اطبع هذه الصفحة


استثمار الإجازة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الملك الديان،مقلب الدهور والأزمان،أحمده جل شأنه وأشكره على نعم كثيرة عجز عن شكرها اللسان والأبدان،وأشهد أن لا إله إلا الله و حده لاشريك له ولا أعوان،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله للثقلين الإنس والجان صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج بإحسان أمابعد:فهذا ربك يخاطبكم ياعباد الله فأنصتوا لخطاب ربكم إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(الحشر:18-19).
أخي الحبيب كيف يكون موقفك إذا قررت جهة عملك أن تخصم ربع راتبك؟.هل ستكون سعيداً ؟.بالتأكيد أن ذلك سيكون مصدر قلق وتعب لك .والإجازة هذا العام أحبتي تقترب من ربع العام فبماذا نشغلها؟.هل يسرنا أن يمضي ربع عام منَّا في ضياع ؟.أحبتي في الله تعالوا لنحسب معاً كيف تمضي أعمار معظمنا،ثلثها والثلث كثير في النوم فغالبنا ينام ثمانية ساعات من اليوم،وللأكل والشرب ساعتين على الأقل على مدى اليوم هذه عشر ساعات،وساعتان على الأقل في متابعة القنوات أو وسائل التواصل الاجتماعي فهذا نصف اليوم قد انقضى، وثمان ساعات على الأقل في متطلبات الحياة والأولاد والعمل فلم يبقى لنا من اليوم إلا أربع ساعات أي سدس اليوم ،وما عمرنا إلا أيام أي لم يتبق لنا إلا سدس عمرنا فيا ترى بماذا أشغلناه؟.وإذا أضيف لذلك ضياع الإجازة الصيفية واعتبارها فترة لهو ولعب كانت الكارثة.أحبتي في الله المؤمن لا يعيش الحياة الدنيا هذه فقط بل هو يعتبر هذه الحياة مزرعة لحياة الخلود،لذا هو يعتبر ساعات الفراغ من الشغل بمتطلبات الدنيا غنيمة،نعم هكذا عبَّر عنها نبينا بقوله:((اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك))(جامع الأحاديث للسيوطي،ح(3878)). فالإجازة الصيفية ليست سهر بالليل ونوم بالنهار،وليست تسكعاً في الأسواق والمتنزهات فقط،هي إجازة جد وإن كان الترفيه مطلوب،هي حياة توازن واكتساب لمهارات وخبرات جديدة،هي نعمة إذا ما أُحسن استغلالها،وقد تكون نقمة على الأسرة وعلى المجتمع إذا لم يحسن الاستعداد لها والتخطيط الجيد لاستثمارها،أعمار هذه الأمة ياسادة قصيرة مقارنة بالأمم الأخرى، لدى شرع لنا ربنا الرحيم بنا عبادات سهلة ميسرة لها أجر عظيم فأمامنا شهر رمضان وما أعظم حرمان من ترك مكة في رمضان وسافر لمواقع الفتن،أمامنا ليلة القدر،أمامنا يوم عرفة،أمامنا القيام على الأرملة والمسكين،أمامنا صلة الرحم، أمامنا الإكثار من ذكر الله واختيار من الأذكار أجمعها فالفرص كثيرة، فلا إله إلا الله كم تعظم مصيبة من غفل عن أبواب الخير المشرعة وضيع أوقاته في الترهات والتفاهات كيف يغفل وربنا ينادي بنداء خالد : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } (الشرح:7-8).

الخطبة الثانية: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله ولنحرص متكاتفين أن نغيِّر الصورة الذهنية التي ارتبطت بها الإجازة الصيفية في عقول أولادنا بل وشريحة واسعة مع الأسف من مجتمعنا،ولاشك أن التغيير يحتاج إلى وقت وتدرج وإقناع،لابد من أن نوضح لأولادنا أن ضياع الأعمار في اللهو واللعب أكبر مصيبة على العبد في حياته الدنيا والآخرة، لنطلب من كل واحد من أبنائنا أن يضع خطة وبرنامج عمل يومي لاستثمار إجازته ونصرُّ عليه أن يكون للعب واللهو المباح جزء منها فالنفس تحتاج إلى ذلك،لنحاول أن نرشدهم لاستثمار طاقاتهم لاكتساب خبرات حياتيه جديدة،فمن هم في سن الشباب والثانوية على سبيل المثال من الذكور لما لا يعملون أعمالاً مؤقتة في الصيفية أو ينظمون للمراكز الصيفية أو المكاتب الدعوية كمتطوعين لخدمة دينهم وبلادهم؟ لما لا يلتحقون بدورات مهارية في اللغات أو غيرها،لنحرص على الألعاب الجماعية داخل الأسر،توجه البنات نحو المهارات الحياتية من طبخ وعناية بالمنزل وبالأولاد، وضع المسابقات الثقافية لتشجيع حفظ كتاب الله والقراءة العامة والبرامج تتعدد وتتنوع ومن علم الله من الإخلاص وسمو الهدف أعانه ووفقه فقد قال سبحانه: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }(العنكبوت:69).

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية