اطبع هذه الصفحة


الفضائيات وأثرها على الطلاب والأطفال

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبــعـــد
في هذا المقال لن أتطرق فيه لحكم الأطباق الفضائية أو لمعروضاتها لأنكم بعقولكم تميزون بين الغث والسمين ، وبين الصالح والطالح ، وبين الحلال والحرام ومن لا يميز أو لا يرغب بالتمييز فسوف يعض أصابع الندم في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعاً ، ولكني سأنحى بمقالي هذا منحاً آخر ألا وهو تأثير هذه الفضائيات على الأطفال والطلاب تحديدا 0
إن التقدم العلمي والتقدم التقني وتقدم الآلات والمصنوعات من سمات هذا العصر الذي نتقلب في كنفه ونصارع أيامه ولياليه , نعيشه بحلوه ومره كما يقال , فوجود الأقمار الاصطناعية أصبح ضرورة علمية حتمية لا بد منها شئنا أم أبينا ، ولا يقبل الجدل فيها لأنها أصبحت من ضروريات الحياة وتساعد في المزيد من الاكتشافات العلمية ، النافع منها والضار على حد سواء ، ( ولكل وجهة هو موليها ) ( البقرة : من الآية 148 ) ، ولكن لا يمكن لدولة أو مجتمع أو فرد أن يعيش بمنأى عن الواقع الإعلامي الحالي وفوائده الكثيرة التي لا حصر لها إذا وجهت وجهة صحيحة سليمة ، حيث يتم عن طريقها نقل ما توصلت إليه الشعوب من تقدم أو انحطاط في آن واحد ، وإن كان من المفترض أن تسعى هذه الفضائيات إلى إصلاح الشعوب والأفراد مع أمتاعهم والترويح عنهم وفق ضوابط محدده مع إثراء المعلومات وتوسيع المدارك ، ولكن الواقع غير ذلك فقد جاء في تقرير اليونسكو ما يلي ( إننا نعتقد أن ما يعرف باسم التدفق الحـر للإعلام هو في حقيقة الأمر تدفق باتجاه واحد وليس تبادلا حقيقياً للمعلومات ) ، لذا نجد أن لتعدد القنوات الفضائية آثارا سلبية لا تخفى , حتى أصبح البث المباشر هو أخطر وسائل العصر توصيلا للكبار والصغار على حد سواء ، وأشد تأثيرا على تقاليدهم وثقافتهم ودراستهم ودينهم وأسلوب حياتهم ونمط تفكيرهم , فهواجس الخوف التي نحس ونشعر بها نابعة من هذا الكم الهائل الوافد إلينا من حضارات الغرب التي تنافي قيمنا الإسلامية والعربية وعاداتنا وتقاليدنا ، إن هذه القنوات تلهب المشاعر مما تؤدي إلى تغيرات في نمط الحياة الاجتماعية والثقافية والسلوكية والنشاطات اليومية مثل المطالعة الحــرة والقراءة والبحث والكتابة ، وغيرها من الأعمال الضرورية كإهمال حاجيات المنزل والدراسة والمذاكرة وغيرها ، إن تعدد القنوات الفضائية دفع الأطفال إلى حالة من الإدمان والهستيريا فأصبحوا لا يطيقون الابتعاد عن جهاز التلفاز أو الاستغناء عنه ولو لفترة وجيزة , إننا نرى الأطفال يقبلون على أفلام الكرتون بشغف شديد ونهم عجيب , دون رقابة واعية من الأهل , فالأم أو الأب يقولان اتركوه يشاهد ما يريد من أفلام الكرتون , ولو علم المسكينان حقيقة هذه الأفلام ومضمونها لتغير الواقع , فمن معروضات أفلام الكرتون أن شجرة تنبت من الأرض وتطول حتى تصل إلى قصر في السماء فل سألنا أنفسنا ما المراد بذلك , إنهم يقصدون بالقصر عرش الله ويقصدون بالرجل العملاق الغبي كما في الفلم الكرتوني الله عز وجل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , ومن المعروضات تلك الغيوم التي تتشكل على هيئة إنسان ضخم الجثة ، أبيض اللون ، يتكلم ويتحرك في الفضاء داخل الغيوم ، إنهم يقصدون الملائكة أخزاهم الله أنا يؤفكون ، بالإضافة إلى ذلك تعرض أفلام الجريمة فيتعلم الطفل الإجرام ، وتعرض أفلام الرعب فينشأ الطفل مرعوباً يحمل أمراضا نفسية وهذا ما يريده الغرب , وتعرض أفلام السحر والشعوذة والقوة الخارقة وتجاوز حدود العقل الخيال فينتج جيل مشعوذ يؤمن بالكفريات والشركيات ويحاول تغيير إرادة الله من خلال تطبيقها , وتعرض أفلام الديناصورات التي انقرضت ولن يخلقوا ذبابة , وتعرض أفلام الفضاء التي تتنبأ بعلم الغيب ومفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله , وتعرض أفلام الخلاعة والرقص والميوعة فينتج عنها جيل هابط لا يغار على عرض ولا يهتم بما يدور حوله من فساد , وإذا شاع الفساد شاعت الأمراض والأوجاع التي لم تكن من قبل من هربس وسيلان وإيدز وغيرها من الأمراض الجلدية والتناسلية ومما هو في علم الغيب 0
هذا واقع لابد أن نسلم به ولا تصح المكابرة أو المجادلة تبعا للهوى ، هذه المشكلة موجودة وهي واقع ملموس ظهر في المجتمعات الغربية ، وبدأت بوادره تظهر في المجتمع المسلم بشكل عام ومجتمعنا السعودي بشكل خاص 0
ألا تلاحظون لبس الشباب وكيفيته ، ألا تلاحظون لبس البنات وهتكه لسترهن , ألا تلاحظون انحطاط مستوى الطلاب وكثرة الرسوب , إن السبب هو الجلوس أمام القنوات الفضائية لساعات وساعات ثم ينام على مقاعد الدراسة ، واجزم أيضا أنكم تلاحظون بروز وظهور أذناب يحملون وينادون بأفكار علمانية دنسة ، منها تحرير المرأة والانحلال الفكري والأخلاقي والسيطرة المادية على فكرهم 0000 الخ 0
أن أوروبا تنبهت لخطر الفضائيات فقامت بعمل نظام أوروبي لحماية الهوية الثقافية الأوروبية حسب طبيعتهم , أن أحد رؤساء فرنسا منع شعبه من لبس الكوبوي لأنه لبس الشعب الأمريكي , كما أن وزير الثقافة الفرنسي ( جاك لانق ) شن حملة قاسية ضد القنوات الفضائية التجارية وقــال ( أنها أصبحت صنابير تتدفق منها المسلسلات الأمريكية ) ، ووزيرة الثقافة اليونانية اشتكت من أن بلدها قد داهمته الثقافة الأمريكية , فقامت اليابان بتدريس أبعاد الغزو الأمريكي على ثقافتها وقيمها وتفكير أبنائها ، وهكذا نجد أن كل دولة تسعى إلى أن تحافظ على شخصيتها الثقافية ، وإبقاء ذاتيتها ، والحرص على تميزها , فما لنا نحن المسلمون و أطفالنا , أين نحن من إدراك هذه المسؤولية , إن التحدي أصبح ماثلا أمامنا لا تراجع فيه , يجب التصدي له بصوره علمية ، وخطوات جادة نتحمل فيها جميعا مسؤولية أطفالنا ومستقبلهم وعاداتهم القرائية وهوية ثقافتهم , فيجب على الأسرة والمحيط الاجتماعي للطفل تحديد ما ينتقيه من برامج ، فعلى كل مرب أن يشعر بمسئوليته الخاصة والعامة حتى لا يعض أصابع الندم ، فيختار لهم القنوات النافعة والمفيدة والمرحة في آن واحد وهي الآن كثيرة ومميزة ولله الحمد والمنة 0
يقول أحد الآباء في مجلة الأمن ( إن دور الأسرة لا ينبغي أن ينتهي عند وضع الطفل أمام الجهاز ولا أن تنتظر من وسائل الإعلام أن تقوم بـدور المربي بالنيابة عنها وعليها أن تساعد أطفالها على اختيار ما يشاهدونه وعلى سلامة ما يختارونه ) , ويقول الكاتب عبد الرحمن عسيري ( لقد أصبح التحدي أمامنا فلا عزلـة ولا تراجع ولا خضوع , فيجب أن ندخل الحـلبة بقوة ثقافتنا الإسلامية ) ، والحمد لله وجد الآن من القنوات المحافظة الكثير 0
الواجب علينا أن نحدد موقعنا بحيث لا يقتصر على التلقي و الاستسلام أو على الرفض المطلق أو الحجب والتشويش ، ونحن نعيش في زمن نحتاج فيه إلى الإفادة من المعطيات النافعة للعصر , يجب علينا أن تكون عندنا القدرة على أخذ النافع وتطويره وحجب الضار عن أطفالنا ومراقبتهم وتحصينهم من آثاره ، وقبل ذلك يجب علينا حجب الضار عن أنفسنا وتحصين أنفسنا بالإيمان , فإذا أردت الصلاح لأطفالك و أسرتك فأصلح نفسك أولا ، وكن القدوة الحسنة لهم ، قال تعالى ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ) ( المائدة : من الآية 77 ) , وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم ( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا و إن ظلموا ظلمنا , ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ) رواه الترمذي 0
العلاج سهل لمن أحسن النية في صـلاح الذرية كالمتابعة والتوجيه والترغيب في معالي الأمور والتربية على الفضيلة ) هذا حلال وهذا حرام ) ، وتعويد الطفل على زيارة الصالحين ومجالستهم , وتأمين وسائل ترفيه منزلية مسموح بها شرعا في جميع الجوانب والاتجاهات سواء كانت مرئية أو مسموعة أو يدوية أو فكرية , المهم الأذن بها شرعا , وزيارة المكتبة وتعويده على القراءة والمطالعة الحرة والجلوس مع الأبناء تعليما وإرشادا وتوجيها ، وتأمين الأشرطة النافعة المفيدة مسموعة ومرئية ونحو ذلك مما هو مفيد ، وتأمين القنوات النافعة والمفيدة والمناسبة لأعمارهم , ( فالرجل راع في بيت أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ) 0

مقالة مستوحاة من عدة مقالات

 

محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية