اطبع هذه الصفحة


أظلنا رمضان فهل نحسن الاستقبال؟
(joma575) 23/8/1433هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله مدبر الليالي والأيام,مصرف الشهور والأعوام،الملك القدوس السلام،المتفرد بالعظمة والبقاء على الدوام، المنزّهِ عن النقائص ومشابهة الأنام،يرى مافي داخل العروق وبواطن العظام،ويسمع خفي الصوت ولطيف الكلام.أحمده سبحانه قدر الأمور فأجراها على أحسن نظام،وشرع الشرائع فأحكمها أيما إحكام،وأشكره شكر من طلب المزيد على النعم ورام،وأشهد أن لاإله إلاالله الذي لاتحيط به العقول والأوهام،وأشهد أن حبيبنا و نبينا محمداَ عبده ورسوله أفضل الأنام صلى الله على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان على الدوام وسلم تسليماَ كثيراَ . أما بعد:فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله،أمة التقى والصلاح إذا تراكمت على رجل الأوساخ و كادت رائحته أن تنتن،ثم إذا هو بنهر جار أمامه فهل يبادر لغسل تلك الأوساخ أم يصر على بقائها على جسده؟.لا شك أن من لا يبادر للاغتسال إنسان فقد إنسانيته وانحرف عن فطرته السوية.معاشر من آمن بالله واليوم الآخر كأني بالساعة قد قامت و صحف الأعمال قد تطايرت والموازين قد نصبت،وكأني بي و بك واقفين في ذلك المشهد الرهيب على وجل يا ترى هل تثقل الموازنين أم تخف؟.ونتذكر قول الله تعالى:{ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ()فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ()وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ()فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ()وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ()نَارٌ حَامِيَةٌ }(القارعة:6-11).أخي الكريم عام كامل والخطايا تتراكم على ظهرك ووزر التقصير في جنب الله يثقلك ، فهل تسمح لي أن أدلك على نهر تغتسل فيه فيذهب عنك ما تجد ؟. إنه هنا قريب أنه شهر رمضان الذي سيحل علينا بعد أيام –بلغنا الله وإياكم ذلك الشهر-.أخي الحبيب يا من حمل هم الميزان يوم القيامه ، هل تأذن لي أن أدلك على ما يخفف من ثقل كفة الذنوب ويثقل في كفة الحسنات إنه الضيف القريب الوصول إنه شهر رمضان.أتريد برهاناً على أن شهر رمضان يغسلك ويطهرك ليس من ذنوب عام واحد بل من ذنوب عمرك الماضية كلها ؟ أذا اسممع لنبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم وهو يقول:((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،صيام رمضان احتساباً من الإيمان،ح(37))،هذه الفرصة الأولى، الفرصة الثانية أخبرنا عنه صلى الله عليه وسلم بقوله:((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،تطوع قيام رمضان من الإيمان،ح(36))، هذه الفرصة الثانية، هل تريد أخي فرصة ثالثة للنجاة إذاً اسمعها من خير البشر صلى الله عليه وسلم وهو يقول:((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،من صام رمضان إيماناً واحتساباً ونية،ح(1867)). أخي الحبيب ثلاث فرص للنجاة تعرض عليك،ثلاث فرص للتطهر من الذنوب والآثام التي ارتكبتها طول عمرك الماضي (غفر له ما تقدم من ذنبه) تعرض عليك،ثلاث فرص تعرض عليك لتمحو من كفة ميزانك يوم القيامة عامة ما ارتكبت من ذنوب وآثام،فقلي بربك ماذا تنتظر؟.ألا يعصف بك الشوق لبلوغ تلك الفرص؟.أيها السادة الكرام لو أعلن محل تجاري عن فرصة واحدة للفوز بمليون ريال ، قولوا لي بربكم كيف تشرأب لبلوغ تلك الفرصة الأعناق وكم يٌبذل من جهد ووقت للعمل على اغتنام تلك الفرصة،مع أن المليون ستنتهي وتنتهي معها فرحة الفوز بها،أما فرحة الفوز يوم القيامة فلا تنتهي لأنها خلود في نعيم دائم.من هنا نفهم لماذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن سار على النهج من السلف الصالح يدعون ربهم بكل خشوع وإخبات وإلحاح ستة أشهر أن يبلغهم الله رمضان،ومن هنا نفهم لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر. عباد الله إذا عرضت على شخص ثلاث فرص للنجاة من غرامة مالية بسيطة أو عقوبة بدنية ولم يستفد منها ألا يعتبر ذلك خسران؟.من هنا نفهم الحديث الذي رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين،آمين،آمين،قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال:((إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين))(الإمام الألباني،صحيح الترغيب والترهيب،ح(997)). أخي الحبيب هل علمت أن شهر رمضان ليس فرصة لتكفير الذنوب والآثام فقط ،بل هو فرصة لأن تكتسب درعاً تقيك الهلاك وترفعك عند الله درجات وتضمن لك الفوز بالجنة بإذن الله؟.أعرفت ما تلك الفرصة؟.إنها فرصة أن تٌرفع بفضل الله ثم بما يوفقك الله له من أعمال في هذا الشهر وعلى رأسها الصيام لتكون من المتقين، هل عرفت ماذا يعني أن تكون من المتقين ؟.هل عرفت الامتيازات والفضل الذي أعده الله لهذه الفئة النقية –جعلني الله وإياك وأهلينا وأولادنا والمسلمين منهم؟.أنصحك أن تتبع في شهر القرآن الآيات التي ذكرت ذلك .أخي هل تريد دليلاً على أن شهر رمضان يوصلك لدرجة المتقين ،أرعني أخي سمعك فإن الذي يخبرك عن ذلك ربك جل في علاه وهو يخاطب أمة الإيمان كافة بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (البقرة:183).

الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبدالله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أنه على رغم قصر الأيام التي تفصلنا عن شهر الخيرات والبركات شهر رمضان،إلا أنه لا يملك أي واحد منا ضمان بأن يدرك الشهر،فكم من صحيح سمين دهين مات قبل دخول الشهر بساعات أو دقائق،وكم من سيقم بلغه الله الشهر،وقد يتساءل البعض فما العمل؟.أقول أعقد النية من هذا المكان المبارك،وفي هذا اليوم المبارك على أن تستثمر رمضان لتفوز بالنعيم الخالد في الجنان،عاهد نفسك من الآن بصدق أن تجتنب كل ما يفسد صيامك أو يجرحه أو يقلل من مثوبته ، عاهد نفسك على أن تقوم رمضان بالكامل وألا تسمح لصوارف الدنيا أن تشغلك عن هذه المهمة العظيمة التي فيها نجاتك وقد أخبرك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم كيف تدرك هذه الفضيلة بقوله : ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة))( رواه أبو داود (1370) وغيره ، وصححه الألباني في "صلاة التراويح " (ص 15)).
أخي الحبيب إني أنبهك من مكر عدوك إبليس فإنه يتفنن في تذكيرك بالصوارف حتى لا تتم القيام مع الإمام ويفوتك هذا الفضل.أحبتي في الله وكما أعد الصالحون أنفسهم وعاهدوها على استثمار الشهر الفضيل والفوز بالغنيمة فيه،فإن شياطين الإنس تعاهدوا على أن يفسدوا على عباد الله لذة الشهر وأن يصرفوهم عن الاشتغال بطاعة الله؛ فأعدوا لكم كماً ضخماً بما سموه بالبرامج والمسلسلات الرمضانية التي تموج بالفتن والشهوات والمنكرات!.فقلي أخي هل تستجيب لنداء ربك الذي يناديك ليرحمك،أم تستجيب لنداء من يسعون لحرمانك من فرص النجاة،أخي الحبيب اسمع معي فإن ربك الذي يتحدث محذراً بقوله جل في علاه:{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا()يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفً } (النساء:27-28).




 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية