اطبع هذه الصفحة


انتهينا... انتهينا

عبدالله بن أحمد الحويل
@alhaweel


* في عام 1920 م صدر قرارٌ حكومي رسمي بمنع الخمور نهائياً في الولايات المتحدة الأمريكية
وسخرت لتطبيقه كل الجهود الممكنة سياسياً واجتماعياً وإعلامياً
وكلنا يعرف أمريكا ماذا تصنع إذا أرتأتْ قراراً أو شرّعتْ نظاماً
ومع هذا الحشدِ الإعلامي والرسمي لتطبيقِ القرار إلا أن المجتمعَ جابهه برفضٍ شديد وقابله بتمنعٍ غاضب وصادمه بمظاهراتٍ عارمة
مما أدى إلى إلغاء القرارِ رسمياً في عام 1933م

* وفي عام 3 هـ نزلَ أمرٌ رباني بتحريم الخمر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْعَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
فاستجابتْ نفوسُ المؤمنين فوراً لأمرِ خالقها

* ولما قالَ سبحانه (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)
قالوا : انتهينا ربنا….انتهينا ربنا

* وسكبوا كلَّ مالديهم من الخمرِ حتى سالتْ به سككُ المدينة
بدون شُرطٍ ولا هيئاتٍ ولا فرقِ تفتيش

* هكذا تكون الاستجابةُ لأمر الله
وهكذا يكون اليقينُ بشرع الله
وهكذا يكون الانقيادُ لدينِ الله

* إنّ من تمامِ (العبودية) لله أن تسارع أيها المؤمن في الامتثالِ لأمر الله متغلباً على (هواك الآثم)
وداحراً لـ(شيطانك الغاشم)
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيك)

* لا تتباطأ
لا تتلكأ
لا تتردد
لا تتذرع بـ(خلافِ الفقهاء)
لا تتحجج بـ(نزاعِ العلماء)
وأنتَ تعلمُ –يقيناً في حنايا نفسك-أنك إنما تركبُ (مطيةَ الهوى) وتتــّزرُ بلباسـ (الشهوات)

* لقد تتبعَ رخصَ (الفقهاء) وزلاتِ(العلماء) أقوامٌ قبلك فأوْدوا بـ(حياةِ قلوبهم)
وأعطبوا (هدى أرواحهم)
وأطفأوا (نورَ إيمانهم)
فمازالوا في غيـِّهم يعمهون
ومابرحوا في ضلالاتهم يتخبـّطون

* يقولُ الإمام الشاطبي رحمه الله :
(تتبعُ الرخص =ميلٌ مع أهواء النفوس) الموافقات  145/4

*
والهوى أيها المؤمن أخطرُ صنمٍ يــُعبد من دون الله (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)

*
أيها المؤمنُ الصادق:
إن تتبعَ الرخص مخالفةٌ صريحةٌ لأصول الشريعة ومقاصدها، فشريعتنا العظيمة جاءتْ لتخرجَ الإنسان من (داعيةِ هواه) ونهتْ عن (اتباعِ الهوى).
وأما تتبعُ الرخص فهو عينُ (اتباع الهوى) الذي يهوي بإيمانِ المرء ويقدحُ في تقواه

*
إيها المؤمنُ الغيور:
إنّ (اختلافَ العلماء) ليس دليلاً من أدلة التشريع حتى تتذرع به لإباحةِ ماحرّم الله أو تتجرأ بسببه على مايغضب الله

*
وتأملْ في تجربةِ الإمام ابن الجوزي رحمه الله مع (الترخص) ثم اعتبر
يقول رحمه الله :
( ترخصتُ في شيءٍ يجوز في بعض المذاهب، فوجدتُ في قلبي قسوةً عظيمةً، وتخايلَ لي نوعُ طردٍ عن الباب، وبعدٌ، وظلمةٌ تكاثفتْ)
صيد الخاطر 304/2

*
أيها المؤمنُ النبيه:
دعكَ من كل أقاويل (أنصافِ المتعلمين) وهرطقاتِ (مفتوني الفضائيات)
وأجبني بصراحةٍ:
إذا قام الناس لرب العالمين
ورأيت الصراطَ على متنِ جهنم
ونــــُصب الميزان
وتطايرتْ الصحف
فأين يكونُ (الغناء –والإسبال-وكشف المرأة لوجهها-وحلق اللحية)
أفي ميزانِ الحسنات؟ أم في ميزانِ السيئات؟

* تأملها جيداً ثم اصرخْ بأعلى الصوتِ كما فعل صحابةُ نبينا صلى الله عليه وسلم :
انتهينا ربنا…انتهينا ربنا

عبدالله بن أحمد الحويل
1436/2/24

 

عبدالله الحويل
  • مقالات
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية