اطبع هذه الصفحة


حكم تزويج المرأة نفسها

كتبه عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 01/04/1442هـ

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فقد سألني أحد الإخوة عن الزواجات العرفية، بأن يخطب رجل امرأة، ثم تقول له: زوجت نفسي بمهر قدره عشرة آلاف ريال، ويقول الزوج قبلت هذا الزواج، ويشهد شاهدين على ورقة تتضمن هذا الأمر، دون توثيق من المأذون أو المحكمة المختصة، ودون علم من أهلها، فنبهته للمخاطر الاجتماعية، وأنه يعرض نفسه للعقوبة بذلك، فطلب الرأي الفقهي فأقول  باختصار: 


1) من المقرر عند جماهير الفقهاء أن المرأة لا تزوج نفسها، لقوله تعالى:" وأنكحوا الأيامى.."(النور:33)، وقوله سبحانه:" ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا..."(البقرة:222)، فخاطب بالنكاح الرجال ولم يخاطب النساء. وحديث أبي موسى قال: قال صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي"[1]. وحديث عائشة قالت: قال صلى الله عليه وسلم:" أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها ، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"[2]. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوج المرأةُ المرأةَ ولا تزوج المرأة نفسها" أخرجه ابن ماجه بسند جيد رجاله ثقات وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

2) ويشترط في الولي توافر ستة شروط وهي: الذكورية والحرية والبلوغ والعقل واتفاق الدين والرشد.

3)
 ويحدث في كثير من الدول أن الولي يعلم بالخاطب ولا يمانع، ولا يباشر التزويج، وقد قرر الفقهاء الحنابلة إنه إن زوجت المرأة نفسها بإذن وليها فلا يصح ذلك لعموم حديث:" لا نكاح إلا بولي". والقول الثاني وهو تخريج عند الحنابلة أن لها ذلك لحديث:" أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها ..."، فمفهومه أنها إن أنكحت نفسها بإذن وليها فنكاحها صحيح.

4)
فإن كان الزوج والزوجة والقاضي يعتقدون بصحة الزواج بلا ولي، أو أنهم ينتسبون لمذهب يصحح ذلك كمذهب الحنفية، وكان القضاء الشرعي في إحدى الدول يحكم بصحة تزويج المرأة بلا ولي، وحكم بصحة تزويج امرأة نفسها بغير ولي، فلا يجوز نقضه، هذا هو الصحيح عند الحنابلة وقدمه في المغني والشرح[3].
ومستند القول باشتراط اعتقاد الزوجين والقاضي بصحة الزواج بلا ولي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار» . متفق عليه، وقد قال ابن قدامة – رحمه الله - : [فصل وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته] ([4]) .

5)
فإذا حصل عضل من الأولياء أو كانت المرأة غائبة عنهم أو كانت مسلمة وليس لها ولي مسلم فيكون القاضي الشرعي هو الولي للمرأة وهذا بلا خلاف، فللسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم الولي أو عضله. ومستند قوله صلى الله عليه وسلم:" فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". وروى أبو داود عن أم حبيبة أن النجاشي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تحته. والسلطان هو الإمام أو الحاكم أو من فوض إليه ولي الأمر هذه الأمور.

6)
والمقصود بالعضل : منع المرأة من التزوج بكفئها إذا طلب ذلك ورغب كلٌّ منهما في صاحبه. وتعليل انتقال الولاية من القريب العاضل إلى من يليه القياس على ما إذا بطلت ولاية القريب بجنون أو فسق.

7)
 والغيبة المعتبرة هنا هو ما يتعارف الناس بينهم فتستضر المرأة ويذهب الأكفاء من الخطاب إذا انتظر إذن الولي القريب. وهذا يكثر في المسلمات اللاتي يعشن في بلاد بعيدة عن بلادهن.

8)
 وإذا لم تجد المرأة وليا مسلما ولا سلطانا فإنه يزوجها رجل عدل بإذنها [5].

----------------------------------------------------------
[1] رواه أحمد 4/394 وأبو داود (2085) والترمذي (1101) وصححه أحمد وابن المديني وغيرهما.
[2] رواه أحمد 6/47 وأبو داود (2083) والترمذي وحسنه (1102) وابن ماجه، وصححه الحاكم 2/168.
[3] الشرح الكبير 20/160. وفي النسخة القديمة 7/411، وقال فيه: لأنها مسألة مختلف فيها ويسوغ فيها الإجتهاد فلم يجز نقض الحكم به
([4]) المغني 10/53.
[5] الشرح الكبير 20/172.

 

 

  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية