عن مخرج.
والجواب أن الشرط لا يصح عند أكثر العلماء، لقوله  صلى الله عليه وسلم  :" من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل"([1]). وقد قرر الفقهاء أنه إنما يراعى من الشروط ما يكون مفيدا([2]). وقرروا أن جواز الشرط في العقد للانتفاع به لا للضرر بغيره([3]). وأن كل شرط يخالف موجب العقد مفسد للعقد([4]). وعبر عنها بعض الفقهاء بأنه لا يصح اشتراط ما ينافي مقتضى العقد([5])، بل نقل اتفاق الفقهاء على بطلان كل شرط يخالف مقتضى العقد([6]).

وقرر الفقهاء أن ما كان من موجب العقد لا يصح نفيه بالشرط([7]). وهذا يدل على أن الشروط ليست متاحة على الإطلاق كما هو شائع عند الكثيرين. ولو فرض أن الشرط صحيح، فإنه يجب مراعاة الشرط بقدر الإمكان([8])، وعند وجود صعوبات من جهة تغير أسعار السوق فإن هذا السبب مانع حقيقي من الالتزام بالشرط.

وعلى فرض صحة الشرط ووجوب تنفيذه فإن الانتهاء من الأكثر كاف لتطبيق الشرط، فقد قرر الفقهاء أن للأكثر حكم الكل([9])، وأن ما قارب الشيء أعطي حكمه([10]).

ويستدل على كون النصف هو الحد الفاصل بين القلة والكثرة بما نقله الباجي عن بعض البغداديين أن النصف قليل محتجا بآية المزمل : " قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا " [ المزمل : 2 – 3 ]. ذكر أهل العلم أن للأكثر حكم الكل([11])، وأكدوا أن ما قارب الشيء أعطي حكمه([12]). ويحدد بعض العلماء بأن ما زاد على النصف الفارق بين القليل والكثير، ويستدل على كون النصف هو الحد الفاصل بين القلة والكثرة بما نقله الباجي عن بعض البغداديين أن النصف قليل محتجا بآية المزمل : " قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا " [ المزمل : 2 – 3 ]. فيكون الكثير هو ما زاد على 50% على هذا القول.إلا أن الذي يظهر لي أن هذا يكون مرجحاً، ولا يمكن تطبيقه في حال كون الشرط صحيحا، وللمتعاقد فيه مصلحة كمن اشترط على مقاول أن يبني بيتا خلال 360 يوماً، وبعد ذلك تفرض غرامة تأخير عن كل يوم بألف ريال، فلا يصح للمقاول أن يدفع باكتمال أغلب المبنى وأنه المتبقي منه قليل، هذا لا يقبل منه، لكن في مثل القضية المبحوثة يمكن ذلك، وتكون للاستئناس.

وليت الإخوة المتعاملين بأنواع التجارات يهتمون بالمشورة القانونية قبل الدخول في العقود حماية لأنفسهم وإراحة للمرفق العدلي من النزاعات اللاحقة، لأن الدقة والوضوح في البدايات راحة في النهايات.
 

----------------------------------------------------
([1])  رواه البخاري في صحيحه 5/187 ومسلم 2/1141..
([2]) المبسوط 19/160.
([3]) المبسوط 12/199.
([4]) المبسوط 16/36.
([5])  مجلة الأحكام م 1820.
([6])  الموسوعة 16/13.
([7])  شرح الجصاص لمختصر الطحاوي 1/183.
([8])مجلة الأحكام م 1820.
([9])موسوعة القواعد للندوي رقم 463
([10])موسوعة القواعد للندوي رقم 468
([11])موسوعة القواعد للندوي رقم 463
([12])موسوعة القواعد للندوي رقم 468


 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية