اطبع هذه الصفحة


الثمرة لا تتحقق إلا بعد بذل متطلباتها
(joma643)21/9/1435هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد الله رب العالمين وناصر المظلومين ولو بعد حين أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة الهدى والدين ، وأشهد أن لا إله الا الله الملك الحق المبين وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صادق الوعد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله تفوزا بجنة عرضها السموات والأرض وعدكم ذلكم ربكم بقوله :{ تلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا } (مريم :63).
عباد الله من سنن الله في حياة الناس أن الثمرة لا تأتي إلا بعد بذل الأسباب المؤدية إليها وتحمل مشاق العمل بتلك الأسباب ، ألم ترو معي كيف أن المزارع يحرث ويحصد ويسقي الأيام والشهور حتى يفوز بالثمرة ، وكل منا يعمل ويكد طوال أيام الشهر ليفوز في آخر الشهر بالراتب ، فلا يأتي الرزق للكسلان النائم في بيته يطرق عليه الباب بل لا بد من العمل وبذل الأسباب ومن ثم التوكل على الله علمنا ذلك نبينا وحبيبنا بقوله ((لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا))(أحمد،ج1،ص439،ح(373)). إذا كان "أحبتي هذا الأمر يتعلق بصغائر الأمور ومجريات الحياة فكيف يكون الأمر فيما يتعلق بنصر أمة وإعزاز دين الله فهل نتوقع أن ينزل نصر الله على أمة لا هية غافلة مشغولة بالتفاهات والممثلات والمغنيات والراقصات معرضة عن القرآن في شهر القرآن! تعالوا أحبتي وتأملوا معي كم عانى النبي وأصحابه في مكة حتى هيأ الله لهم داراً يطمئنون بها في المدينة والمنورة ، وكم عانوا من الحروب ومن المنافقين في المدينة حتى أكرمهم الله بفتح مكة ويوم أن حدث اجتهاد وليس معصية مقصودة في أُحد حدث ما حدث وأخبرهم الله عنه بقوله :{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (آل عمران:165).فكيف بالله بأمة يعصي أفراد منها الله جهاراً نهاراً ، ويحاربون الفضيلة ويشككون الناس في أصول دينهم ويلبسون عليهم أفكارهم .عباد الله إن الله وضعها قاعدة خالدة دائمة ما دامت السموات والأرض أن الجنة لا تكون إلا بعد تمحيص فقال سبحانه { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } (البقرة:214).

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد لله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم كما أن الرزق والنصر لا يكون إلا بعد عمل وبذل للأسباب كذلك الجنة والفوز بها، وبعد عشرين يوماً مضت من الصيام وقيام الليل والمكابدة كان فيها تدريب لهذه النفس التي كانت مشغولة طوال العام بدنياها أن تتعود التلذذ بطاعة الله حتى تصل لهذه الأيام المباركات أيام العشر الأواخر من رمضان فيسهل عليها بإذن الله الفوز بالجائزة الكبرى التي ادخرها الله لنا ولكم في ليالي هذه العشر ألا وهي ليلة القدر ؛ هذا الليلة العظيمة التي أنزل الله فيها سورة كاملة لبيان عظم فضلها فقال :{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } (سورة القدر).وانظر معي أخي كيف أن هذه الليلة ارتبطت بنزول هذا القرآن الذي بين أيدينا فلما خص الله هذه الليلة بهذا الشرف العظيم وهو نزول القرآن،جعل فيها لعباده الصالحين المقبلين عليه الذين تركوا الدنيا وراء ظهورهم أجراً عظيماً يعادل عبادة ما يزيد على ثلاث وثمانين عاماً،فالله أكبر ما أعظمها من صفقة رابحة فمن ذا يشمر لها؟.ومن رحمة الله بنا أيها الأحبة أن العظيم الكريم لم يجعلها جائزة واحدة ولفرد واحد بل عم بخيرها كل أمة الإسلام،ومن رحمته بنا سبحانه وعلمه بضعفنا لم يخفها في عام ولا في شهر بل جعلها في عشر ليالي فقط من قامها وأشغلها بالعبادة فقد أدرك ليلة القدر،يا عبد الله من بعد مغرب هذا اليوم تعرض عليك أكبر فرصة للنجاة في حياتك فأرجوك ثم أرجوك أن تغتنمها فوالله ما ندري هل نعيش لندركها العام القادم أم نكون تحت التراب،أو نحرم كمن حُرم هذا العام ممن سلطت عليه الدنيا بمشاغلها ففاته أجرها،أحبتي من لم يستطع التفرغ والاعتكاف لقيام تلك الليلة فلا أقل من أن يكف نفسه وأهل بيته عن المنكرات خلال هذه العشر،وأن يشغل على الأقل قلبه قبل لسانه بذكر الله فهو من أعظم العبادات،وأوصيكم أن تلحوا على الله بالدعاء أن يحفظ على بلادنا وبلاد المسلمين نعمة الإيمان والأمن ورغد العيش الذي نعيشه وأن يلهم كافة أفراد المجتمع شكر هذه النعم


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية