صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إذا غضب الله فمن ينفع ؟
(joma565)20/5/1433هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله القوي الجبار المقتدر،العزيز العظيم يبعث بين يدي غضبه الآيات والنذر،أحمده جل شأنه وأشكره على نعم متتابعة علينا كقطر المطر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له لا يقوم لغضبه جان ولا بشر،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه شهد بنبوته الشجر والحجر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أمابعد: فاسمعوا عباد الله لوصية ربكم وخالقكم إذ يقول:{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا } (النساء:131). عباد الله يكثر الحديث ويستمر عن رحمة الله وعظيم سعتها،وعن كرم الله وعفوه سبحانه،وهذا قد يؤدي لغفلة الناس عن أمر مهم جداً.واسمحوا لي بتساؤلات هل الرحمان لا يغضب؟.هل العفو لا ينتقم؟ إنها من عقيدتنا المقررة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن الرحمان الرحيم سبحانه شديد العقاب والانتقام،أن الله كما يرضى سبحانه يغضب،{ ...وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ } (الرعد:6).عباد الله هذا نبأ عظيم من ربكم فاسمعوه : { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ()وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ }(الحجر:49-50).فما بال الناس أخذوا يسرفون على أنفسهم بالذنوب والمعاصي سراً وجهراً،وكأنهم قد نسوا أن العظيم يغضب،أن الجبار يغضب،فقولوا لي بربكم إذا غضب العظيم فمن ذا ينفع؟.إذا غضب الجبار من ذا ينفع؟.يا عبد الله أنظر إلى الجبل ما حجمك بالنسبة إليه اسمع لربك يخبرك ماذا حدث للجبل:{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }(الأعراف :143).هذا الجبل اندك دكاً أمام عظمة الله فهل تطيق ما يطيقه الجبل؟.بل حتى جبال الدنيا كلها لو اجتمعت لا تساوي أمام قدرة وقوة الله شيئاً اسمع للجبار ينبئك بقوله:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا()فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا()لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتً }(طه:105-107).وما الجبال إلى جوار السموات والأرض:{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } (فصلت:11).ياعبد الله هذه السموات والأرض ما تمثل أنت فيها،حين ناداها الله فلم تملك أن تمتنع عن إجابة الدعوة ولا أن تعصي ربها وخالقها.فعجباً لابن آدم يناديه منادي الله للصلاة حي الصلاة حي على الفلاح فلا يجيب!.هل أمن أن لا يغضب عليه الله؟. ياعباد الله تأملوا وتدبروا كم من أمة غضب الله عليها فأبادها الجبار من الوجود كأن لم تكن؛هؤلاء قوم لوط يخبرنا الله عما فعل بهم لما غضب عليهم بقوله:{ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ()مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } (هود:82-83).فأين اللوطية ودعاة المثلية من هذه الآيات أما يخافون أن ينزل بهم غضب الله؟. ولما نزل غضب الله بقوم لوط من وقف معهم؟ من استطاع أن يدفع عنهم؟. والقصص القرآني في غضب الله وانتقامه من مجتمعات عصت ربها وسلكت طريق الغواية كثيرة جمع الله لنا مجموعة منه في قوله:{ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ()وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ()فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }(العنكبوت:38-40).وكما نزل غضب الله على أقوام فما أغنى عنهم جمعهم وما كانوا يكسبون،نزل أيضاً على أفراد غرتهم نعم الله التي أنعمها عليهم في الدنيا؛ففرعون غره ملكه وسلطانه فقصمه قاصم الجبابرة سبحانه،ففقد ملكه وسلطانه في لحظة،فمن ذا الذي منع فرعون من غضب الله؟.وقارون غره ماله فطغى وتجبر وأنكر نعمة الله عليه فلما نز ل به غضب الله فقد ماله ونفسه في لحظة واسمع لله يخبرك عن ذلك بقوله:{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ } (القصص:81). هل غضب الله قصراً على تلك الأمم؟. أقول إن نماذج غضب الله عديدة تمر أمام أعيننا في هذا الزمان وكم نحاول أن نرجعها لتفسيرات مادية،وقد رأيت بأم عيني شاب متمرد على الله،يدعو الشباب للفطر في نهار رمضان ويخرج رأسه من نافذة السيارة متحدياً ربه عياذا بالله فيقول يارب أنا الذي فطرتهم وهم في رقبتي،فما لبث سنين بسيطة ثم سمعنا عن ذلك الرأس يفصل عن الجسد في حد قتل أقيم عليه والناس من حوله ينظرون ولكن كم منهم يعتبر.عباد الله إن الغفلة عن غضب الله أمر خطير للغاية يجب التنبه عليه وقد ذم الله قوماً أمنوا مكر الله بهم بقوله:{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ()أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ()أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ()أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } (الأعراف:97-98).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه.أمابعد:فاعلموا رحمني الله وإياكم أن غضب الله لا يكون فقط بالإهلاك،بل قد يكون بسلب نعم من العبد أعطاه إياها فيكون عبرة لغيره؛وقد مسخ الله قوماً من بني إسرائيل فجعلهم قردة وخنازير لما احتالوا على أمر الله،وكم بيننا اليوم من يحاول الاحتيال على الربا أو الزنا عياذاً بالله،وكم من الناس فقد القدرة على المشي أو فقد بصره أو فقد ماله أو أهله ومنهم من فقد عقله عياذاً بالله، فهل تأملوا فيما أصابهم أنه قد يكون من غضب الله عليهم؟.وهل اعتبر بهم الآخرون أم أنهم أرجعوه لأسباب عضوية طبية؟.نعم احبتي ليس كل من أصيب بشيء قلنا هو بالضرورة علامة على غضب الله عليه.فقد يكون ما أصابه من الابتلاء وأشد الناس ابتلاء الأنبياء،بيد أنه ليس كل ما أصاب الإنسان هو ابتلاء فقد يكون من غضب الله،وأشد ما يفقد العبد إن يسلب حلاوة الإيمان ولذة المناجاة فإنها المصيبة الكبرى والله،عباد الله اتقوا الله واحذروا كل ما يسخط الله فما يدري الإنسان قد ينزل به غضب الله بكلمة يقولها لا يلقي لها بالاً؛عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ))(البخاري،حفظ اللسان،ح(5997)). تأملوا أحبتي هذه كلمة فكيف بكلمات؟.وكيف بأعمال كثيرة ...رحماك ربنا بنا.رحماك ربنا بنا . عباد الله إن أعظم ما يستدفع به غضب الله الصدقة يقول صلى الله عليه وسلم :((إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عَنْ مِيتَةِ السُّوءِ))(الترمذي،فضل الصدقة،ح(600))،والزموا الاستغفار يقول الله:{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } (الأنفال:33).


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية