اطبع هذه الصفحة


العلم من أساس القوة للأمم

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم،أحمده جل علاه وأشكره خلق البرية من عدم وأسبغ عليها نعمه المتتابعة منذ القدم،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،أمابعد:فيا أمة العلم والإيمان اعلموا رحمني الله وإياكم أن أقصر طريق للعلم والتعلم يمر بتقوى الله أخبركم ربكم عن ذلك بقوله:{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(البقرة:282).أمة الإسلام العظيمة أدعوكم ونفسي للتفكر والتأمل بما سيطر أعداء أمة الإسلام على امتنا العظيمة واستباحوا ديارها ونهبوا خيراتها وسفكوا دمائها ورملوا نسائها،ويتموا أطفالها،وجعلوا أعزة أهلها أذلة؟.أهم أكثر عبودية منا لله الواحد الأحد؟.لا.والله.فهم أهل شرك وكفر وفساد..إذن كيف حصل هذا؟.لأنهم يملكون القوة؛والقوة أحبتي تتألف من عنصرين:القوة الإيمانية،والقوة المادية؛من الأسلحة الفتاكة ونحوها؛وأعداء الإسلام منذ القدم يستكثرون من القوة المادية ليغطوا على فقدهم للقوة الإيمانية؛ومن البراهين الواضحة على فقدهم للقوة الإيمانية الصور التي تبثها وسائل الإعلام؛حيث ترى الواحد منهم يقتحم أماكن المسلمين العزل من السلاح وهو بكامل أهبته حتى كأنه ثكنة عسكرية كاملة تتحرك،بل ترى الجندي منهم يفر هارباً بكل ما أوتي من قوة ..ممن؟.من طفل صغير يحمل في يده الحجر.أما أمة الإسلام العظيمة فهي تملك أس القوة وهي القوة الإيمانية؛لأن فيها اتصال برب السماوات والأراضين،فيها اتصال بالقوي العزيز،فيها اتصال بمصدر النصر والتمكين؛وهذا ربنا يبين للأمة بأن تحقق النصر يوم بدر يوم أن كانت لا تملك من القوة المادية إلا القليل ليس بسبب قتال وشجاعة البشر ولا حتى بقتال الملائكة معهم بل هو من عند الله فقال:{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}(آل عمران:126)؛ولكن ليس بالقوة الإيمانية وحدها تنصر الأمة ويتحقق لها مجدها؛ لا تنصر الأمة بالركون إلى الزوايا والتكايا وحلقات الذكر والخمول والكسل، ولوكان الأمر كذلك لركن إليه نبينا وقدوتنا أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وهو أفقه البشر فما خرج للهجرة متخفياً،و للزم مسجده معتكفاً هو وأصحابه واخذوا يدعون الله أن ينصرهم وأن يدمر أعداءهم والله قادر على نصرهم،ولما خرج بأصحابه يوم أحد فأصابه ما أصابه من الجراح فداه أبي وأمي والناس أجمعين ولما قُتِلَ من أصحابه من قُتِلَ.أحبتي في الله اسمعوا معي إلى كلمات ربنا وهو يحثنا على الأخذ بعنصر القوة المادية بقوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}(الأنفال:60).وطريق الحصول على القوة المادية الاجتهاد في تعلم العلوم التقنية والعلمية.والسؤال هل يحتاج تحقق النصر للأمة أن تمتلك من القوة المادية نفس ما يمتلكه الأعداء؟؛ هذا المفهوم متى ما اعتنقته الأمة كتبت على نفسها الذل والهوان حتى تتخلى عنه؛ذلك لأنها ترى بأنها أضعف من عدوها فعليها أن تؤخر دفع العدو حتى تملك من القوة مثل ما يملك!.ومن المعلوم أن العدو لن يمكنها من ذلك، وبالتالي لن يكون هناك دفع للعدو البتة؛ وهذا مالا يرضاه لها ربها أبدا؛ فالله يعلم أن هناك فترات تمر على الأمة لا تستطيع فيها أن تعد نفس القوة التي يمتلكها الأعداء لذا قال:(ما استطعتم)؛ والمتأمل في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده وفتح فارس والروم يجد أنها في معظمها كانت القوة المادية لدى العدو أضعاف أضعاف قوة المسلمين، وقد تم تعويض الفارق من خلال القوة الإيمانية، لذلك كان الفاروق الملهم رضي الله عنه يوصي جنوده حينما يتوجهوا للمعارك بقوله:"إياكم والذنوب فإنكم إن عصيتم الله كنتم أنتم وأعداءكم سواء، وهم يفوقونكم في العدة والعتاد فيهزمونكم".يا أبناء أمة الإسلام العظيمة تعالوا للنظر في حال أمتنا المعاصر بأيِّ عنصري القوة أخذت؟.هل طهرت مجتمعات أمتنا من الذنوب والمعاصي الظاهرة والمجاهر بها؟.كيف هي صلة أمتنا بالواحد الأحد من بيده النصر والعز والتمكين؟.هل أخذت الأمة بأسباب القوة المادية من صناعة الأسلحة وتطويرها بما يخيف العدو ويردعه؟.أم أننا مازلنا عالة على عدونا نشتري منه سلاحنا فيعطينا ما يشاء ويمنعنا مايشاء؟.أحبتي في الله إنني أُذَكِّرُ بمثل هذه القضايا في مطلع العام الدراسي الجديد ليعلم الآباء و الأمهات والأبناء والبنات والمعلمون والمعلمات أن الأمة بحاجة للقوة بعنصريها الإيماني والمادي؛ وأن ذلك يحتاج لبذل الكثير من الوقت والجهد والعمل الدؤوب في تربية أبناء أمة الإسلام العظيمة على العزة،والترفع عن تضييع الأوقات في اللعب والشهوات ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة؛فهذا حبر هذه الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنه كان يجلس في وقت الظهيرة على عتبة باب رجل عنده مسألة علم، حتى تسفي الريح في وجهه التراب، وهذا الإمام النووي رحمه الله كان من صغره شغوفاً بالعلم ويتجنب اللعب مع الأطفال حتى كانوا يكرهونه على اللعب معهم، وهذا الإمام البخاري رحمه الله كان يستيقظ من نومه عشرات المرات في كل مرة يوقد السراج ليدون مسألة خشية أن تفوته..وهذا..وهذا..والقائمة تطول؛فليعلم الجميع أنه لاعز لأمتنا ولانصر إلا متى ما حرصنا على الجمع بين عنصري القوة؛القوة الإيمانية والقوة المادية ما استطعنا لذلك سبيلا،فهل نحن عازمون عاملون لتحقيق ذلك؟.معاشر المؤمنين ومن الأفكار الخاطئة التي قد يعتنقها بعض شبابنا فتؤخر أخذ الأمة بعنصري القوة،أن التخصصات العلمية والتقنية لا تليق ولا تتناسب مع الشاب الصالح المتمسك بدينه؛فتجد من الشباب الصالحين من يزهد في تلك التخصصات؛فأقول لهم إن ذلك خطأ فادح فالأمة بحاجة للطبيب المسلم المتدين،وبحاجة للمهندس المتدين،ولكافة التخصصات التقنية والعلمية؛ومعلوم أن تلك التخصصات فرض كفاية إذا لم يتم شغرها بما يغني الأمة أثمت الأمة جميعها،ومن تلك الأفكار الخاطئة ايضاً؛ أن الدين وطلب العلم الشرعي قصراً على أصحاب التخصصات الشرعية؛فيزهد في ذلك طلاب التخصصات العلمية والتقنية؛فأقول لهم إن ذلك خطأ عظيم لأنك مسلم وكل مسلم مطالب بالتمسك بدينه وأن يطلب من العلم الشرعي ما يمكنه من عبادة الله على بصيرة،نعم لا يطالب بالاشتغال بالعلم الشرعي كالمتخصص فيه حتى يُضَيِّعَ تخصصه العلمي؛ فهناك علماء يمكن الرجوع إليهم في طلب الفتوى.أيها الأحبة في الله لنعش جميعاً بكل أحاسيسنا ووعينا كلمات ربنا وهو يخاطبنا بقوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}(الأنفال:60).

الخطبة الثانية:
الحمدلله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء وسلام على عباده الذين اصطفى،وأشهدأن لاإله إلا الله وحده لاشريك له يدعى ولاند له يرتجى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن عز الأمة ونصرها أمانة في أعناقنا وعلينا العمل على تحقيقه على كافة المستويات وغرس ذلك في أبنائنا،وإن قصَّرت الأمة في ذلك يخشى أن يتحقق فيها قول العليم الخبير:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ }(التوبة:38).وقوله جل في علاه:{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }(محمد:38).نداء ...نداء أوجهه من هذا المكان المبارك وفي هذا اليوم المبارك لأبنائنا وبناتنا الطلاب فأقول لهم لتجعلوا عز أمتكم نصب أعينكم فتجدوا و تجتهدوا في طلب العلم فإن الأمة ترجو النصر على أيديكم، وللآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات أقول لهم اتقوا الله وابنوا في أبناء أمة الإسلام حب العلم والاجتهاد في طلبه وابنوا فيهم عزة الإسلام.



 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية