صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل علمت أنك مميز..؟

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمدلله الملك القدوس السلام،أكرمنا ببعثة خير الأنام،وخصنا بخير كتبه العظام،وأعزنا بدين الإسلام،احمده جل في علاه على نعمه المتتابعة على الدوام.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يرتجى ولا ند له يرام، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله بلغ رسالة ربه بالكمال والتمام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله فهذا ربكم جل في علاه يناديكم بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).
معاشر المؤمنين هل رأيتم طالباً ذكياً ألمعياً متميزاً في دراسته وتحصيله يقلد طالباً بليداً كسولاً..؟.هل رأيتم مهنياً حاذقاً متميزاً سباكاً أو نجاراً أو غيره يقلد مهنياً لا يتقن مهنته وصنعته ولا يعرف أصولها..؟.
هل رأيتم عالماً متمكناً متميزاً يقلد جاهلاً..؟.لاشك أنه لا يقول عاقل بذلك ولو حصل فإنه انتكاسة كبرى ومصيبة عظمى. أيها الأحبة في الله لا زلنا في بداية العام الهجري ولي وقفة مع التاريخ الهجري؛فحينما أراد الفاروق رضي الله عنه وضع تاريخ للأمة جمع الصحابة رضوان الله عليهم فمنهم من أشار عليه بالتاريخ بمولد المسيح كالنصارى ومنهم من أشار عليه بالتاريخ الفارسي وتعددت الاقتراحات لنظام التواريخ التي كانت سائدة في تلك الفترة؛ولكن الفاروق الملهم رضي الله عنه أراد أن يذكر أفراد أمة الإسلام مع إطلالة كل عام هجري بتميزهم، فاختار لأمة الإسلام تاريخاً مميزاً بحدث مميز ألا وهو هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ذلك الحدث الذي تحولت فيه أمة الإسلام من طائفة ضعيفة مستضعفة إلى دولة قوية متمكنة.نعم أخي المسلم الحبيب أنت شخص مميز.
مميز في عقيدتك عن اليهود والنصارى الذين أخبرنا الله عن اعتقادهم الفاسد بقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ()اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة:30-31). جعلوا لله ولداً تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.وأنت نعم أنت أيها المسلم كنت مميزاً بالتوحيد بقول لا إله إلا الله.
أنت مميز بنبيك صلى الله عليه وسلم فقد اختار الله لك سيد ولد آدم خير البرية أجمعين ليكون نبيك واسمع إليه صلى الله عليه وسلم وهو يقول:((أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ))(الترمذي،المناقب،ح(3543)[قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ]).
أنت مميز بكتابك فاليهود حرفت التوراة والنصارى حرفت الإنجيل وكتابك ودستورك القرآن تولى ربك حفظه فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر:9).
أنت مميز في اتصالك بربك فبينما غيرك حُرم من لذة المناجاة والاتصال بالله، تقف أنت بين يدي ربك خمس مرات على الأقل في اليوم والليلة لتتلذذ وتناجي ربك قائلاً إياك نعبد وإياك نستعين،
أنت مميز في عون الله لك فبينما غيرك يفزع في الشدائد للقبور والأشجار والأصنام وغيرها مما لا ينفع ولا يعين فتح الله لك الباب مشرعاً بلا واسطة بقوله الخالد: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(البقرة:186).فإذا نزلت بك ضائقة قلت صادقاً يارب فيفرجها الله،وإذا نزلت بك نازلة قلت صادقاً يارب فيرفعها الله،وإذا حل بك غم أو هم أو حزن قلت صادقاً يارب فيذهبه الله.
 أنت مميز في توبتك فبينما غيرك يذهب للراهب أو القسيس ليفضح نفسه بما ارتكب من ذنب جعل الله توبتك بينك وبين الكريم جل جلاله تُقبل على الله بقلب منكسر وندم على الذنب وعين دامعة قائلاً رب أستغفرك وأتوب إليك فيغفر الكريم ذنبك ويقيل عثرتك ويقبل معذرتك بل وفوق ذلك يمتدحك اسمع لربك إذ يقول: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ()أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}(آل عمران:135-136).
أنت مميز في عفتك فبينما غيرك من المجتمعات يعيشون كالبهائم ينزو فيهم الرجال على النساء والرجال على الرجال والنساء على النساء،فانتشرت بينهم الأمراض والأوبئة الفتاكة كالايدز والزهري والسيلان وغيرها كنت أنت مميزاً بأن قصر الله بصرك وفرجك على المتعة الحلال وامتدحك بذلك في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ()إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ()فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}(المؤمنون:5-7).
وأنت أيتها المرأة المسلمة مميزة؛فبينما غيرك هناك في مجتمعات الكفر عليها منذ أن تبلغ الثامنة عشرة أو نحوها أن تعيل نفسها بنفسها ولو ضحت في سبيل ذلك بعفتها وكرامتها،جعلك الله كالملكة أوجب نفقتك على والدك مهما طال بقائك عنده ثم على الزوج بعد الزواج وجعلك في البِرّ مقدمة على الأب جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ ((أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ))(البخاري،الأدب،ح(5514)).ولو ظللنا نعدد جوانب التميز لما انتهى بنا المقام ولكن حسبكم جميعاًُ أنكم من أمة ميزها الله بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.. }(آل عمران:110).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعو ذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على ما أكرمكم الله به من تميز،وعلينا أن ننبه كل من أنبهر من أمة الإسلام بغيره من الأمم وأخذ يقلدهم بأن ذلك انتكاسة عظيمة؛ فشباب يطيلون شعورهم ثم يربطونها تقليداً لمجتمعات لم يعد التفريق فيها ممكناً بين الرجال والنساء ويلبسون البناطيل المخصَّرة التي تبدي نصف عورتهم،والفتيات التي قلدن الساقطات في المجتمعات غير الإسلامية من المطالبة بالحرية البهيمية المطلقة،ومزاحمة الرجال بالمناكب في الأسواق والأعمال وغيرها..كل ذلك وغيره من التقليد صَغُرَ أو كبر هو انتكاسة ورجوع عن دين الإسلام وقِيَمِهِ العظيمة..فالله الله في دينكم الله الله في أخلاقكم ..الله الله فيما جاءكم من ربكم تمسكوا به وعضوا عليه بالنواجد وإلا كانت العاقبة ذل وخزي وعذاب في الدنيا والآخرة:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى()وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه:123-124).
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية