صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل لك في إجازة بلا كدر ؟

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله المليك العظيم القادر المقتدر،خلق كل شيء بقدر،أحمده جل شأنه وأشكره وعد عباده المؤمنين المتقين حياة أخروية بلا تنغيص ولا كدر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يُعْتبر،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولو العزيمة وبعد النظر وسلم تسليماً كثيراً .أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واثبتوا على الأعمال الصالحة في الإجازة وفي غيرها تفوزوا بنعيم الدارين قال الله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97).
أحبتي في الله نحن نعيش في هذه الأيام إجازة الربيع القصيرة،ولا يكاد بيتٌ من بيوتنا إلا وأعد العدة للاستمتاع بهذه الإجازة تعويضاً عن فترة الجد والاجتهاد في أيام الامتحانات؛بيد أن قضاءنا للإجازة لا يخلوا من المنغصات والكدر؛ومن صور ذلك الكدر أن تكون في متعة الجلوس أنت وأهلك في مكان للنزهة فإذا بشاب يمر بجوارك وقد حول سيارته لمسرح صوتي رافعاً صوت سماعاته المزعجة بالموسيقى والغناء فيتسبب لك بالضيق والكدر أن ترى من أمة الإسلام من يعبر عن فرحته بمعصية الله جل في علاه ، والجبار يقول في كتابه الخالد:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (النساء:14).فيدخلك الخوف على مصير هذا الشاب وتتساءل ياترى هل قرأ ذلك الشاب هذه الآية وفقه معناها..؟.ومن تلك الصور أيضاً أن تكون في نفس مجلسك فتمر من أمامك أو تكون إلى جواركم فتاة في ريعان الصبى وفورة الشباب قد تحللت كثيراً من حجابها وحيائها في استثارة صارخة للشباب لأذيتها،أو ركبت دراجة نارية وهي بالغة أو قاربت البلوغ تستعرض بها أمام أعين الشباب فيداخلك الهم والكدر أين المسؤول عن هذه الفتاة ؟. أين غيرته على عرضه..؟. تتساءل بكل شفقة ألم يسمع بحديث خير الورى صلى الله عليه وسلم :((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ..حتى قال : وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...))(البخاري،الجمعة،ح(844)).فكم يدخلك من الغم والهم والكدر وأنت تتخيل ذلك الرجل وقد وقف بين يدي الجبار العظيم وهو يُسألُ عن حال ابنته هذه وكيف لم يحسن تربيتها وتوجيهها وتركها نهبة لعين الطامعين والذئاب الجائعة..!.وكم يدخل عليك من الغم والكدر يوم أن تبحث لنفسك ولأهلك عن مكان تتنزهون فيه فإذا بك ترى جميع الأماكن المناسبة من ظلال الشجر ونحوها قد تركها من قبلك وقد ملؤها بالنفايات من بقايا القاذورات والأطعمة وحفائظ الأطفال في منظر تتقزز منه النفس السوية فتقول لنفسك أين هؤلاء مما أخرجه الإمام الترمذي في سننه:عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ قَال:سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ فَنَظِّفُوا أُرَاهُ قَالَ أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" (الترمذي،الأدب،ح(2733)).أخي الحبيب هل تسمح لي أن أدعوك لأن نعمل أنا وأنت وهو وهي وأمة الإسلام أجمع لإجازة في مكان لا كدر فيه ولا نصب؛هناك جمال طبيعة لم يرى البشر في حياتهم مثله قط ، هناك أنهار تجري من تحتك، هناك فرش بطائنها من حرير ناعم مترف فكيف بها من الخارج،هناك نساء كأمثال اللؤلؤ المكنون،هناك نعيم لا ينفذ وقُرة عين لا تنقطع،إنها الجنة فياعباد الله هذا ربكم يناديكم بقوله:{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ()الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ()ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ()يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ()وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ()لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}(الزخرف:68-73).هناك في الجنة كما اعتنى العظيم بشهوة نفسك وبلذة عينك فقد اعتنى أيضاً بسمعك واسمع معي أخي لربك وهو يخبرك عن ذلك بقوله:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا()جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابً}(عمَّ:35-36).أخي الحبيب اسمع لنسائك هناك كيف هنَّ يخبرك عن هنَّ الله ربك الذي سواك بقوله:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ()فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ()كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ()فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ()هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}(الرحمن:56-60).أخي الحبيب إن الله الذي خلق لنا الصباح والمساء،والظلمة والضياء هو الذي خلق تلك الجنة وجعلها سبحانه لفئة خاصة من عباده أخبر عنهم بقوله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا()جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا()لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا()تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّ}(مريم:60-63).

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ، ولتنظر أخي وللنظر جميعاً ماذا خططنا وماذا عملنا لنبلغ تلك الإجازة التي لا هم فيها ولاغم ولا كدر ، ماذا قدمنا ثمناً لجنة عرضها السموات والأرض فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، أحبتي في الله إني أدعوكم ونفسي أولاً إن كنا قصرنا في الإعداد فيما مضى من عمرنا فلما لما لا نغتنم ما تبقى منه؟.وقد بقي بفضل الله من العمر بقية ونحن لا نعلم أتطول تلك البقية أم تقصر فكم ممن حولنا تساقطوا وذهبوا ليجدوا ما أعدوا في دنياهم أليس لنا فيهم عبرة..؟.أخي الحبيب أنصت معي فهاهو صوت نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم يناديك أنصت إليه وكأنك تنظر لذاك الوجه الأنور والجبين الأزهر وهو يقول:((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوْ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)) (الترمذي،الزهد،ح(2228)[ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ]).أحبتي في الله أشغلوا أوقاتكم بطاعة ربكم ولتكن الجنة هدفكم يرضى عنكم ربكم .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية