اطبع هذه الصفحة


اليوم الوطني 1432
joma545) 25/10/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خلق البحار والجزر،وبث في الكون الآيات والعبر،أحمده جل شأنه وأشكره على ما حبا به بلادنا من الأمن والخيرات وقد تأذن سبحانه بالزيادة لمن شكر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يعتبر،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما فاحت زهرة بعطر،وما غمر الكون ضوء القمر .أمابعد:فأوصيكم عباد الله بتقوى الله فبها تستجلب الخيرات وتنزل البركات يقول ربنا جل في علاه:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }(الأعراف:96).معاشر المتقين نعيش هذه الأيام ذكرى توحيد بلادنا الحبيبة،وقد يتساءل البعض هل هي عيد؟. فنقول:لا والله ليست بعيد ولا ينبغي أن تكون عيداً ؛فللمسلمين عيدان لا ثالث لهما عيد الفطر وعيد الأضحى،ومن قال بأنها عيد فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه.
أمة الهدى والبصيرة ما أحرانا في هذه الذكرى بدلاً من أن نغني ونرقص،أن نقف بين يدي المنعم الكريم وقفة ذل وإكبار وعبودية وإجلال،وقفة تأمل في عظيم نعمة الله علينا بهذه البلاد وبحكامها،فتعالوا نتأمل سوياً ألا ترون معي أننا نعيش بفضل من الله وحده في أمن وأمان والعالم يشتعل من حولنا قتل ودماء وأشلاء وصراع،نبيت بفضل من الله وحده شباعاً نأكل ما نشتهي وغيرنا تموت أطفالهم من الجوع أمام أعينهم لا يملكون لهم شيئاً ،نلبس ما نشاء ونتنعم وغيرنا لا يجد ما يستر به عورته،نسكن القصر والدور وغيرنا لا يجد ما يأوي إليه.أتظنون يا عباد الله أننا شعب الله المختار؟.أتظنون أن الله يحابينا لأننا سعوديون ؟.لا ورب الكعبة بل هي قوانين إلهيه منتظمة،وسنن ربانية لا تحابي أحداً ،قرر لنا ذلك ربنا بقوله:{ ...فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } (فاطر:43).أحبتي في الله إن ما نعيشه من رخاء وأمن هو ثمرة قيام وتأسيس هذه البلاد على توحيد الله،على شريعة الله،فبلادنا بفضل الله الوحيدة في العالم التي تطبق الحدود الشرعية،بلادنا بفضل الله الوحيدة التي بها هيئة رسمية حكومية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر،بلادنا بفضل الله الوحيدة على مستوى العالم التي يوجد فيها فصل بين الإناث والذكور في مراحل التعليم،وأعظم ما في الأمر أن قادة هذه البلاد لا ينسبون ما نحن فيه من نعمة لأنفسهم ولا لجهدهم مع ما يقدمونه،بل هم دائم التكرار بأن ما نحن فيه من نعم هو بفضل الله ثم بتحكيم شريعة الله،نعم تلك قاعدة ربانية فجميع النعم سواء على المستوى الكلي أو الفردي هي من الله وحده قرر ذلك ربنا بقوله:{ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ.. }(النحل:53).والسؤال هل يمكن أن يتحول غنانا إلى فقر؟.هل يمكن أن يتحول شبعنا إلى جوع ؟.هل يمكن أن يتحول أمننا إلى خوف؟.هل يمكن أن يتحول عزنا إلى ذل؟.هل يمكن أن يحدث ذلك –لا قدر الله- ،والإجابة نعم إذا كفرنا نعمة الله،إذا بارزنا الله بالمعاصي،إذا عطلنا شريعة الله في حياتنا الخاصة والعامة تلك سنة الله في خلقه أخبرنا الله عنها بقوله:{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }(النحل:112). أورد ابن الأثير في كتابه الكامل " قال جبير بن نفير:ولما فتحت قبرس ونهب منها السبي نظرت إلى أبي الدرداء يبكي فقلت:ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله وأذل فيه الكفر وأهله؟ قال:فضرب منكبي بيده وقال:ثكلتك أمك يا جبير ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى فسلط عليهم السباء، وإذا سلط السباء على قوم فليس له فيهم حاجة."(ابن الأثير،الكامل في التاريخ،ج1،ص486). بل كم من دول وحضارات هلكت وبادت من على وجه الأرض يوم أن بارزت الجبار بالمعاصي أخبرنا ربنا عن ذلك بقوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ()وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ() }(القصص:58-59).عباد الله كلما كثر الخبث واتسعت دائرته كلما كان الهلاك عياذاً بالله أقرب حتى مع وجود بعض الصالحين؛أخرج الإمام البخاري عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ:((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا)) قَالَتْ: زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟.قَالَ:((نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ))(البخاري،قصة يأجوج ومأجوج،ح(3097)).عباد الله فلنحذر حكاماً ومحكومين أن نغير في سيرنا إلى الله،أو أن نتفلت من أحكام شريعة ربنا فإن الله قد وضع سنة إلهية ماضية إلى يوم القيامة فاسمعوا لها:{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ }(الرعد:11).

الخطبة الثانية
الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وِأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه. أما بعد :فاتقوا الله عباد الله تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة،أحبتي في الله تعالوا لنستشرف معاً المستقبل؛هل ظهر في مجتمعنا ظواهر تخالف الشرع ؟. هل بيننا من يلعب بجوار المسجد والصلاة قائمة ؟.هل انتشرت العلاقات الآثمة بين الشباب والشابات؟. هل هناك من يحرض المرأة للتمرد على حجابها ودينها؟.هل هناك من يستهزئ ويتعرض للدعاة والعلماء في الصحف أو وسائل الإعلام؟.هل تفشى الظلم وأكل أموال الناس بالباطل؟.هل تساهل الناس في أكل الربا؟.هل تساهل الناس في ارتكاب الزنا؟إذا ظهر مثل ذلك فنحن بحاجة ماسة لمراجعة أنفسنا قبل أن يغير الله علينا لا قدر الله ،ومن رحمة الله أنه يرسل لعباده نذراً لعلهم يرجعون؛فهل يا ترى ارتفاع الأسعار الذي يعاني منه المجتمع هو من تلك النذر؟. هل انتشار البطالة في المجتمع من تلك النذر؟. هل ..وهل.. عباد الله يجب أن نفهم أزواجنا وأولادنا أنه إذا أردنا أن يستمر تنعمنا بما نحن فيه أن نجعل الشكر اللفظي والعملي شعارنا فقد قال ربنا:{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } (إبراهيم:7).وعلينا مناصحة كل عاص لأنه معول هدم لهذه النعم فما أهلك الأمم مثل الذنوب يقول ربنا جل في علاه:{ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }(آل عمران:11). وعليكم عباد الله بكثرة الاستغفار فإنه أمان من الله لكم يقول العظيم سبحانه:{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }(الأنفال:33).

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية