اطبع هذه الصفحة


سماحة الإسلام ويسر تعاليمه

عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله


اختار الله الإسلام دينا وفضله على جميع الأديان وخلق لأجله الخلق وأنزل به كتبه وأرسل به رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وجعله دينًا ميسرًا سمحًا سهلاً لا حرج فيه ولا مشقة لم يوجب على معتنقيه ما لا يستطيعون ولم يكلفهم ما لا يطيقون بل جعل تكاليفه بحسب القدرة وعلى قدر الاستطاعة.

كما قال تعالى: }لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا{ [البقرة: 286] وقال تعالى: }وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ{ [الحج: 78] وقال تعالى: }يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{ [البقرة: 185] فهو الدين المعتبر عند الله من تمسك به نجا ومن سلك طريقه، اهتدى ومن عمل به وصل إلى الدرجات العلا ولن يقبل الله من أحد دينا غير الإسلام لا يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا شيوعية ولا غيرها من المذاهب الهدامة والنحل المختلفة المنحرفة عن الطريق السوي وسوف يخسر أولئك أنفسهم ويخسرون ما أعد الله لأوليائه المؤمنين من الفوز بالكرامة والنعيم المقيم قال تعالى: }إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ{ [آل عمران: 19] وقال تعالى: }وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ [آل عمران: 85] وهو الدين الكامل الشامل لكل ما يحتاج إليه البشر في دينهم ودنياهم الصالح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وبه أتم الله النعمة على عباده ورضيه منهم فلن يسخطه أبدا.

قال تعالى: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا{ [المائدة: 3] أباح الله في هذا الدين كل طيب نافع وحرم كل خبيث ضار وأمر بالعدل والإحسان ونهى عن الجور والطغيان فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر فما ترك خيرا إلا هدى إليه ولا شرا إلا حذر منه وقد سماه الله هدى ودينا حقا وأعلاه على جميع الأديان قال تعالى: }هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ{ [التوبة: 33] وسوف يسأل الإنسان عن هذا الدين في قبره ويوم حشره وعليه يقع الجزاء فيسأل في قبره من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ويقال يوم القيامة وماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين؟ فليعد العبد لذلك السؤال جوابًا صحيحًا عن طريق تطبيقه لهذا الدين حتى يثبته الله هناك بالقول الثابت قال تعالى: }الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ{ [غافر: 17].

وقال الشاعر:

الدين رأس المال فاستمسك به *** فضياعه من أعظم الخسران

إذا كان هذا الدين هو الذي خلق له العبد وعنه يسأل وعليه يجازى فالعجب كل العجب ممن يتنكر لهذا الدين فيعرض عنه لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يعمل به بل يبغض الدين وكتب الدين وأهل الدين.

قال الشاعر:

وما الدين إلا الحب والبغض والولاء *** كذاك البراء من كل غاو وآثم

وهل ذلك إلا ارتداد على الوراء واستبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير ومحاربة لله ورسوله وعباده المؤمنين فمن عادى وليا لله فقد بارز الله بالمحاربة قال تعالى: في الحديث القدسي «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب» رواه البخاري.

ومن نواقض الإسلام المجمع عليها الإعراض عن دين الله لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يعمل به قال تعالى: }وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ{ [السجدة: 22] وقال تعالى: }وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا{ [الجن: 17] وقال تعالى: }أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ{ [المائدة: 50] إن من أعداء هذا الدين من يروجون باطلهم وإلحادهم باسم التقدم والرقي والترفيه عن النفس ويرمون أهل الدين المتمسكين به بالتأخر والجمود والرجعية قال تعالى: }كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا{ [الكهف: 5] وقال تعالى: }يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{ [التوبة: 32] فدين الله عال على جميع الأديان وقد كتب له البقاء والخلود إلى يوم القيامة على رغم أنوف الكفرة والمشركين قال تعالى: }إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{ [الحجر: 9] وقال صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة» رواه مسلم وأصله في الصحيحين، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وألا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.

فإلى الإسلام من جديد، يا من يرجون رحمة الله ويخافون عذابه تعلموا الإسلام وافهموه على حقيقته واعملوا به وحكموه في جميع شئونكم لكي تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة.

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعلنا جميعا هداة مهتدين وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم([1]).
 

--------------------------------------------
([1]) المصدر بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للشيخ عبد الله ن جار الله آل جار الله ـ رحمه الله ـ ص 332.
 

عبد الله  آل جارالله
  • كتب ورسائل
  • مقالات
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية