اطبع هذه الصفحة


الخطوة الأولى نحو الجنة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله الملك القدوس السلام،ذي الطول والجلال والإنعام،أحمده جل في علاه وأشكره أكرم أمة الإسلام بتحية السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يدعى ولا ند له يرام، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خير الأنام،صلى عليه الله ما طاب الكلام،وما تحركت شفتان بالسلام وعلى الآل والصحب الكرام.
أما بعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بجنة عرضها السموات و الأرض؛ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ وعدكم بذلكم ربكم بقوله:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(آل عمران:133). أمة الإسلام لا شك أن لكل منا هدف،لكن هل هناك هدف مشترك أكبر بين أبناء الإسلام أجمعين..؟.لا شك نعم: إنه بلوغ جنان الرحيم الرحمن؛وللوصول للهدف لا بد من السير بخطوات فهل تعلمون معاشر المؤمنين ما أول خطوة للوصول لجنة ربنا..؟. اسمعوا لذلك ممن زكى الله قوله ومنطقه،من نبيكم وحبيبكم محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه؛أخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ))(مسلم،الإيمان،ح(81)). نعم فأول خطوة نحو الجنان السلام لما يترتب عليها من محبة وإذابة للشحناء والبغضاء لذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم خير المتهاجرين من يبدأ بالسلام؛ أخرج الإمام البخاري عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ))(البخاري،الأدب،ح(5613)).السلام يا أمة السلام تحية فطر الله جل وعلا عليها أبانا أدم عليه السلام ؛عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ:السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ...))(البخاري،أحاديث الأنبياء،ح(3079)). فلا إله إلا الله كم عميت الأمم عن تحية السلام وهدانا الرحيم الرحمن لها لنضع أقدامنا وتُسدَدُ خطواتُنا على طريق الجنان؛وكم مع الأسف من أمة الإسلام من ظنَّ أن السلام مِنّهٌ منه يعطيها من يشاء ويمنعها عمن يشاء،فقولوا لمثل هذا الصنف الأمر ليس لك بل هوحق لكل مسلم أخير عن ذلك نبينا وحبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه بقوله:((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ)) قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟. قَالَ:((إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ))(مسلم،السلام،ح(4023)).السلام حق لكل مسلم عرفته أم لم تعرفه؛بل تلك خصلة من خير خصال الإسلام؛أخرج الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ..؟ قَالَ:((تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ))(البخاري،الإيمان،11).بل كان من هدي قدوتك صلى الله عليه وسلم أن يسلم حتى على الصبيان؛أخرج الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ((أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ))(البخاري،الاستئذان،ح(5778)). وصنف آخر يظن أن رد السلام أمر له فإذا سلم عليه الناس لا يرد إلا على ذي وجاهة أو مكانة أو معرفة،فنقول له: لا والله بل رد السلام واجب عليك ولو رد عليك صغير أو حقير أمرك بذلك ربك بقوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيب} (النساء:86). السلام تحيتكم يا أمة الإسلام العظيمة عبادة وليس بعادة فأنت كلما سلمت على أحد كسبت وُدَّه وقلبه وكسبت أجراً من ربك وخالقك بحسب تحيتك؛ أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عَنْ عِمْرَانَ رضي الله عنه : ((أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ عَشْرٌ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ عِشْرُونَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ ثَلَاثُونَ))(أحمد،أول مسند البصريين،ح(19101)).فالله أكبر يالها من فرصة عظيمة غفل عنها الغافلون فالأمر بيدك أنظر كم تريد أن تكسب من الحسنات؛احسب كم تقابل في اليوم من خلق الله ولنفرض أنهم عشرة في ثلاثين تحصل بها على ثلاثمائة حسنة تسعد بها يوم القيامة في ميزان حسناتك لم تكلفك مالاً ولا جهداً عظيماً وكلما زدت زادك الله من فضله، ويسلم الرجل على أهل بيته فهم أولى الناس بذلك منه؛ قال تعالى: {..فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(النور:61)؛قال قتادة: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم, وإذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل:السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, فإنه كان يُؤْمَرُ بذلك, وحُدِثَنَا أن الملائكة ترد عليه.وهل تنتهي تحية السلام بين أمة الإسلام بموت بعض أفرادها.؟لا.بل سن للأحياء أن يسلموا على الأموات؛أخرج الإمام البخاري والنسائي واللفظ له عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَتَى عَلَى الْمَقَابِرِ قَالَ: ((السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ لَنَا وَلَكُمْ))(النسائي،الجنائز،ح(2013)). وللسلام آداب منها أن يُسَلِّم الرَّاكِبُ عَلَى الرَّاجِلِ وَالرَّاجِلُ عَلَى الْجَالِسِ وَالْأَقَلُّ عَلَى الْأَكْثَرِ (أحمد،مسند المكيين،15113).وأن لا يسلم على الرجل حال قضاء حاجته أو انشغاله بصلاة أو دعاء ونحوها،وأن لا يسلم على الحربي ولا يبتدئ المعاهد بالسلام وإن كان لا بد من تحيته فيلقي عليه تحية أخرى غير السلام،وإذا ألقى كافر على مسلم السلام فإنه يرد بعبارة وعليكم فقط ويكتفي بها، وإذا جاء مجلس به أخلاط من مسلمين وغير مسلمين قال السلام على من اتبع الهدى؛عباد الله السلام تحيتكم غداً في جنان ربكم يوم تلقونه :{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيم}(الأحزاب:44).

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن السلام هو الخطوة الأولى في طريق الجنة، وهو الخطوة الأولى نحو نشر الحب والود في هذه الأمة التي مزقت الخلافات والتباغض والتهاجر أوصالها فضعفت وهانت،السلام سلاح في يد الزوج والزوجة يستطيعون به التغلب على المشكلات الزوجية،هل جرب الزوج وهل جربت الزوجة أنه في حال الخصام والهجران بينهم أن يبدأ كل واحد منهما الآخر بالسلام؟. فإذا لم يرد الطرف الثاني ذَكَّرَهُ بأمر الله له بالرد:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيب}. أكاد أجزم أنه مع التكرار لا يتمالك الطرفان إلا أن يدعنا ويُسَلِمًا ويصطلحا. فيا أمة الإسلام والسلام كيف توصم أمة بالإرهاب وتحيتها التي تردد بينها السلام، يا أمة الإسلام والسلام تعالوا لنفشي السلام بيننا ولنحي سنة نبينا ونربي عليه أولادنا وأهلينا ولنخطو خطوات على طريق جنان ربنا.

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية