صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وقفات مع موجة البرد
(joma701) 19/4 /1437هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله خلق الخلق بقدرته ، و يدبر أمورهم بحكمته ، ويدخل من يشاء في رحمته ، أحمده جل شأنه وأشكره على عظيم نعمته ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خليفته ، صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحابته.
أمابعد : فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بمعيته يقول سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ }(النحل:128).
معاشر المؤمنين تهب على بلادنا وعلى بعض البلاد المجاورة من المسلمين هذه الأيام موجة برد قارس فكيف نستثمرها لزيادة تعظيم الله في قلوبنا وقلوب أهلينا والمسلمين ، تعالوا معي لنتفكر من الذي يغير الأحوال من حرارة إلى أمطار إلى برد قارس وثلوج ؟. إنه الله المالك المتصرف وحده في الكون لا يُسأل عما يفعل أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله : {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ () لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء:22-23).والإنسان لا يملك إلا أن يتعامل مع الظرف الذي هو فيه فهو عبد ضعيف لا يملك من أمره شيئاً فقير إلى ربه وسيده وخالقه أخبرنا ربنا عن ذلك بقوله : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }(فاطر:15).ثم إن شدة البرد تقدم لنا صورة مصغرة من صور عذاب النار أخبرنا عن ذلك سيدي أبا القاسم صلوات ربي وسلامه عليه بقوله : ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ))(البخاري،صفة النار وأنها مخلوقة،ح(3020)).والزمهرير هو شدة البرد ، فلينظر العبد الضعيف الذي لا يستطيع أن يتحمل هذا النفس البسيط من زمهرير جهنم ، هل يستطيع أن يدخلها ؟ .إن التفكر في هذا يولد رادعاً عن معصية العظيم سبحانه والتعرض لسخطه سبحانه وبحمده ، أخي الحبيب تعال لنتأمل ونوجه الخطاب لأنفسنا قبل غيرنا يا نفس نحن إذا أحسسنا بالبرد أوينا إلى بيت له جدران غليظة من الطوب والأسمنت تحمينا من لفحة البرد وغيرنا يعيش بين ثلوج متراكمة جدران مأواه قطعة قماش رقيقة ،فيا نفس هل استحضرنا نعمة الله علينا ؟.هل شكرنا ؟. يانفس نعود إلى بيوتنا ونتخير من الشراب الدافئ والطعام ما يعيننا على لفحة البرد القارس ، وغيرنا بين أكوام الثلوج ولفح الزمهرير جياع لا يجدون ما يسد رمقهم ، فهل ينفس استشعرت نعمة الله ؟.يانفس هل شكرت الله ؟. يانفس إن مستنا لفحة البرد نجد في بيوتنا أجهزة تدفئة حديثة لنا ولأولادنا وغيرنا يانفس لم يجد إلا حذاؤه الذي ينتعله يحرقه ليجد أولاده شيئاً من الدفء ، فهل يانفس استشعرت نعمة الله ؟.إلا متى يانفس التسويف والغفلة ؟. أما خشيت يانفس زوال النعم ونزول النقم؟.يانفس ارعِ سمعك فإن المتحدث هو الله رب العالمين ينادي محذراً بقوله : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }(إبراهيم:7).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن أثمن ما يملك العبد قلبه ، وإن أفضل ما شُغل به العبد من صيانة وعناية واهتمام هو ذلك القلب لأن مدار النجاة في يوم القيامة الرهيب عليه أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله : {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ () إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }(الشعراء:88-89).فلا إله إلا الله كم نحن بحاجة إلى أن نراجع أنفسنا هل شُغلنا بأمور أولادنا وأموالنا الدنيوية أكثر من انشغالنا بإصلاح قلوبنا؟.وإن أعظم ما يودع في هذا القلب هو تعظيم الله فمتى ما امتلأ قلبك تعظيماً واخباتاً لله فأبشر بالخير بشرك بذلك ربك الله الكريم بقوله : {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ () الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(الحج:34-35).أخي الحبيب إني أحبك فهل تقبل مني أن أدلك على أقصر وانجع طريق لتعظيم الله في قلبك ؟.كأني أسمعك تقول نعم إنها عبادة الذكر وعبادة التفكر فيما حولك فكلها آيات تعظم الله في قلبك أخبرنا الله عن ذلك بقوله : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ } (آل عمران:191).تأمل معي أخي ماذا أحدث هذا الذكر وهذا التفكر ؟. أحدث عظمة لله في قلوبهم ففزعوا بالدعاء إليه : {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }(آل عمران:191).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية