اطبع هذه الصفحة


رحمة الله في حر الصيف
(joma677) 18/8/ 1436هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الرحيم الرحمان خالق الأكوان ومقلب الأزمان أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة الهدى والإيمان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له الملك الديان وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله للثقلين الإنس والجان صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة بإحسان .
أما بعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بنعيم جنة عرضها السموات والأرض،أحبتي في الله أبدأ حديثي إليكم اليوم بسؤال : هل خلقنا الله ليرحمنا أم ليعذبنا ؟.لاشك أن الإجابة خلقنا ليرحمنا وقد أخبرنا عن ذلك في كتابه بقوله {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمً}(النساء:147).وبقوله سبحانه{..إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }(النساء:29).مع الأسف نسمع من يتذمر من شدة الحر في هذه الأيام وتخوفه لما يصير عليه الأمر في رمضان،فهل يتدمر الإنسان من رحمة الله ؟.وقد يخفى على البعض آثار رحمة الله في هذ الحر اللاهب !.فتعالوا أحبتي نتأمل في جوانب رحمة الله في هذا الحر : من أبرزها أنها تنمي عظمة الله في قلب العبد المؤمن فحينما يعلم أن شمال الكرة الأرضية يعيش الصيف بينما جنوبها يعيش الشتاء ، والعكس تماماً صحيح ، حينما ينظر إلى تقلب الأوقات في بلادنا من شتاء وأمطار إلى حر وعرق وغبار من الذي يقلب هذه الأوضاع ومن الذي خلقها إنه الله ، لذا يخبرنا سبحانه أن التأمل في تقلب تلك الأحوال مع إدراك أنها من صنع الله يُعَظِّم من قدر الله في القلوب {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ()الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران:190-191). إن في شدة الحر رحمة من الله لأن في الأمطار والبرد تتكاثر أنواع من البعوض والفيروسات مما يؤدي إلى انتشار الأمراض فيأتي الحر ليعقم الأرض ، كما أن هناك أنواعاً من الثمار لا تنضج إلا في شدة الحر وفي بلادنا التمور أكبر مثالاً على ذلك ، أحبتي في الله ولو لم يكن في شدة الحر إلا أمر واحد لكفى ألا وهو التذكير بحر جهنم أجارنا الله وإياكم وأهلينا والمسلمين منها ؛قال صلى الله عليه وسلم: ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ))(البخاري،صفة النار وأنها مخلوقة،ح(3020)).ومع الأسف هناك من المسلمين من يهرب من حر الدنيا ليرمي بنفسه وأحياناً بأهله معه في حر جهنم من خلال السفر لارتكاب الموبقات من الخمور والزنا وغيرها عياذاً بالله ، عباد الله ما من حر في الدنيا إلا وحر جهنم أشد منه يقول ربنا جل في علاه : {...وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ () فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }(التوبة:81-82).يا عباد الله هذا ربكم يناديكم فأنصتوا واستجيبوا لنداء ربكم الرحيم بكم إذ يقول : {...يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }(التحريم:6).

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له يرتجى ولا ند له يبتغى وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله الأطهار الحنفاء أما بعد : فاتقوا الله عباد الله وأحسنوا في القول والعمل تكونوا قريباً من رحمة الله فربكم أخبر بقوله : {...وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }(الأعراف :56).أحبتي في الله ليكن من عادتنا ومن منهج حياتنا أننا نبحث عن رحمة الله في كل ما يحل بنا من خير أو شر ونعود أهلينا وأولادنا على ذلك ، فمتى ما استشعر العبد أن الله به رحيم وأن في كل ما أصابه أثر لرحمة الله به ، عندها و بلا ريب سيعظم قدر الله في قلبه ، وستعظم محبة الله في قلبه ، وإذا أحب الله أحبه الله لأن الحب هنا متبادل ألم تسمعوا لقول الله جل في علاه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ....}(المائدة:54). وإذا أحب الله العبد فاز فوزاً عظيماً تعالوا أحبتي واسمعوا معي ماذا يحدث لمن أحبه الله كما يقوله حبيبنا صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ))(البخاري،التواضع،ح(6021)).اللهم أجعلنا بكرمك وفضلك ورحمتك ممن تحبهم ويحبونك .

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية