اطبع هذه الصفحة


هل حب النبي صلى الله عليه وسلم يسبب الفرقة ؟
(joma697)14/3/1437هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله رافع السماء و مدبر الأكوان في الفضاء ومفجر في الأرض الماء،أحمده جل شأنه وأشكره على ما أكرمنابه من الخيرات والنعماء وأشهدأن لاإله إلاالله وحده لاشريك له، وأشهدأن نبينا وحبيبنامحمداًعبدالله ورسوله خيرالرسل والأنبياء وقدوةالأتقياء،صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه البررة الأنقياء أمابعد:فأبشروا معاشر المتقين فهذا ربكم يبشرك بقوله في الآية الخامسة من سورة الطلاق : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }.يا أحباب خير الورى صلى الله عليه وسلم مامن مسلم في هذه البلاد و غيرها إلا وهو يعلن صراحةحقيقةلاتقبل النقاش ألاوهي حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال هل جاء حبيبن صلى الله عليه وسلم وبعثه الله ليفرق –لاقدرالله- بين الجماعات والأفراد أم جاء ليؤلف بينهم؟.الجواب الذي لايختلف عليه اثنان أنه جاءليؤلف بين القلوب،وقد وفقه الله في ذلك فصنع من أمة بدوية همجيةتشرب الخمروتئدِ البنات،ويسطوبعضهاعلى بعض،وتقوم بينهم الحروب والثارات التي تُسفك فيها الدماء الكثيرة على أتفه الأسباب.صنع منهم أعظم أمة عرفها التاريخ فكانت صفاً واحداً وتضرب ضربة رجل واحد فهزمت أعظم دولتين كانت في ذاك الزمان الروم والفرس،وأقامت حضارة لازالت حضارتناالمعاصرةتدين بالفضل لهافي تطوير البشرية، الحبيب صلى الله عليه وسلم كان من أحرص الناس على الألفة والمودةبين أفراد المجتمع وأخبر أنه سبباً لدخول الجنة؛في الصحيح بقوله: ((لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَاتُؤْمِنُواحَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ))(مسلم،أنه لا يدخل الجنة..،ح(81)).وقدطلب مناالله المحافظة على الوحدةوالاجتماع فقال سبحانه في الآية العاشرة من سورة الحجرات: {إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وحذرنا سبحانه من الفرقة وبيَّن أنها من أسباب الفشل والهوان بقوله في الآية السادسة والأربعين من سورة الأنفال {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}،ومع الخلاف العنيف الذي يحدث كل عام في شهر ربيع الأول حول الاحتفال بالمولد النبوي قديقول البعض أنافي حيرةمن أمري لأن كل فريق يضلل الآخر وأخشى أن أكون مع أحد الفريقين فأقع في الضلال فكيف أميزبين الصواب والخطأ؟.فأقول له دع كلا الفريقين وانج بنفسك وابحث عماستحاسب عنه ممااتفقت عليه الأمة فكل الأمة مجمعة أنك متى تهاونت أو تركت الصلاة حوسبت وكذا الزكاة وكذا الصيام ونحوها،أمالوتركت غيرها مما يشتد مع الأسف الخلاف فيه ومنهم من جعله كأصول الدين يوالي عليهاويعادي فإنك لن تسأل يوم القيامة عنها،والتاجرالذكي هومن يضع أمواله في تجارة مضمونة الربح لا في تجارة مشكوك في أمرها،وأنت كذلك فالوقت والمال والجهدالذي تبذله في أمر كثر في الاختلاف ضعه فيما تم الاتفاق عليه اقرأ القرآن،تصدق،طف بالبيت الحرام،أكثر من الصلاة على رسول لله ونحوها.فالطريق واضحة .ثم دعونا أحبتي نتساءل لوجاءنا رجل وقال:أناأحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثرمن أبي بكروعمروعثمان وعلي وعائشة وسائرصحابة النبي صلى الله عليه وسلم هل نصدقه؟.هل تلك الثلة المباركة التي اختارها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم والتي ضربت أروع الأمثلة لحب النبي صلى الله عليه وسلم وماتت وهي لم تقم بعمل يعمله أهل عصرناهل ماتواعلى ضلال أم ماتوا مبغضين للنبي صلى الله عليه وسلم ؟.إذا قلنا أن هذا لا يعقل إذاً فلنقتفي أثرهم ونسير على هديهم وبذلك أمرناحبيبنا صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية الذي قال فيه : "وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ"(الترمذي،ماجاء في الأخذ بالسنة..،ح(2600)[ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]).

الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أمابعد فاعلموا رحمني الله وإياكم أن الرسالة التي أود إيصالها ألا نجعل من تاريخ مولد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بلاء وفرقة على الأمة لا سيما وأن الموضوع لا يحتاج إلى برهان ، ثم إن حُبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أكبرمن أن نربطه بزمان معين أو حفل معين حُبَّ النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يجري في الدم مع عروقنا ويتردد مع أنفاس صدورنافينعكس ذلك في سلوكياتنا، أحبتي الكرام اسمحوا لي أن أطلب من كل واحد منَّا وأنا أولكم إذا عدنا إلى بيوتنا أن نقف أمام المرآة وننظر في هيئتنا على لو رآنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم يسره منظرنا أم أن هناك الكثير من السنن أو مما أمر به نفتقده،ننظر إلى بيوتنا هل لو حل النبي صلى الله عليه وسلم ضيفاً علينا هل سيسر بما فيها أم أن فيها الكثير مما نهانا عنه حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه،لننظر إلى أولادنا ونسائنا هل ما هم عليه متطابق لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، أحبتي في الله مامن شخص يحب رجلاً عادياً إلا وتجده يحرص جاهداً على التشبه به في كافة نظام حياته فكيف بمن أحب سيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه،وإني على يقين بأن أكثر ما يكدر خاطر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى أمته وقد تفرقت وتنازعت وجعلت من ادعاء حبه سبباً للفرقة والتنازع .


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية