صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ابدأ عامك بالتفاؤل
(joma727) 6/ 1/ 1438هـ )

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله الكبير المتعال،تفرد سبحانه بصفات الكمال والجلال،أحمده جل شأنه وأشكره على كل حال،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولاند يرجى منه النوال،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله بهي الطلعة جميل الخصال صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الصحب والآل وسلم تسليماً كثيراً .أمابعد: فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بالأمان النفسي والأمان المعيشي وعدكم بذلكم ربكم بقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا()وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرً} (الطلاق:2-3).
أحبتي في الله أمران متقابلان لا يلتقيان كظلمة الليل وضياء النهار أحدهما يجعل المرء محملاً دائماً بالهموم والغموم،ومن ثم الأمراض والأسقام فلا يهنأ بعيش ولا بحياة،وإذا أُصيب به مجتمع أصابه الضعف والوهن وسَهُل على الأعداء ضربه وإبادته ومصدر ذلك الأمرضعف الإيمان،أما الآخر فيكون مصدره قوة الإيمان فيجعل المرء دائم البشر والابتسامة مهما تكاثرت عليه الهموم والغموم،ويجعله قوياً منتجاً،ويجعل من المجتمع الذي ينتشر فيه مجتمعاً قوياً يخشاه الأعداء.إنهما خُلقُ التشاؤم و خُلقُ التفاؤل، فالمتشائم يرى في أي واقعة قد تؤثر سلباً ولو بشكل مؤقت أنها بداية لكوارث ومصائب وبلايا،حتى يصل به الأمر إلا أنه قد يصاب بالزكام فيتوقع أنه مرض الموت،ويستثمر الشيطان خُلق التشاؤم ليسيء الإنسان الظن بربه ويقعد عن البذل والعطاء وتعالوا نتأمل سوياً قول الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:268). فضعيف الإيمان سيتأثر لا محالة بتخويف الشيطان،بينما قوي الإيمان ثقته بربه أعظم فلا يتأثر بذلك التخويف،تعالوا أحبتي لنأخذ أمثلة لذلك:فهذا يعقوب  قالوا له إن الذئب أكل ابنك يوسف وجاؤه بقميص ابنه ملطخاً بالدماء ثم بعد سنوات طويلة يقول لبنيه:{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف:87). كان واثقاً بربه متفائلاً بوجود ابنه على قيد الحياة فأعاد الله له ابنه،تعالوا أحبتي لنتأمل لموقف حصل لفريقين في نفس الوقت أحدهما كان ضعيف الإيمان فتشاءم وضعف وانخذل،والآخر كان قوي الإيمان فتفاءل واستبشر فانتصر،حدث هذا في عهد خير الخلق صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب يوم أن أجمعت العرب على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه واستئصالهم من الوجود،فحاصروا المدينة من الخارج ونقض اليهود في الداخل العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت بالمعايير المادية النهاية.تعالوا واسمعوا معي لموقف الفريقين يقصه علينا علام الغيوب الذي يعلم ما تكنه القلوب فوصف لنا موقف الفئة ضعيفة أو عديمة الإيمان بقوله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا()وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا()قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلً} (الأحزاب:12-14)،وفي المقابل كيف كان موقف أصحاب الإيمان القوي المتفائلون اسمعوا معي: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }(الأحزاب:22) ما نتيجة ذلك التفاؤل الناتج عن قوة الإيمان والتصديق بوعد الله اسمعوا معي: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا()وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا } (الأحزاب:25-26).

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وأتباعه،أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن التفاؤل مرتبط بقوة الإيمان فكلما كان الإيمان قوياً كلما كان التفاؤل أعظم وكلما قل الإيمان تقل درجة التفاؤل،ومن كرم الله أن شرع لنا أن نبدأ عامنا الهجري بالتفاؤل من خلال صيام يوم عاشوراء،ولاحظوا معي العلاقة بين الصيام وبين التفاؤل،فالصيام من أكبر مقويات الإيمان لأنه انقطاع عن كثير من الشهوات بل والاحتياجات الأساس للجسد من طعام وشراب،لما يفعل المرء المؤمن ذلك؟.لأنه يثق بما أعد الله للصائمين من وعد،وحُبب إلينا صيام يوم عاشوراء لتخليد موقفٍ فيه قمة التفاؤل المبني على الإيمان واليقين؛فقد كان موسى عليه السلام ومن معه في قمة الضعف وأحاطت بهم المخاطر من كل جانب وبالمعايير المادية البحتة كان الهلاك والإبادة من نصيبهم واسمعوا لربنا يخبرنا عن الحال التي وصل إليها أصحاب موسى {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } (الشعراء:61).فكان رد موسى المتفائل المبني على إيمان ويقين : {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (الشعراء:62)،فكانت النتيجة أن أهلك الله فرعون ومن معه،وأنجى موسى ومن معه، فما أجمل أن نسعى لتقوية الإيمان والتفاؤل في أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا،وأن نبدأ عامنا بصيام يوم عاشوراء ويوم قبله أو يوم بعده ابتغاء ما عند الله متفائلين بفرجه


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية