صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يوميات مسلم (23) المسلم في وداع رمضان

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله الملك الديان الرحيم الرحمان،جعل موسم الرحمة والعتق من النيران في رمضان،أحمده سبحانه وأشكره طلب منا المسابقة نحو الجنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة بإحسان.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض وعدكم بذلكم من لا يخلف الميعاد بقوله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا()جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا()لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا()تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّ }(مريم:60-63).أخي الصائم الحبيب هاهو السباق قد انطلق منذ بداية شهر رمضان وهاهم المتسابقون يبذلون جهدهم للفوز بالمراكز الأول والنداء الإلهي الخالد يتردد في آذانهم وفي قلوبهم وكأنهم يخاطبوا به للمرة الأولى،هاهم يعيشون خطاب الله جل في علاه بقوله لهم:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ()سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }(الحديد:20-21).فبشرني أخي أين أنت في هذا السباق وما هو ترتيبك،انظر ..أنظر هناك هاهي دفعة جديدة من المتسابقين تدخل الميدان في العشر الأواخر وهاهم المتسابقون يبذلون أكثر وأكثر في العشر الأواخر رجاء أن يصيبوا ليلة القدر فتدفعهم للأمام ما يزيد على ثلاثٍ وثمانين عاماً،أخي الحبيب هاهو السباق يقترب من نهايته فلم تبق إلا خمس ليال فقط لتصل إلى مرادك إلى عتق من النيران وفوز بالجنان فعند خط النهاية تنتظرك الجائزة الكبرى أخبرك عن ذلك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله فيما أخرجه الإمام أحمد بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهَا أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ...حتى قال-وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ لَا وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ)(أحمد،باقي مسند المكثرين،ح(7576)).أخي الحبيب لا تفتر همتك ولا يقل جهدك فإن المتسابقين عند خط النهاية يضاعفون من جهدهم حتى يفوزوا،أخي الحبيب تعال وانظر معي لخط النهاية، انظر ..انظر ..هل ترى ما أرى؟.هاهي الحوراء تنظر إليك بعينها الساحرة وبوجهها الصبوح الفاتن ها هي تمد إليك يدها البيضاء المترفة فاتحة لك أحضانها لتضمك إليها في جنات النعيم،ألا تشتم معي أخي رائحة عطرها الزكي وقد فاح فملأ ما بين السموات والأرض، انظر هاهي تنديك بصوتها العذب الرائع يا ولي الله..يا ولي الله..أقبل ولا تتهاون فهنا عندي قد أعد الله لك سعادة أبدية لا شقاء بعدها أبداً،انظر أخي إلى قصرك في الجنة أنظر إلى جماله وروعته فسبحان ثم سبحان من أبدعه لبنة من فضة ولبنة من ذهب يناديك أما اشتقت أن تتجول فيَّ هنا؟.انظر ..أنظر أخي إلى سررك قد هيئت وغطت بذاك الفرش الحريري الناعم انظر إلى الأرائك قد صفت وإلى الأكواب قد وضعت وإلى الزرابي قد بثت،وإلى الأنهار قد أجريت أنهار من ماء غير آسن وأنهارمن عسل مصفى وأنهارمن لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين، استمع أخي استمع معي لتلك الطيور البديعة الجمال تعزف بتغريدها من أجلك.نعم من أجلك أنت أجمل الألحان وهي تتمايل على تلك الغصون النظرة الخضراء،كل ذلك وأكثر ينتظرك ومن أجلك أعده رب العالمين فألا يستحق ذلك منك أن تبذل في سبيله أياماً معدودة؟.بلى والله بل حق أن نبذل العمر كله لننال تلك السعادة السرمدية الخالدة.فأقبل أخي وسارع فقد تكون ليلة القدر أمامك فيما تبقى من الشهر،سارع أخي فإن الأعمال بالخواتيم ولاتكن كذاك الذي ما أسعفته لياقته الإيمانية فجاء عند نقطة ما قبل الحسم عند اخطر نقطة في السباق فضعف وسقط والتصق بالدنيا وزخرفها وما استطاع فكاكاً منها فهاهو المسكين يمضي ليله بين دكاكين الأسواق ينتقي أرق وأجمل الثياب وماعلم أن ثياب الجنة أرق وأجمل وأنعم،هاهو يبحث عن أجمل العطور ليذهب بها تنتن ريحه وما علم أنه في الجنة معطراً مطيباً بطيب ما شم مثله قط،فقولوا بالله عليكم لمثل ذاك الذي سقط كم من الناس ممن اشترى ثوب العيد فما لبسه وإنما أُلبس ثياباً لا أكمام لها أُلبس كفناً وأدخل قبراً.كم ممن اشترى العطور ما وضعها على جسده وإنما رُشَّ على جسده الممدد بلا حراك حنوط الموتى!.لا نقول للناس لا تشتروا ملابس العيد ولا نقول لهم لا تستعدوا للعيد،ولكنا نقول أما كان يمكن ذلك مبكراً ؟.نقول ألا يمكن أن يعطى ذلك الأمر جزءً من النهار وأن نترك الليل كله لجنة عرضها السموات والأرض،وهناك عياذاً بالله من لا يقتصر على السقوط والابتعاد عن ميدان المسابقة والمنافسة بل يقع في الحرام عياذاً بالله،هناك من يخطط لجرائم يعملها في العيد ويبدأ التنفيذ من العشر الأواخر فيحجز للسفر لارتكاب المنكرات هناك أو يحجز لأهله في العيد أماكن يختلط فيها الرجال بالنساء وتذبح فيها العفة والفضيلة،ومنهم من يعقَّ والديه في العشر الأواخر فتجده يشتري لزوجه ولبنياته أغلى الحلي وأطيب الملابس فإذا جاء دور والدته انتقى لها الرخيص من الثياب بل قد تشتهي نفسها شيئاً من الحلي فيقول أنت امرأة عجوز مالك وللزينة،الله أكبر ما أعظمه من عقوقٍ وقلةِ وفاءٍ للمرأة التي بذلت عمرها وحياتها من أجله.أيها الأحبة في الله لقد شرع الله للمتسابقين شعاراً يرفعون به أصواتهم فرحاً في نهاية السباق ألا وهو التكبير ليلة العيد قال الكريم سبحانه:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }(البقرة:185-186).

الخطبة الثانية
الحمدلله  }غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} أحمده سبحانه وأشكره أن من علينا بإتمام ما مضى من شهر رمضان ووفقنا فيه للصيام والقيام ونسأله جل قدره أن يوفقنا للاستقامة على دينه على الدوام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد:فاعلموا رحمني الله وإياكم إن مما أفترضه الله عليكم في ختام الشهر زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين،وتجب زكاة الفطر بغروب شمس ليلة العيد وهي فريضة على الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين ممن يجد ما يفيض عن حاجته يوم العيد وليلته،ولاتجب على الحمل في البطن إلا أن يُتَطوعُ بها،وتجب على الرجل وكل من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها عن أنفسهم،وهي صاع من طعام فإن لم يجد ألا أقل من صاع أخرجه،وتكون من غالب قوت أهل البلد وأفضل وقت لإخراجها هو صباح يوم العيد بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد،فإن أخرها عن صلاة العيد بلا عذر فهي صدقة من الصدقات وليست بزكاة فطر،وتدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه وقت الإخراج سواء كان مكان إقامته أم غيره فإن كان في بلد ليس فيه من يدفع إليه أو كان لا يعرف المستحقين فيه وكل من يدفعها عنه في مكان فيه مستحقون؛والمستحقون هم الفقراء ومن عليهم ديون لا يستطيعون الوفاء بها،ويجوز توزيع الفطرة الواحدة على أكثر من مسكين كما يجوز دفع عدد من الفطر لمسكين واحد،ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة أن يدفعها عن نفسه أو أحد من عائلته إذا أخبره دافعها أنها كاملة ووثق بقوله أو إذا تأكد من كيلها بنفسه،وأود أن أذكر أخوتي الذين يبحثون عن الأطعمة الرخيصة ليخرجوها ولو كانت من النوع الرديء مع قدرتهم على ما هو أفضل منها بقول الرزاق الكريم: }لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}،أما من لا يستطيع إلا النوع الرخيص فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها،أيها الأحبة في الله ولو بحث الصائم عن المستحقين الذين لا يخرجون إلى الشوارع طلباً للزكاة وإنما جلس بهم التعفف خلف أبواب بيوتهم لكان ذلك لأجره أعظم والله أعلم وأحكم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية