اطبع هذه الصفحة


الحج خكم وأحكام
(joma724) 23 / 11 / 1437هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله خلق الأرض وسلك فيها الفجاج،وزين السماء بالسراج،أحمده جل شأنه وأشكره أن جعل ديارنا مقصد العمار و الحجاج،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يجيب المضطر ويقضي حاجة المحتاج،وأشهد أن نيبنا وحبيبنا محمداّ عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه ما لبى ملبٍ أو قصد البيت حاج .أمابعد:فاتقوا الله عباد الله فهي خير زاد للدنيا والآخرة أخبرنا عن ذلك ربنا بقوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}(البقرة:197). عباد الله ها نحن نقف على أبواب موسم الحج،وما أدراكم ما موسم الحج؟.إن للأمة مصدران يمكن من خلالهما بعث قوة الأمة وعزتها يخشاهما أعداء الإسلام أشد خشية ويسعون لجعلها مجرد طقوس بعيدة عن تأثيرها الإيجابي في الأمة،أعرفتم ما هما إنها صلاة الجمعة التي أنتم فيها الآن،وموسم الحج،لأن الأمة تجتمع فيهما بالأبدان فإن استثمرت على جمع شمل الأمة وتوحيد كلمتها.ومع الأسف نجح أعداء الأمة في تصوير الحج لدى البعض على أنه مجرد لباس وطقوس في أيام محدودة أو أنه مجرد رحلة سياحية ذات طابع خاص،فنقول:لا إن الحج عبادة عظيمة عميقة.الحج لبيت الله الحرام يحي ويعمق في الفرد المسلم الحاج وغير الحاج الإيمان باليوم الآخر،ومع الأسف أكثر ما ضيع الأمة اليوم هو ضعف الإيمان باليوم الآخر،ما الذي جعل فرعون وجنوده يتكبرون في الأرض؟.اسمعوا معي للإجابة من رب العالمين إذ يقول: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ}(القصص:39).لوعلم عشاق الدنيا ومن يكدسون الأموال أنهم لا يخرجون منها إلا بأكفانهم هل حرصوا على جمعها لا يبالون أمن حل أم من حرام؟.لو علم عباد الشهوات أن لذة شهواتهم ستنقضي وسيقفون بين يدي الله ويسألون ويعذبون على ما ارتكبوا من منكرات ذهبت لذتها وبقيت حسرتها أكانوا يفعلون؟.وقيسوا على ذلك.حينما ينزع الغني المترف ثيابه الفاخرة ويرتدي الإزار والرداء وينقطع بعدها عن حياة الترف حتى يحل من إحرامه،من المفروض أن يشعر عندها كل صاحب قلب حي ومن يرى تلك الجموع عبر الشاشات أنه سيرحل يوماً ويترك وراءه ما جمع.حينما يقف الحاج في يوم عرفات وسط تلك الجموع ومن يرى الموقف في الشاشات يستحضر يوم الحشر يوم تدنوا الشمس فوق الرؤوس يستحضر يوم الفزع الأكبر وأنه لامؤمن له إلا الله فيفزع لربه. الحج جاء ليغرس التوحيد في قلوب الحجاج ومن يرونهم فالحاج يكرر كلمات التوحيد منذ الإحرام وحتى يرمي جمرة العقبة يرفع بها صوته لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك،فإن استحضر معاني تلك الكلمات حَفَرتَ بتردادها التوحيد في قلبه،بيد أنه لما فقد البعض معاني الحج تجده يتفاعل من كلمات نشيد بلاده الوطني أو مع أغنية حب ماجنة أكثر من نداء التوحيد هذا،الحج يغرس في نفس الحاج ومن يتابعه الاستسلام المطلق لأوامر الله فحجارة يطوف حولها،وحجر يقبله، وحجر يرجمه،لا يعي الحكمة من ذلك سوا الاستسلام لأمر الله،الحج يغرس عظمة الله في قلوب الحجاج ومن يراهم فتراهم في الطواف وفي يوم عرفة،يهمس أحدهم بالدعاء لا يكاد يسمعه من بجواره ويسمعه الله من فوق سبع سموات،يضج الناس بالدعاء بحاجات متعددة وبلغات مختلفة جميعها يسمعها الله،ويعلمها الله ويقضيها الله،فلا إله إلا الله ما أعظم الله{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ()لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام:103).

الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه الغر الميامين.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن مضامين الحج وحكمه كثيرة يضيق المجال عن حصرها وما ذكرته إلا إلمحات يسيرة،وكم نحن بحاجة لأن نحي ذلك في قلوبنا وقلوب أهلينا والحجاج ليعلموا عظم هذا الموسم وأنه موسم عباده،موسم تعظيم وذكر لله،لما خبت تلك المعاني رأيناصوراً عجيبة في الحج فمنهم من جعل منه موسماً للشعارات السياسية، ومنهم من جعل منه رحلة ترفيهية،ومنهم من انشغل في الطواف وحول الكعبة بالتصوير والسناب وغيرها،يا أمة الإسلام إني أناديكم تعالوا لنحيي شعائر الله كما أرادها الله،أحبتي في الله هاهي أيام فاضلة قد أضلتكم يقول فيها نبينا صلى الله عليه وسلم :((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي الْعَشْرَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ))(ابن ماجة،صيام العشر،ح(1727))، فأروا الله من أنفسكم خيراً ومن الأمور العظيمة التي يُتقرب بها إلى الله في هذه الأيام إكرامكم لضيوف ربكم،وكثرة ذكر الله.


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية