اطبع هذه الصفحة


بيتٌ لا (مكتبة) فيه = جياعٌ أهله!!

عبدالله بن أحمد الحويل
@alhaweel


* في أواخر عام 1981م ولدتُ في قريةٍ ريفيةٍ صغيرةٍ
صغيرة في مساحتها
صغيرة في سكانها
صغيرة في مشاغلها

* وكان منظرُ أكوامِ الكتب المكدسة في البيت يثيرُ فضولي الطفولي فأمضي سحابةَ نهاري أعبثُ بالكتب وأتلذذُ بتقليب صفحاتها (وربما تمزيقها).

* لقد منّ الله علي بوالدٍ مثقف، وقارىءٍ نهم فكنتُ أستيقظ صباحاً على حفيفِ أوراق الكتب وهي تتهادى بين يديه وكأن ترددها صدى صوت يتذبذب فى جو الهواء فيشنف الأسماع بإيقاعه، ويطرب الآذان برنينه.

* كنتُ أجلسُ بجانب والدي فأمسك أثيرته الساحرة مجلة العربي (أيام عزها) وأقلبُ صفحاتها بحثاً عن الصور (اللغة الوحيدة التي يمكن لطفل الثالثة أن يفهمها).

* ولما تعلمتُ القراءة كانت مكتبة والدي الأدبية هجّيراي في خلوتي، وأنسي في فراغي وماكنتُ كأقراني أحسن اللعب، أو أميل إلى اللهو ومازلتُ إلى اليوم لا أحسن ركل الكرة ولا أتقنُ فنون اللهو الشبابية الذائعة (كالبلوت والضومنة)

* قرأتُ في طفولتي كتباً كثيرة كـ(ألف ليلة وليلة) و(سيرة المهلهل) و(أساطير شعبية) و(البؤساء) لفيكتور هوجو و(أولاد حارتنا)لنجيب محفوظ و(قصص الأنبياء) للثعلبي والتهمتُ مطالعةً كل مكتبة والدي الصغيرة.

* ولن أنسَ ذكرى أول كتابٍ اشتريته بنفسي عندما نجحتُ في الصف الرابع الابتدائي فأكرمني والدي - متع الله بحياته- بمبلغ 50 ريال فهرولتُ منتشياً إلى قرطاسيةٍ قريبة من بيتنا واقتنيتُ كتاب (قصص القرآن) لمحمد قطب.

* وأعترفُ الآن بعد صحبة مع الكتب دامتْ 25 عاماً أن مكتبة والدي في البيت كانت الشرارة التي أشعلت نار الحب للكتب في قلبي، وأسست أركان الغرام الأسطوري للقراءة في نفسي.

* إن وجود المكتبة في البيت يساعد على تنشئة الأبناء على العلم والثقافة، ويعقد في قلوبهم رباط الود للكتب، ويزيل ركام الجفاء مع المطالعة.

* إن تأسيسَ مكتبة في المنزل سيصنعُ جيلاً مثقفا، وينتجُ شباباً واعياً

* المكتبةُ في البيت سرٌّ من أسرار الأنس والمتعة، وإني إذا لاعني همٌّ، أو ألمّ بي كدرٌ دخلتُ غرفةَ الكتب فماهو إلا أن أبصر استقامة صفوفها على الرفوف حتى أشعر بالابتهاج الطاغي، والنشوة الساحرة

* إنها لذةٌ يمكن أن تنسيك لذةَ العرس وتشغلك عن متعة النكاح!!
فهذا ‏الشيخ عمر بن سليم رحمه الله في ليلة زواجه نزل إلى المكتبة يبحث ويقرأ حتى أذان الفجر!!!

*وكان الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري إذا أصابه أرقٌ دخل مكتبته ويكتفي بالنظر إليها ومسح الغبار عنها فيجد لذةً يعجز لسانُ الفصيح عن وصفها.

* باختصار يا سادة:

بيتٌ لا (مكتبة) فيه جياعٌ أهله
 

عبدالله بن أحمد الحويل
1436/6/2


تنبيه احتسابي/ بعض ماذكرت من الكتب التي قرأتها في طفولتي لا أنصح بها لاحتوائها على مخالفات شرعية صريحة وإنما ذكرتها من باب توثيق التجربة
 

عبدالله الحويل
  • مقالات
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية