اطبع هذه الصفحة


ما أهمية الأحداث الفلكية

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله خالق الشمس والقمرلايخرج عن طاعته كائن في الأرض ولا في السماء إذا أمر،أحمده سبحانه وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بث لذوي البصائر والقلوب الحية آيات وجعلها عبرة لمن اعتبر،وأشهد أن نبينا حبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خير البشر وأمام من تفكر واعتبر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما اتصلت أذن بخبر وما ازدانت عين ببصر.أما بعد:فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله يقول الله جل جلاله:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102). معاشر المؤمنين يفزع الناس ويضطربون مؤمنهم وكافرهم إذا تم توقع كارثة أرضية كتوقع مرور إعصار مدمر على مدينة أو دولة؛والإعصار يمكن التنبؤ به وتحديد سرعته وموعد وصوله ..الخ.وذلك من خلال التقدم التقني؛فهل هذا التنبؤ الدقيق بوقوع كارثة الإعصار يدفع الناس للخروج والاستمتاع بتلك الكارثة؟.أم يدفعهم للخوف والهرب من المدن المتوقع أن يمر بها الإعصار واللجوء للأماكن الآمنة واستنفار جهات الإنقاذ؟.لا شك أن الأسلوب الثاني هو المتبع.فلم يقلل التنبؤ الدقيق بكامل تفاصيل الإعصار من الخوف والهلع من وقوعه،مع أنه ظاهرة مناخية معتادة لها مسبباتها المادية المعروفة.والسؤال الذي أود طرحه كم يدمر الإعصار؟.مدينة مدينتان..دولة مجموعة من الدول؟.مع كل ذلك يبقى الأمر ممكن التدارك وإعادة الإعمار ممكنة.وتبقى الكوارث الأرضية جميعها من زلازل وأعاصير وبراكين مع إيماننا بأنها غضب وعذاب من الجبار المقتدر جل جلاله إلا أنها أهون بكثير من عذاب يأتي من السماء؛فالأرض تسير في المنظومة الفلكية بيد أنها ليست وحدها بل ضمن مجموعة هائلة من الكواكب العظيمة الضخمة التي تفوق حجمهابعشرات المرات،ولو اختل نظام سير هذه الكواكب لارتطم بعضها ببعض ولكانت النهاية المدمرة؛أخي الحبيب تأمل معي يوم أن أخبرنا ربنا عن أهوال يوم القيامة الرهيب تجد أنه بدأ بأحداث واختلال للنظام الفلكي في السماء ثم تحدث عن أهوال أرضية ومن ذلك قوله تعالى:{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ()وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ()وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ()وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}(الانشقاق:1-4).وقال في سورة الانفطار:{ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ()وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ()وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}(الانفطار:3). ونص العليم جل شأنه على أن من أهوال يوم القيامة اضطراب حركة كوكبين عظيمين هما الشمس والقمر فقال في سورة القيامة:{ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ()وَخَسَفَ الْقَمَرُ()وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ()يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}(القيامة:10). وقال سبحانه في سورة التكوير:{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ()وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ()وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}(التكوير :3).قال بعض علماء التفسير كورت أي ذهب ضؤها،والشمس في حال الكسوف الجزئي يذهب بعض ضوئها وفي حال الكسوف الكلي تظلم الدنيا تماماً ويتحول النهار إلى ليل وتأوي الطيور إلى أوكارها وتلمع النجوم في السماء؛معاشر الفطناء إن تغير النظام الفلكي أمر خطير تقشعر منه الأبدان؛فزع منه أعر ف الناس بربه نبينا وحبيبن صلى الله عليه وسلم أخرج البخاري في صحيحه عن أَبِي مُوسَىرضي الله عنه قَالَ:خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى..وَقَالَ:((هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ))(البخاري،الجمعة،ح(999))؛يا خير أمة أخرجت للناس إن البشرية اليوم في حال عظيم من الغفلة كم من المجتمعات البشرية يفزعون بنسائهم وأطفالهم وقططهم وكلابهم إلى القبب والمراصد الفلكية أو حتى خارج بيوتهم أو يتسمرون أمام وسائل الإعلام للاستمتاع بهذه الظاهرة الفلكية الغريبة؛يستمتعون بنذر يخوف الله بها عباده!.فلا إله إلا الله ما أصدق قول الله فيهم:{ سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}(الأعراف:146).هم جهَّال كفَّار عميت قلوبهم وأبصارهم عن طريق الحق، فقولوا لي بربكم ما عذر مؤمن موحد عرف القرآن والسنة،ثم هو يفعل فعلهم،ثم هو ينظر لقضية الكسوف والخسوف بأنها أمر فلكي طبعي لا يستدعي الفزع،وحتى إذا خرج للصلاة خرج لها ببرود وعدم فزع، فاحذروا يا أمة الإسلام من الغفلة التي تستولي على القلوب فتجلعها تركن للدنيا وتنسى الخالق المدبر العظيم وقد حذركم ربكم من ذلك بقوله:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف:179).

الخطبة الثانية:إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أنه في هذا اليوم يوم الجمعة اليوم الذي تقوم فيه الساعة وفي تمام الساعة الثانية إلا خمس دقائق سيكون هناك كسوف كلي للشمس يرى في الصين وغيرها من البلدان،وبفضل الله أنه لا يرى لدينا بمكة المكرمة؛إن هذا التنبؤ الدقيق بوقوع الكسوف والخسوف لا يضعف من أهميته بل يزيد من عظمة الله في قلب العبد المؤمن بهذا الرب الذي وضع نظاماً دقيقاً تسير عليه الحياة والأفلاك ولولا دقة هذا النظام لما استطاع الفلكيون التنبؤ التحديد الدقيق يوقت الكسوف أو الخسوف،وسيكون هناك خسوف للقمر في ليلة النصف من شعبان.يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم لكم في رسول الله أسوة حسنة أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ..ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:((إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا.ثُمَّ قَالَ:يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ،يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا))(البخاري، الجمعة،ح(986)).أخي الحبيب هل لي أن أدعوك ونفسي أن نربي أنفسنا وأهلينا وأولادنا على الفزع حال الكسوف والخسوف وعدم الاستسلام للغفلة القاتلة وحتى لا تنسى الأمة خطورة وأهمية هذا الحدث الرهيب العظيم،وهل لنا أن نتساءل أكثر الزنا والذنوب في العالم ولذا انقطع المطر وتتابع الكسوف والخسوف بشكل متقارب في هذا الزمان؟.أم هو اقتراب الساعة:{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ()مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ()لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ }(الأنبياء:3).


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية