اطبع هذه الصفحة


علاقة التسول بالارهاب

 

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى أله وصحبه والتابعين أما بعد

قتل الفقر

قال حكيم ( لو كان الفقر رجلا لقتله ) ، يُعَد الفقر من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان وتدفعه إلى الحاجة لغيره ، وإنقاص قدره ومنزلته عند الناس ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفقر، وقد قرَن بينه وبين الكفر في دعاء واحد ؛ فقال ( اللهم إني أعوذ بك من الكُفر والفَقر ) ، ونصح لقمانُ ابنه فقال : يا بني استعِنْ بالكسب الحلال على الفقر؛ فإنه ما افتقر رجلٌ قط إلا أصابته ثلاثُ خصال : رقَّةٌ في دِينه ، وضعفٌ في عقله ، وذهابُ مروءته ، وأخطر مِن هذه الثلاث : استخفافُ الناس به 0

محاربة الفقر بالعمل

لقد وضَع الإسلامُ منهجًا قويمًا يحارب به الفقر، ويحمي المجتمع من خطرِه وأضراره ؛ فدعا إلى العملِ ورغَّب فيه ، ثم فرض الزكاة على الأغنياء ، ورغَّب في الصدقات لمساعدة الفقراء ؛ وحمايتهم من آلام الفقر 0

ظاهرة التسول

لقد ارتبط بِدَاءِ الفقر ظاهرةٌ خطيرة انتشرت في المجتمعات الإسلامية بشكلٍ سرطاني مدمِّر، وهي ظاهرة التسول ، والغريب أن التسوُّل لم يعُدْ يقتصر على الفقراء فقط ، بل وُجِدَ بعضَ القادرين على العمل من قد استسهل التسول والاحتيال على الناس بكافة الطرق والوسائل ، والمتسول إنسان حقّر نَفْسَهُ ، وأراق ماء وجْهِهِ ، واستغنى عن كرامته وحيائه ، ومد يديه للناس أعطَوْه أو منعوه ، وإذا كان هناك إنسان يعجِزُ عن العمل ولا يجد قوتَ يومه ، فهذا له عذره في الحاجة إلى الناس ، ولكن ما بال هذا القادر على العمل يقبَلُ على نفسه الاحتقارَ والذلَّ والمهانة ، ويتكفَّف الناس 0

الاسلام يحارب التسول

الإسلام حارب هذه الظاهرة حربًا لا هوادة فيها ، وبالَغ في النهي عنها ، وعنِ الصدقاتِ ومستحقيها قال تعالى ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ ، أي : إن الصدقة ليست لهؤلاء المتسولين القادرين على العمل ، ولكنها للفقراءِ الذين لا يستطيعون السعيَ في طلب الرزق ، أما القادر على العملِ فلا تحلُّ له الصدقةُ ؛ لحديث ( لا تحلُّ الصدقةُ لغني ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ ) ، أي : صاحب القوة الجسدية ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التسول فقال ( ما يزال الرجلُ يسأل الناسَ حتى يأتيَ يومَ القيامة وليس في وجهِه مُزعةُ لحمٍ ) ، وقال ( لا يفتحُ عبدٌ بابَ مسألة إلا فتَح اللهُ عليه بابَ فقرٍ ) 0
النبي صلى الله عليه وسلم يحُثُّ الناس على الكسبِ الحلال مهما كان نوعُه ، ولا يلتفت لنظرة الناس له ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل فقير يتسول ( اذهب فاحتطب وبِعْ ، ولا أَرَيَنَّكَ خمسةَ عشر يومًا ، فذهَب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاءه وقد أصاب عشَرة دراهم ، فاشترى ببعضها ثوبًا ، وببعضها طعامًا ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ( هذا خيرٌ لك من أن تجيء المسألةُ نكتةً في وجهِك يوم القيامة ، إنها المسألةَ لا تصلح إلا لثلاثة : لذي فقرٍ مدقعٍ ، أو لذي غُرْمٍ مُفظِع ، أو لذي دمٍ ) 0

حكم التسول

حرّم العلماء التسوّل بغير ضرورة أو حاجة مهمّة ، وقالوا : إن الأصل في التسول التحريم ، لأنه لا ينفكّ عن ثلاثة أمور محرّمة :
الأول: إظهار الشكوى من الله 0
الثاني: أن فيه إذلال السائل نفسَه لغير الله تعالى
الثالث: المتسول يؤذي المسؤول 0
التسول ظلم في حق الربوبية
اعتبر ابنُ القيم التسوُّل ظلمًا في حق الربوبية ؛ لأن بذلَ السؤالِ لغير الله نوعُ عبودية ، وظلمًا في حق المسؤول ؛ لأنه يعرِّضه لمشقَّةِ البذلِ أو لوم المنع ، وظلمًا لنفس السائل ؛ لأنه يُريقُ ماء وجهه ، ويُذلُّ نفسه لغير خالقه ، ويرضى بإسقاط شرَفِه وعزِّه وتعفُّفِه ) ، فعلينا محاربُة هذه الظاهرةَ المرَضِيَّة ؛ حتى يحرصَ كلُّ إنسانٍ على العمل والكسبِ الحلال ، ويبتعدَ عن البَطالةِ والتعطُّل ، وتكفُّفِ الناس والحاجةِ إليهم 0

التسول أصبح ظاهرة

ظاهرة التسول بدأت بالتزايد ، وهذا مدعاة للخوف من انتشارها بين أفراد المجتمع ، فقد تكون سبباً في حدوث مشكلات أمنية واجتماعية واقتصادية وصحية ، وتعاطف الناس مع هذه الفئة ، قد يحيلها إلى مرض خطير يهدد المجتمع 0

العلاقة بين التسول والإرهاب

علاقة التسول بالإرهاب علاقة قوية ومخيفة ، فالتسول أحد أهم الروافد المالية لتمويل العمليات الإرهابية ، فقد كشفت إفادات خبراء أمنيين في السعودية ، ومهتمين بمكافحة ظاهرة التسول ، عن وجود علاقة تمويلية بين شبكات وعصابات التسول وخصوصاً تلك التي تنشط في شهر رمضان ، وبين العمليات الإرهابية ، كما صرحت وزارة الشؤون الاجتماعية بوجود عصابات تسول في السعودية ، وأكد خبير أمني على وجود شبكات للمتسولين يمولون العمليات الإرهابية ، واستخدام تلك المبالغ التي يجمعونها في إخلال الأمن 0

تحذيرات أمنية

حذرت وزارة الداخلية من التعاطف مع المتسولين ، وعدم تقديم أي وسيلة مساعدة لهم حتى لا يستغل هذا الأمر في دعم أي جماعات مشبوهة من خلال ما يتلقونه من أموال ، قال أحد الكتاب السعوديين : الإشكال الأكبر في ظاهرة التسوّل ليس في سرقة أموال الناس بالباطل أو تشويه صورة المجتمع حضارياً، إنما يذهب إلى أبعد من ذلك وهو تمويل المنظمات الإرهابيّة في الداخل والخارج ، وهنا يتحوّل التسوّل من مشكلة اجتماعيّة إلى مشكلة أمنيّة أشد خطراً على المجتمع ، وهذا ما يفسّر حيازة الإرهابيين للأموال الضخمة عندما القبض عليهم ، إذ يشكل التسول أحد أبرز مصادر التمويل حسب تقارير جهات دوليّة رسميّة 0

نداء مجتمعي

اياكم والتعاطف مع متسول مجهول ، فالمتسولون استخدموا كل وسيلة لنهب أموال الناس ، والدولة وفقها الله حذرت من هؤلاء ، لأن التسول حرام شرعاً ، ممنوعٌ نظاماً ، إلا لمحتاج ، والدولة وفرت للمحتاج الذي لا يقدر على العمل جهات رسمية تقوم على مساعدته كالضمان والجمعيات الخيرية وغيرها ، وأنت أيها المتبرع لا تضع مالك إلا بيد من يستحقه ، فانتبه ولا تكن عوناً لإرهابي يسلبك مالك بالعاطفة الخادعة ، أو لكاذب ينفق ما سلبه منك في الحرام ، فالمسلم كيس فطن ، لا يتبرع إلا بعد التأكد من شرعية ونظامية تبرعه 0


كتبه
محمد فنخور العبدلي
القريـــــــــــات

 

محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية