اطبع هذه الصفحة


سوء الظن بالآخرين

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
لقد دعا الإسلام إلى الأخلاق الفاضلة ، والآداب السامية ، ونهى وزجر عن الأخلاق السافلة والأفعال الساقطة ومنها سوء الظن الذي هو اعتقاد جانب الشر وترجيحه على جانب الخير فيما يحتمِلُ الأمرين معاً ، وحكمه : أنه من الكبائر الباطنة قال ابن حجر : وهذه الكبائر مما يجب على المكلف معرفتها ليعالج زوالها لأن من كان في قلبه مرض منها لم يلق الله والعياذ بالله بقلب سليم , وهذه الكبائر يذم العبد عليها أعظم مما يذم على الزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها من كبائر البدن وذلك لعظم مفسدتها , وسوء أثرها ودوامه إذ إن آثار هذه الكبائر ونحوها تدوم بحيث تصير حالاً وهيئة راسخة في القلب , بخلاف آثار معاصي الجوارح فإنها سريعة الزوال , تزول بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية ، ومن أشد الآفات فتكًا بالأفراد والمجتمعات آفة سوء الظن ، لأن وجودها يقضي على روح الألفة والمحبة بين الناس ، وتقطع أواصر المودة ، وتولَّد الشحناء والبغضاء بين الإخوان والأصحاب ، إن بعض مرضى القلوب لا ينظرون إلى الآخرين إلاَّ من خلال منظار أسود ، وقلب حاقد ، الأصل عندهم اتهام الناس ، وهذا الفعل مخالف لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولهدي السلف الصالح رضي الله عنهم ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إياكم والظنّ ؛ فإن الظن أكذبُ الحديث ) ، ومن هدية صلى الله عليه وسلم إحسان الظن بالآخرين ، بل كان يعلم أصحابه ذلك ، أما السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين ، فقد ترفعوا عن هكذا خلق ذميم ، فنجدهم يلتمسون الأعذار لإخوانهم المسلمين ، القاص منهم والدان ، حتى قال بعضهم : إني لألتمس لأخي المعاذير من عذر إلى سبعين ، ثم أقول لعل له عذرًا لا أعرفه ، فأين نحن من هؤلاء ، هل هم خلق خاص أم هم مثلنا خَلْقاً لا خُلقاً ، لأن سوء الظن من خصال الشر التي حذر منها القرآن والسنة ، فالأصل حمل المسلم على الصلاح، وأن لا تظن به إلا خيرا، وأن تحمل ما يصدر منه على أحسن الوجوه ، وإن بدا ضعفها ، تغليبا لجانب الخير على جانب الشر 0
سوء الظن قسمان كلاهما سيئ وهما :
1- سوء الظن بالله وهو من الكفر والعياذ بالله 0
2- سوء الظن بالمسلمين وهو من كبائر الذنوب ، وعظائم الأمور ، فمن حكم على غيره بشر بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه والتجسس عليه ، وكلها مهلكات منهيٌ عنها 0
قال بعض العلماء : وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالبًا لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه ، وسوء طويته ؛ فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه ، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه 0أخي الحبيب : إن مما يجب التحذير منه : ما يتصل باتهام النيات ، والحكم على السرائر ، وإنما علمها عند الله ، الذي لا تخفى عليه خافية ، ولا يغيب عنه سر ولا علانية ، وينبغي أن نقدم دائمًا حسن الظن ولا نتبع ظنون السوء فإنها لا تغني من الحق شيئا 0
هناك أسباب تعين على حسن الظن منها :
1- الإكثار من الدعاء 0
2- إنزال النفس منزلة الخير 0
3- حمل الكلام على أحسن المحامل ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً ) 0
4- التماس الأعذار للآخرين 0
5- تجنب الحكم على النيات 0
6- عدم تزكية النفس 0


 

محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية