اطبع هذه الصفحة


احذروا الخطر
joma525) 29/3/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الملك العلام ، خالق الأنام ، وشارع الأحكام ، أحمده جل شأنه وأشكره فصَّل لنا في ديننا علاقة المحكومين بالحكام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند يرام ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خصُّه ربه بالرسالة والوحي والقرآن،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما تعاقب النيران،وما بدد نور الحق والعلم ظلام الجهل و الطغيان.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله فالتقوى هي أس الخيرات والبركات ذاك قانون إلهي خالد ما دامت الأرض والسموات أخبرنا عنه ربنا بقوله:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }(الأعراف:96).أحبتي الله تغلي الأرض من تحت حكام في دول مجاورة لنا،وتنتشر هناك الفوضى والقتل وما يشبه أنهار الدماء، ويتساءل المرء هل ما يجري هو تنفيذ عملي لسياسة الفوضى الخلاقة التي بشر بها بعض كبار ساسة دولة غربية كبرى في المنطقة؟.لماذا يحدث ذلك في عالمنا الإسلامي والعربي على جهة الخصوص؟.ماذا عن بلادنا الحبيبة؟.هل هناك من يحاول استغلال الأوضاع العالمية ليجرنا إلى معمعة أحداث مشابهة لا قدر الله؟.أسئلة كثيرة وكبيرة لا تكفي خطبة واحدة للإجابة عنها؛ إلا أنني أود أن أقف معكم لنتدارس السبب الرئيس في سرعة انهيار الأنظمة الحاكمة في دول قريبة منا،وهل نجد لذلك تفسيراً في ديننا؟.عباد الله إن الله جلَّ في علاه قد فصَّل لنا كل صغيرة وكبيرة في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال العظيم سبحانه:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }(النحل: 89). نقل ابن كثير أقوال أئمة التفسير في هذه الآية بقوله "قال ابن مسعود:قد بين لنا في هذا القرآن كل علم، وكل شيء.وقال مجاهد:كل حلال وحرام.وقول ابن مسعود:أعم وأشمل؛ فإن القرآن أشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتي، وحكم كل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم"(ابن كثير،تفسير القرآن العظيم)؛وعن العرباض بن ساريةقال:وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون و وجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله إن هذا لموعظة مودع فإذا تعهد إلينا قال:((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، و من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي،وعليكم بالطاعة و إن كان عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذة))(المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في التلخيص،كتاب العلم،ج1،ص175،ح(331)).معاشر العقلاء أيهم أسرع انهياراً البيت الذي عَني صاحبه بأساسات البناء،أم البيت الذي لم يهتم صاحبه بأساسات البناء؟.لاشك أن الأخير أسرع انهيارا .عباد الله اسمعوا لربنا إذ يقول:{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }(التوبة:109).عباد الله أي بيت لم يؤسس على أساس الدين فهو عرضة لسرعة الانهيار،وأي نظام أو دولة لا تؤسس على أساس الدين والسعي في رفعته فهي عرضة لسرعة الزوال والانهيار،وأي دولة تحارب الدعاة وشعائر الدين مصيرها للزوال والخزي والذل،والسؤال لماذا؟.الإجابة بكل بساطة لأنها تحارب الجبار جل في علاه ؛ أخبرنا الله عن ذلك بقوله:{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ()كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }(المجادلة:21-22).من حرك تلك الجموع الهادرة وملأ قلوبهم غضباً وحقداً على قادتهم حتى ما عادوا يخشون البطش والنار؟. إنه الله نصرة لدينه واستجابة لدعاء المظلومين المضطهدين من عباده.وفي المقابل ما الذي جعل الحب لقيادة هذه البلاد في قلوب شعبها؟.إنه الله.وما ذاك إلا لأنهم يعلنون دائماً تمسكهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كطريقة للحكم ودستوراً للبلاد؛فالعلاقة التي بيننا وبين حكامنا بنيت على أساس الشرع فما أقواه من أساس،وفي هذا الأساس بيَّن لن صلى الله عليه وسلم دورالحاكم بقوله:((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْأَمِيرُ رَاعٍ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))(البخاري،المرأة راعية في بيت زوجها،ح(4801)). وبقوله:((مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))(البخاري،من استرعى رعية فلم ينصح،ح(6618)). وفي جانب الشعب وجَّهن صلى الله عليه وسلم بقوله:((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ.قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟.فَقَالَ:لَا.مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ))(مسلم،خيار الأئمة وشرارهم،ح(3447)).يا أمة خير البشر إذا عَرَف الحكام عِظَمَ المسؤولية الملقاة على عاتقهم،وعرفت الشعوب حجم الطاعة الملزمون بها تحقق للمجتمع الأمن والرخاء والاستقرار،فالإسلام لا يحبذ الفوضى والفتن لأن النار إذا اشتعلت قد يصعب إطفاؤها،وقد تأكل الأخضر واليابس،ولا يستطيع الإنسان معها حتى إقامة شعائر دينه،يا عباد الله هذا ربكم يخاطبكم بخطاب عظيم فيه خيركم فارعوا أسماعكم لخطاب ربكم إذ يقول:{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }(الأنفال:46).

الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمابعد:فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وكل محدثة في الدين بدعة،وكل بدعة ضلالة،وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شد شد في النار،عباد الله الأمانة توجب علي أن أشرككم في مخاوف أشعر بها وأظن معظم العقلاء يشتركون فيها،وهي أن بلادنا مستهدفة وأن هناك قنوات إعلامية،وإذاعيه تسعى لبذر جمرة الفتنة بل هناك صحيفتان يهوديتان تتساءلان علانية:متى دور السعودية في هذه الفوضى؟.وإن في البلاد بؤر سوء تنتظر الفوضى لتحويل البلاد لا قدر الله إلى حمام دم كبير تجري فيه الدماء أنهاراً،وإن هناك فرق ضالة تخطط وتتطلع للتحكم في مقدرات بلادنا،فالله الله في دينكم وفي أمن بلادكم واستقراركم وفي رغد عيشكم،الله الله في اللحمة مع حكامنا لنكون في هذه الفترة الحرجة يداً واحدة تفوت على الأعداء مخططاتهم،وإني أناشد كل مسؤول في هذه البلاد أداء الأمانة وألا يسيء استغلال السلطة ويظلم الناس أويأكل أموالهم ،وقد فتح ولاة أمرنا قنوات للتبليغ عن تلك الفئة،وعلينا أن ننشر مبدأ اللحمة بين الشعب والقيادة في مجتمعنا وخاصة من خلال الشباب،وأعظم من ذلك وأجلُّ أن نتوجه لله بدعاء خالص من قلوبنا أن يجنب بلادنا الشرور والفتن إنه سميع عليم مجيب الدعاء.


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية