صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







انصحني ولا تفضحني

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وبعد فالنبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد أو رأى أو سمع خطأ من أحد صحابته رضوان الله عليهم في قول أو فعل صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له ثم يقول ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا 0000 ) ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يصرح بالأسماء لأنه يعلم أن التصريح بأسماء المخطئين فيه يؤثر في نفوسهم ، ويسبب لهم الحرج أمام إخوانهم ، نعم لم يذكر اسما ، ولم يشر بإصبعه الطاهرة إلى أحد ، بل ولم يلمح لشخص المنصوح من لا قريب ولا من بعيد ، فيا له من هدي نبوي يعجز عنه الآخرين ، وخلق تميز به صلى الله عليه وسلم فلا أحد يجاريه به 0
كما أبدع الإمام الشافعي في النصح مستندا في ذلك للهدي النبوي فقال :
تعمـــــــدني بنصحك بانفراد ،،،،، وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النــصح بين الناس نوع ،،،،، من التوبيخ لا أرض استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي ،،،،، فلا تجزع إذا لم تعط طـــاعة
ففي موقع إسلام ويب : إن للنصيحة شأن عظيم في حياة الفرد والأمة على حد سواء , فهي أساس بناء الأمة , وهي السياج الواقي بإذن الله من الفرقة والتنازع والتحريش بين المسلمين ، هذا التحريش الذي رضيه الشيطان بعد أن يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ,كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب , ولكن في التحريش بينهم ) . لقد رضي بالتحريش لأنه بداية طبيعية للعداء والتفرق والتنازع , المؤدي إلى الاقتتال وذهاب الريح ، وأعظم حديث جامع يبين مفهوم النصيحة الشرعية وحدودها , الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن تميم الدَّاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ثلاثا , قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ) ، فهذا الحديث له شأن عظيم , فهو ينص على أن عماد الدين وقوامه بالنصيحة , فبوجودها يبقى الدين قائما في الأمة , وبعدمها يدخل النقص على الأمة في جميع شؤون حياتها ، وقد كان منهج أنبياء الله ورسله مع أممهم مبنياً على النصح لهم والشفقة عليهم ، لأن النصيحة كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له , ولا يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غير هذه الكلمة 0
يشترط لبذل النصيحة ثلاثة أمور :
الأول : الإخلاص لله تعالى في النصيحة , يتجرد الناصح فيها عن الهوى والأغراض الشخصية والنوايا السيئة التي قد تحبط العمل , وتورث الشحناء وفساد ذات البين .
الثاني : الرفق في النصح ,وإذا خلت النصيحة من الرفق صارت تعنيفا وتوبيخا لا يقبل ، ومن حرم الرفق فقد حرم الخير 0
الثالث : الحِلْم بعد النصح , لأن الناصح قد يواجه من يتجرأ عليه أو يرد نصيحته , فعليه أن يتحلى بالحلم , ومن مقتضيات الحلم : الستر والحياء وعدم البذاءة , وترك الفحش .
وإن من الحكمة والبصيرة في النصيحة معرفة أقدار الناس , وإنزالهم منازلهم ، والترفق مع أهل الفضل والسابقة , وتخير وقت النصح المناسب , وتخير أسلوب النصح المتزن البعيد عن الانفعالات , وانتقاء الكلم الطيب والوجه البشوش والصدر الرحب ، فهو أوقع في النفس وأدعى للقبول وأعظم للأجر عند الله .
فهذه هي حدود النصيحة الشرعية , وخلاف ذلك هو الإرجاف والتعيير والغش الذي هو من علامات النفاق عياذا بالله , قال على رضي الله عنه : " المؤمنون نصحة والمنافقون غششة " ، وقال غيره : " المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير" .
وقال فتحي عبد الستار : يجب أن تكون النصيحة سرًّا بينك وبين المنصوح، وليستعلانية؛ فقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "مَنْ وَعَظَ أخَاهُ سِرًّا فقد نَصَحَه وزَانَه، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وشَانَه". وتأكد أنالنصيحة العلنية لا تؤتي ثمارها الطيبة، وإنما تخرج عن كونها نصيحة إلى كونهااستفزازًا للمنصوح وإشعاره برغبتك في فضحه أمام الآخرين، وتسيطر عليه هذه المشاعر؛مما يجعل أذنيه وقلبه لا تلتفت للمعنى الطيب الذي تشتمل عليه النصيحة؛ مما يجعلهيأخذ موقفًا مضادًّا. وتذكر أن الهدف من النصيحة هو تصحيح العيوب والأخطاء لدىالأفراد، وليس إشاعة أفعالهم السيئة أو فضحهم، وطالما عمر بن الخطاب ـرضي الله عنه ـ دعا ربه قائلاً: "رَحِمَ الله امرأً أهْدَى إليَّ عيوبي"،وقوله هذا يدل على أنه يعتبر تذكيره بعيوبه هدايا، وأنها ليست هدايا قيمة فقط،لكنها ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، ولا سيما في الوقت الحاضر0
أخي الناصح :
إن أردت أن تنصحي فهذا حقي كمسلم عليك بأن تقدم لي النصيحة لأن المؤمن يحب لغيره ما يحب لنفسه ، ولكن كما أنك لا ترضى بالتجريح لشخصك فكذلك الناس لا يرضون بذلك وأنا وأنت منهم ، وإن كنت لي ناصحا فلا تفضحني أمام الآخرين بل أنصحني في الوقت المناسب والمكان المناسب وبالأسلوب المناسب أكن لك شاكرا ، ولنصحك مقدرا ، ولفضلك مأسورا ، فالشافعي إمام الأمة والأئمة قال :
تعمـــــــدني بنصحك بانفراد ،،،،، وجنبني النصيحة في الجماعة
نعم اجعل نصيحتك لي بعيدة عن أنظار الناس وأسماعهم لأن :
فإن النــصح بين الناس نوع ،،،،، من التوبيخ لا أرض استماعه
النصيحة المعلنة وأمام الغير ليست بنصيحة بل فضيحة مغلفة بغلاف النصيحة وهذا مما لا ترضاه النفس البشرية ولا أحد من البشر يرضاه لأنه توبيخ لا ترغب بسماعه الآذان ، فإن خالف وفعلت فتحمل :
فإن خالفتني وعصيت قولي ،،،،، فلا تجزع إذا لم تعط طـــاعة
فإن خالفت هذا النهج النبوي الكريم فلا تتوقع مني سمعا ولا طاعة ، بل ولا تتوقع مني احتراما وتقديرا لك ، بل كن حذرا فقد أغضب فأسمعك ما لا ترضى بسماعه
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية