اطبع هذه الصفحة


هل استعدينا لاستثمار الكنز
(joma607)26/8/1434هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله العظيم الكريم،الحمد لله الرحمن الرحيم،أحمده سبحانه وأشكره أكرمنا بفضله ومنه بنعمة الهدى والدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له الملك الحق المبين،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صادق الوعد الأمين صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب والتابعين.أمابعد:فاعلموا رحمني الله وإياكم أن الجنة أقرب لأحدنا من شراك نعله وأن الطريق الممهدة للوصول إليها تقوى الله أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا()جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا()لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا()تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّ } (مريم:60-63).
معاشر المؤمنين نحن على أبواب كنز عظيم فهل استعدينا لأن نفوز بأكبر قدر ممكن منه؟.أعرفتم ماذاك الكنز إنه شهر رمضان الذي تفصلنا عنه أيام معدودات هو كنز بكل ما تعنيه الكلمة،قلي بربك ما شعورك لو أنك وقعت في كنز من الذهب عظيم؟.لا شك أنك ستفرح به فرحاً عظيماً،ومن عرف رمضان حق المعرفة استبد به الفرح بقدوم هذا الشهر من قبل أن يقدم،فهذا قدوتنا وإمامنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يفرح بقدوم هذا الشهر حتى يملأ الفرح صدره الشريف ثم يفيض ذلك الفرح ليبشر بقدوم الشهر أصحابه أخرج الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: ((قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ))(أحمد،مسند أبي هريرة،ح(6831) فهيا لنشارك جميعاً نبينا وإمامنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم الفرحة بهذا الكنز.هل لدى المؤمن كنز أعظم من جنة الخلد؟. فهذه أبواب الجنة جنة الخلد التي فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر تفتح لك في رمضان،عيشوا معي هذه المشاعر وتحسسوا برودة نسيم الجنة يلامس وجهوكم،استنشقوا معي عبير أزهار الجنة يملأ أنوفكم،الله أكبر كم يملأ رمضان النفس توقاً لجنة الخلد.هل هناك كنز أثمن من النجاة من النار؟. فهذه النار أبوابها قد غلقت. كيف لا نفرح بهذا الكنز وهذه الشياطين التي طالما أغوتنا ودفعتنا دفعاً نحو نيران الجحيم كما أخبرنا الله عن مكرهم بقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } (فاطر:6). أحبتي في الله لو أن لأحدنا عدو متسلط عليه لا يستطيع دفعه فسخر الله له من يكبل هذا العدو ويريحه من شره كم ستكون فرحته بذلك،وإن أخطر عدو لنا في هذه الحياة هو إبليس أجارنا الله وإياكم من مكره ألا نُسَرُ يوم أن يكبله العظيم ويكف آذاه عنا؟. بلى والله إنها لفرحة عظيمة أن ننطلق في سيرنا إلى الله بعيداً عن كيد الشيطان ومكره.معاشر المؤمنين لو كان على أحدنا دين ولنفرض قدره مليون ريال لأحد المصارف وعجز عن سداده،فعرض عليه المصرف أن يعمل لديه لمدة ثلاثين يوماً ويعفيه من السداد ويشطب عنه كامل المبلغ،ألا يعد ذلك كنزاً له؟.معاشر المؤمنين دعوني أدعوكم لأن نغمض أعيننا ونعود بالذاكرة إلى الوراء قليلاً وأنا معكم الآن.نتذكر كم من الذنوب والمعاصي ارتكبنا فيما مضى من عمرنا؟. كم من نظرة حرام نظرنا بأعيننا فيما مضى من عمرنا ؟. كم من سمع محرم سمعنا فيما مضى من عمرنا ؟ كم من خطوة محرمة مشتها أقدامنا فيما مضى من عمرنا؟. كم ..وكم . الآن لنفتح أعيننا هل تذكرنا كل ما أخطأنا به في جنب الله؟.أم أننا تذكرنا القليل وفات علينا الكثير وصدق الله إذ يقول: { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (المجادلة:6).هل أحسسنا بعظم وكثرة الذنوب والخطايا التي ارتكبناها ؟. إذا ما رأيك أخي الحبيب أن أدعوكم لعرض سخي من رب كريم يبلغنا إياه رسولنا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ؛عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،تطوع قيام رمضان من الإيمان،ح(36)).هذه الفرصة الأولى.وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(البخاري،صوم رمضان احتساباً من الإيمان،ح(37)).وهذه الفرصة الثانية.و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..))(البخاري،من صام رمضان إيمانا واحتساباً ونية،ح(1768)).وهذه الفرصة الثالثة.ثلاث فرص يعرضها علينا ربنا الرحيم بنا لأن نمحو كل ما سبق من ذنوبنا ما نذكره ومالم نذكره ما علمناه ومالم نعلمه،ألا يعد ذلك أثمن من الكنز؟.من هنا نفهم لما كان السلف يدعون ربهم منذ وقت مبكر أن يبلغهم رمضان. رمضان كنز عظيم ففيه أنزل دستور حياتنا : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } (البقرة:186).


الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أنه مع أن شياطين الجن قد صفدت إلا أنه بقي شياطين الإنس وهم أشد خطراً على المرء المسلم متى ما استسلم لهم،فبينما شهر الصيام شهر عبودية وتقرب إلى الله ينفق هؤلاء الأموال الطائلة ليصدوا الناس عن ذكر الله،كم من ملايين الريالات تنفق سنوياً لإعداد ما يسمى بالمسلسلات الرمضانية،ما محتواها؟حول ماذا تدور؟.إنها لا تخرج عن الحب والمخدرات والفساد.وتبدأ التهيئة النفسية للناس من قبل رمضان من خلال الإعلان عن تلك المسلسلات وبعض ما تحويه وتشويق الناس لها،وكما أن هناك مسلسلات رمضانية هناك فوازير رمضانية،وقد يختار لتقديمها أجمل النساء،وقد تحوي على تبرج ومنكرات عدة،حتى أصبح من المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينتظر قدوم رمضان والعياذ بالله لا للفرحة بهذا الشهر العظيم، ولكن ليتابع تلك المسلسلات والفوازير وغيرها ،بل قد يبث بعضها في نهار رمضان ومع الأسف يجد من يتابعه وهو صائم!.فلا إله إلا الله ما أعظمه من تناقض كيف يجتمع نور الطاعة وظلمة المعصية،الله الكريم العظيم يعرض علينا أن يكفر عنا ما مضى من أعمارنا وهناك من يريد أن يزيد من طول صحيفة السيئات ويثقل في الميزان جانب الخطيئات،نعوذ بالله من الخذلان.معاشر المؤمنين ما رأيكم أن أدعوكم ونفسي من الآن لوضع برنامج عملي لاستثمار شهر رمضان الاستثمار الأمثل، وأن لا يغرنا طول الأمل فإن كنا لا ندري أندرك شهر رمضان هذا بعد أيام أم لا فكيف نؤمل ونسوف لرمضان القادم ، كم من أمرئ نعرفه مات ليلة رمضان ولم يسعد به ، وكم من الناس سَوَّف العام الماضي على أمل أن يبلغ رمضان هذا العام فإذا هو اليوم في قبره رهين عمله يعض أصابع الندم على تسويفه، فهيا أحبتي لنحث أنفسنا وأهلينا لاغتنام شهر رمضان وأن لا يمر علينا كأي شهر عادي هيا ولنسارع لذلك فالله الرحيم بنا يحثنا على المسارعة بقوله : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } (آل عمران:133).


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية