اطبع هذه الصفحة


فقد الأحبـــــة

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


في مقتبل العمر ولمّا أتجاوز الحادية عشر من عمري فقدت والدي ففقدت معه الأبوة والحنان ؛ وطيب النفس والأمان ؛ فقدت المربي والموجه ، فعشت حياة اليتم كاملة ؛ إلا أن ربي كريم فقد ترك لي أما حانية ؛ مشفقة عليّ وراعية ؛ وتوالت الأيام بين صبر ومصابرة ؛ هم وضيق وفرج وانفراج ؛ وهكذا هي الدنيا ؛ فرح وترح ؛ ضحك وحزن ، وعلو وارتفاع ، قال الشاعر :

حكم المنية في البرية جــاري ،،،،، ما هــــــذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبـرا ،،،،، حتى يرى خبرا من الأخبار
جبلت على كدر وأنت تريدها ،،،،، صفوا مــن الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعهــــا ،،،،، متطلب في المــاء جذوة نار

وتتوالى اﻷحداث والرزايا ؛ تمحيصا وابتلائا ؛ صقلا وتنقية ؛ لا للجزع وإنما الندم والإنابة ؛ نفقد الأحباب والأقرباء ، واحدا تلو الآخر ؛ إما بحادث ، أو مرض ، أو كبر سن ؛ ومالنا من الصبر بدا ؛ إيمانا وطاعة ؛ محبة وكرامة ؛ إلى أن عظمت الرزية ؛ وكبرت البلية ؛ أخلدتني إلى الأرض ؛ وفاة مدخل جنتي ومفتاحها ؛ من صَبَرتْ لأجلي فتحملتني صغيرا وكبيرا ؛ بل تعتني بي وتهتم لأمري وأنا أب ؛ فإنني في نظرها وإن لاح الشيب في عارضي ما زلت صغيرا ؛ تهتم لسفري ؛ وتغتم لتأخري ؛ إنها من حملتني تسعة أشهر في بطنها ؛ وسنوات على ظهرها ؛ إنها الأم التي ليس لها مثيل ؛ والعطف الذي ليس له شبيه ، إنها جنة الله في أرضه ، وتتوالى الرزايا ؛ فأفقد شقيق النفس والروح ؛ صديق الود والأنس ، لطيف المخبر والمعشر ، في حادث خاطف ؛ بلا مقدمات أو تنبيهات ؛ فالحمد لله على قضائه وقدره 0
هكذا هي الدنيا ، إننا في رحاها ندور ، وعلى عجلات زمنها نصول ونجول ، نشيع ميتا ، ونزور مريضا ، نبارك لمتزوج ، ونهنئ بمولود ، وموظفا ارتقى في وظيفته ، وطالبا تخرج في كليته ، أو عائدا من بعثته فرحا مسرورا ، اللهم لك الحمد إذا قدرت لطفت ، وإن ابتليت بالصبر جملت وسترت ، اللهم لك الحمد أن جعلتنا لك شاكرين ، وإليك دائما منيبين ، وبفضلك وجودك ذاكرين ، ولك مسبحين مخبتين ، اللهم لا تفتنا في ديننا ولا أموالنا ولا أولادنا ولا أزواجنا واجعلنا من التوابين الأوابين الحامدين 0

 

محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية