اطبع هذه الصفحة


أي نداء أحق بالإجابة
 (joma615) 30/11/1434هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خالق الأرض والسموات ،والمتفرد بالإحياء بعد الممات ، أحمده جل شأنه وأشكره على نعمه المتتابعات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يُفزع إليه في الملمات وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله اصطفاه ربه لخاتم الرسالات صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد:فيا عباد الله هذا ربكم يخاطبكم فاستمعوا لخطاب ربكم إذ يقول :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).
أمة الإسلام العظيمة هذه الخطبة جاءت فكرتها من رسالة واتساب تأثرت بها،ولأني أحبكم وأحب الخير لكم أحببت أن تشاركوني في موضوعها،دعونا نبدأ حديثنا بأن نعيش مشهداً من المشاهد اليومية في حياتنا ، كلنا بإذن الله ممن يستيقظ غالباً لأداء صلاة الفجر فماذا يلحظ الواحد منا وهو خارج من بيته للمسجد، كيف هي حال البلد في الساعة الخامسة تقريباً ؟.الشوارع شبه خاليه، الهدوء سيد الموقف،العمائر بها عدد كبير من السكان لا ينزل منهم إلا الآحاد،تصل للمسجد فلا تجد فيه إلا عدداً يسيرا وقد يكون أكثرهم من كبار السن.انتهى المشهد الأول تعالوا نتأمل في المشهد الثاني:بعدها بساعة ونصف تقريباً ماذا يحدث،أي في حوالي الساعة السادسة والنصف، البيوت تتعالى فيها الصيحات لإيقاظ الأولاد للمدارس وكأنها جرس إنذار،وترى الأولاد في البيت يتحركون حركة سريعة وكأنهم في حالة إخلاء للطوارئ،تخرج إلى الشوارع فتسمع صخباً وزحاماً مرورياً وكأن البيوت لم يبق فيها أحد وكل من فيها خرج للشوارع.وإذا سألت ما المشكلة لما كل هذا؟. جاءتك الإجابة بأنه موعد المدارس والعمل..!.والسؤال من صاحب الموعد الأول،ومن صاحب الموعد الثاني؟.صاحب الموعد الأول الله الذي خلقنا من عدم وكبرنا من صغر وهدانا من ضلالة وقوانا من ضعف وإن تعدد نعم الله لا تنتهي وصدق الله إذ يقول:{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم:34).وصاحب الموعد الثاني بشر مثلنا،ومصالح دنيوية زائلة،فبالله عليكم أيهم أحق أن يجاب وأن يسعى لندائه؟ صاحب الموعد الأول وضع لك من يذكرك بالموعد المؤذنون،ويحثونك عليه بعبارة تميز بها النداء لصلاة الفجر تذكرك "الصلاة خير من النوم".فماذا فعل لك صاحب الموعد الثاني؟ فقلي بربك من أحق أن يجاب وأن يسعى لتلبية ندائه؟.صاحب النداء الأول ربك وخالقك بيَّن لك فضل صلاة الفجر بقوله:{وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودً} (الإسراء.78).صاحب النداء لصلاة الفجر هو ربك ورازقك الكريم جعل لصلاة الفجر أجراً عظيماً أخبرك به نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله:((وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِى جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ))(السنن الكبرى للبيهقي،ما جاء في فضل صلاة،ح(5162)).فأيهما أحق بتلبية النداء؟.الله العظيم أعطاك وعداً بحفظك متى صليت الفجر أخبرك بذلك الوعد نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله:((مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ))(مسلم،فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة،ح(1051)). الله أكبر كم من الشرور والبلايا يحفظك الله منها وأنت لا تعلم قد تكلفك الكثير من المال والوقت وقد تكلفك لا قدر الله حياتك {.. فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف:64).فقلي بربك من أولى بإجابة ندائه؟.الحفاظ على صلاة الفجر وبالذات في جماعة هو طريقك لأعظم مقصود وأنعم النعيم لذة النظر لوجه الله العظيم،هذا الرب الذي طالما سجدت وركعت له،هذا الرب الذي طالما حمدته،هذا الرب الذي طالما ذكرته،هذا الرب الذي أحببته من كل قلبك فسارعت لمرضاته، أخبرك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن أكبر نعيم في الجنة لذة النظر لوجهه الكريم بقوله:((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ))(مسلم،إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى،ح(266)).أخي الحبيب اسمع معي ومتع سمعك بحديث سيدي رسول الله،أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ:((أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُّونَ أَوْ لَا تُضَاهُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ، ثُمَّ قَالَ فَ{ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }. أحبتي الأفاضل تعالوا معي واسمعوا لقول ربنا إذ يقول :{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود:114).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أن التفريط في صلاة الفجر في جماعة هو بداية انفراط عقد المحافظة على الصلوات والذي حذر الله منها بقوله:{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّ} (مريم:59).أحبتي في الله تعالوا وأنصتوا معي لهذا الحديث العظيم من سيدي رسوله الله أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ،قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ،ثُمَّ آخُذُ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لاَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدُ))(البخاري،باب فضل العشاء في جماعة). أخي الحبيب ألا أخشى أنا على نفسي وأنت على نفسك وعلى زوجك وولدك أن تدب في القلوب علامات النفاق عياذاً بالله ؟. والعجيب ممن يشفق على أبنائه أن يوقظهم لصلاة الفجر ويرى في ذلك مشقة عليهم، لكن إذا جاء وقت المدرسة اختفت تلك الرحمة والشفقه وقد تتحول لقسوة في الكلام و قد يصل الحال للضرب، وإذا سألته لماذا قال:إني حريص على مستقبله،أليس أولى أن نحرص على آخرته؟.يا قوم إني أناديكم بنداء يصدر من شغاف قلبي انتبهوا واحذورا أن تفرطوا في جنب الله،فكم من مجتمعات حولنا كانت أمنة مطمئنة فتحول أمنها خوفاً، وتحولت وحدتها فرقة،وتحولت قوتها ضعفاً،واستشرى فيهم القتل وسفك الدماء،وهذه نذر الحرب وطبولها تدق،ووالله ثم والله ثم والله لا حافظ لنا إلا الله،ولا مغيث لنا إلا الله،فلنبادر بالاصطلاح مع الله وأول الخطوات المحافظة على صلوات الجماعة،ليتعاهد بعضنا بعضاً وليحث بعضنا بعضاً عليها،فإذا عَمَّ الاهتمام بالدنيا والحرص عليها وتقديمها على الآخرة هل نكون على صواب؟.أحبتي في الله هذا ربنا الرحيم بنا يخاطبنا محذراً بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ () وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (الأنفال:24-25).

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية