اطبع هذه الصفحة


دلني كيف أذاكر وانتظر النتيجة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علم بالقلم،علم الإنسان مالم يعلم،أحمده جل شأنه وأشكره على عظيم العطاء وجزيل النعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له عظيم الثواب شديد النقم ،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله قام برسالة ربه خير قيام فكان في مجال التربية والتعليم مناراً وعلماً،اللهم صلى على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.أمابعد:فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنه ومسلم ومسلمة لكل من أراد العصمة من الفتن والشرور والآثام لكل من أراد الفوز في الدنيا والآخرة هي تقوى الله واصغوا أحبتي معي لربنا وهو يقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }(الأنفال:29).
معاشر المؤمنين لو استقدم أحدنا سائق جديد على البلاد ثم قال له:أريدك أن تذهب إلى مدينة جدة لتحضر لي من هناك غرضاً معيناً وإن لم تفعل سوف أفعل بك وأفعل وظل يتهدده ويتوعده دون أن يبيِّن له الطريق الصحيح الذي يسير عليه،فيخرج ذلك السائق وهو حريص على تحقيق مراد المرسل وبأقصى سرعة،فماذا تتوقعون أن يحدث؟.سيبدأ ذلك السائق المسكين في البحث عن الطريق وقد يقع في خبيث يدله على طريق الرياض فيسلكه المسكين وهو لا يدري.,فيعود ولكن بعد تأخر عظيم يفوت على المرسل المقصود،وقد يدله خبيث آخر على طريق صحراء الربع الخالي فيذهب هناك ويتوه وقد لا يعود البتة.فماذا استفاد المرسل؟.خسر سائقه وسيارته. ألستم معي أحبتي أنه حينها يقول المرسل بندم ليتني أبنت له عن طريق الوصول،ورضيت منه بشيء من التأخر بدلاً من أن أفقده.أحبتي في الله:في مجتمعنا وفي أيام من الاختبارات كثيراً مع الأسف ما تحصل صورة مشابهة لذلك؛فالأب والأم والأقرباء والمجتمع الكل يضغط على الطلاب والطالبات نريد منكم النجاح نريد منكم التفوق، ويساق الطلاب والطالبات المساكين بعصي الرغبة والرهبة،فيوعدون بهدايا يسيل لها اللعاب،أو بعقاب تسيل منه الدماء..نعم الحوافزمطلوبة،بيد أن السؤال مَنْ مِنْ هؤلاء أعطى للطلاب والطالبات طريقة المذاكرة،طريقة التفكير، طريقة التفوق والنجاح..أقول مع الأسف قليل.ونتاج ذلك أن يقع الطالب في حيرة كيف يحقق النجاح والتفوق؟ فيسلك طرقاً خاطئة ابتداء بالغش في الامتحانات وعمل ما يسمى بالبراشيم،وقد يقع فريسة لمروج مخدرات يقنعه بأن الحبوب والمخدرات طريقه للتفوق والنجاح فيقبل عليها بنهم ويقع في مستنقع المخدرات؛ وعندها ربما تفقده أسرته للأبد،هل تعلمون أحبتي بأن موسم الاختبارات يعد موسماً وعيداً لمروجي المخدرات في بلادنا،وهل تعلمون أحبتي بأن أبنائكم وبناتكم مستهدفون بالمخدرات لتحطيم مقدرات هذه البلاد الغالية؛أتريدون دليلاً على ذلك..؟.اسمعوا معي: "ذكر التقرير الصادر عن الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات في عام 2008م أن ثلث مضبوطات حبوب الكباتجون في العالم ضبطتها المملكة،وأن إجمالي ما تضبطه سلطات أمريكا والصبن –على كبرهما- من مخدرات لا يقارب خمسين بالمئة مما تضبطه السلطات السعودية،وقد ثبت أن هناك أطراف خارجية تمول إغراق البلاد بالمخدرات "(جريدة المدينة،السبت13/يونيو/2009م،مقال د.محمد عبده يماني).معاشر المؤمنين إنه طوفان يريد إغراق البلاد في المخدرات والمتتبع لإحصاءات ما تم ضبطه غير ما أفلت يدرك بأنه لو كان جميع من يعيشون في المملكة من مواطنين ومقيمين يتعاطون المخدرات-لا قدر الله-لفاضت الكميات عن حاجتهم..!.هل تعلمون أحبتي بأن هناك سبعمائة ألف حبة كباتجون تستخدم يومياً في المملكة..!.وأن قمية استهلاك المخدرات في بلادنا تصل لتسعة مليار ريال سنوياً..!.(تقريرالجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات في السعودية(موقع منتدى سيدة الجبيل)).أعود أحبتي فأقول:إن نهج الإسلام الرباني تبيان الطريق والمنهج قبل المطالبة بالنتيجة قرر ربنا هذا في كتابه بقوله:{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }(القصص:59).وهاهو سبحانه يبين لنا الغرض والغاية من خلقنا بقوله:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }(الذاريات:56).ثم بيَّن جل في علاه كيف نعبده فأرسل الرسل وأنزل الكتب. أحبتي في الله أنصتوا لربكم وهو يخاطبكم بقوله:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }(التحريم:6).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه اللهم صلى على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه وأتباعه. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن بيان المنهج والطريقة لكل من يكلف بعمل منهج نبوي كريم فهذا نبينا وحبيبن صلى الله عليه وسلم يوم أن أرسل معاذاً لليمن بين له الطريقة بقوله:((إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ))(البخاري،الزكاة،ح(1365)).معاشر المؤمنين يجب أن نوقن بأن قدرات الطلاب تتفاوت ويستحيل أن يكونوا جميعاً على درجة واحدة من التفوق؛بناء على ذلك إذا جلسنا مع أبنائنا وبيَّنا لهم طريقة المذاكرة،وبذلنا الجهد،وشعرنا بأن الابن قد بذل وسعه لنرضى حينها بما يحققه من نتيجة حتى وإن كانت الرسوب والإخفاق لأن القاعدة الربانية تقول:{ .. لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ..} (البقرة:233).والإخفاق والرسوب ليس نهاية المطاف بل لنجعل منه شرارة التفوق والنجاح، ولا يفهم من هذا أبنائي الطلاب أنها دعوة للكسل بل أقول لهم إن آباءكم وأمهاتكم يحترقون طوال العام الدراسي من أجلكم وإن تفوقكم هو الماء البارد الذي يذهب عنهم ألم ذلك الاحتراق،وإخفاقكم يزيدهم ألماً وحسرة.أكرر نصيحتي للآباء فأقول إن أخفاق الولد في الدراسة عاماً وأعادته السنة الدراسية،خيرٌ له من أن يخفق في الحياة وبتحول لمدمن مخدرات أو غشاش على أقل الأحوال.قفوا مع أبنائكم بالمذاكرة والتوجيه والحنان والدعاء الخالص إلى الله أن يوفقهم، وراقبوا تصرفاتهم فإذا لاحظتم لا قدر الله سلوك أدماني مثل التأخر لساعات طويلة خارج المنزل، أو عدم التركيز أثناء التصرفات..ونحوها فبادر بالعلاج قبل أن يستفحل الأمر . حفظ الله أبناءنا وأبناءكم وبلادنا والمسلمين من كل سوء.


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية