أهمية بسم الله في حياة المسلم
(joma550)21/12/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله خلق الخلق فأبدع،وشرع الشريعة فأقنع،وجعل العلم للمرء المسلم أنفع،أحمده جل شأنه وأشكره على نعم جعلت من حياتنا بالخير أمتع،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ينفع،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما قام داعية للشر يدفع،وما سعى مؤمن للخير يشفع.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بجنة الخلد فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وعدكم ربكم ذلك بقوله:((جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا()لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا()تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا))(مريم:61-63).عباد الله تشكوا الأمة كثيرا من ضعف تطبيق شريعة الله في الحياة العملية على مستوى الأفراد والجماعات،مع المعرفة الجازمة بأن ذلك من شريعة الله،والسؤال:ما السبب الذي يكمن وراء ذلك؟.في تقديري الشخصي أن السبب هو عدم إدراك المكلف للفوائد التي سيجنيها من تطبيق تلك الشعائر أو التقيد بتلك السلوكيات،نعم الأصل في ديننا أن نتعبد الله بما نعمل وإن لم ندرك الفوائد المترتبة على تلك العبادة،وأن نوقن بأن كل ماشرعه الله لنا فيه خيرنا،وأن كل ما نهانا عنه فيه ضر يقع علينا بيد أننا في زمن طغت فيه الماديات،وأن معرفة الفوائد العملية لتطبيق الشعائر التعبدية تعطي للمرء حافزاً إضافياً للتقيد بها،ولعلي في هذه الخطبة وخطب تليها بإذن الله أتعرض لصور من ذلك سائلاً من المولى الكريم السداد والتأييد،وأود أن أبدأ بسؤال:ما تطبيقنا اليومي لكلمة بسم الله،فالله جل في علاه افتتح كتابه الكريم ببسم الله،وشرع لنا أن نفتتح بها كل قول أو عمل من حياتنا الأخروية أو الدنيوية وقد شُرعت منذ أول أمة على وجه الأرض فهذا نوحيركب السفينة مع من أنجاهم الله فيقول:{ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }(هود:41).وهذا سليمانيكتب لبلقيس فيبدأ كتابه ببسم الله الرحمن الرحيم،{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ()إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }(النمل:29-30).أخي الحبيب إذا جاءك من يشكوا من كثرة مصاريف الطعام والشراب لبيته فقل له هل تبدأ أنت وأولادك طعامكم وشرابكم ببسم الله؟.قل له إنكم إن فعلتم ذلك طرح الكريم في طعامكم البركة؛أخرج الإمام الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ))(الترمذي ، ماجاء في التسمية على الطعام،ح(1781))،هل تنبهت أخي للمعادلة طعام واحد يكفي لستة أشخاص إذا بُدأ ببسم الله،إذا جاءك من يشكوا من كثرة المشكلات بالبيت بينه وبين زوجه وبين الأولاد بعضهم البعض فقل له هل إذا دخلت بيتك قلت بسم الله؟.؛أخرج الإمام مسلم عَنْ جَابِر رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ))(مسلم،آداب الطعام والشراب،ح(3762)).إذا جاءك شاب حديث الزواج وقال لك إني أرى في المجتمع العديد من حالات انحراف الأبناء والبنات وعقوقهم لوالديهم،وأخشى أن يأتي من ذريتي من يحمل تلك الصفات وأنا أرغب في الولد فكيف المخرج؟.فأوصيه بوصية الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم التي قال فيها:((أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنْ قَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ))(الترمذي،ما يقول إذا دخل على أهله،ح(1012)).وإذا جاءك من يقول لك إذا خرجت من بيتي أخشى على نفسي من المخالفات والحوادث المرورية،ومن أهل السوء فما العمل؟. فقل له:هذ صلى الله عليه وسلم يرشدك الطريق بقوله:((مَنْ قَالَ يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ يُقَالُ لَهُ كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ))(الترمذي،ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته،ح(3348)[ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ])،من جاءك وقال كبر سني وإني أخشى على نفسي أمراض الكبر المنتشرة من جلطات دماغيه قد تصيب المرء بشلل نصفي أو كلي يعجز معه،أو أخشى من عدو يتربص بي أو إني أخشى من البعوض وحمى الضنك وغيرها مما يحذره المرء فما العمل؟.فقل له:عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَال سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه يَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ))، وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبَانُ مَا تَنْظُرُ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ(الترمذي،ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى،ح(3310)[ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ]).أخي الحبيب ثق باسم الله واعرف له قدره وتوكل على الله الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير وأبشر بالحماية والوقاية ثقة بقول ربنا سبحانه:((...وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا))(الطلاق:3).

 
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحيه وسلم تسليماً كثيراً،أمابعد:فاتقوا الله عباد الله ولنربي أنفسنا وأهلينا على التمسك بشريعة الله ما صغر منها وما كبر،ففيها والله البركة والخير كله،فقد كشف لنا اليوم العلم الحديث أن كلمة بسم الله لها تأثير قوي يفوق أقوى أحدث وسائل التأثير العلمية وهي تقنية النانو،فقد استطاع العلماء تغيير شكل ذرات الماء من خلال تقنية النانو ما عدا ماء زمزم استعصى عليهم،بيد أنهم لما جاءوا بمن قال بسم الله عليه تغيرت ذراته؛فأي قوة عجيبة في كلمة بسم الله،كما وجد العلماء أن لحوم الذبائح التي يذكر بسم الله عليها أطهر وأنقى بكثير من اللحوم التي لم يذكر اسم الله عليها وتأملوا معي قول الله تعالى من قبل ما يزيد على ألف وأربعمائة عام:{ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }(الأنعام:121).أحبتي في الله هل لي أن أدعوكم ونفسي للالتزام التسمية (بسم الله) في كل أمور حياتنا،فأنت يا عبد الله إن أردت أن تحفظ نفسك وأهلك من كثير مما ترى من تخبط الشياطين للناس من مس ولمس وغيرها فعليك ببسم الله حين تدخل مكان قضاء الحاجة وعليك ببسم الله حال خلع ملابسك فقد قال صلى الله عليه وسلم :((سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْخَلَاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ))(الترمذي،ما ذكر من التسمية..،ح(551)).إذا أردت أن توفق في عملك أو في تجارتك أو في مذاكرتك فابدأ ببسم الله،إذا أردت أن تسلم من أخطار العمل أو المنزل ففي كل حركة سم الله،افتح المصباح فقل بسم الله،أشعل المكيف فقل بسم الله،أدخل الغرفة فقل بسم الله..وهكذا لتكن مسدداً موفقاً في حياتك وتحفظ بإذن الله،وبعض الناس قد يسمع من يكثر من بسم الله فيقول هذه وسوسة،فنقول له لا والله بل الوسوسة والشقاء والبلاء وقلة التوفيق من الإعراض عن ذكر الله،والله جل في علاه قال:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ()وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } (الزخرف:36-37).