صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الحرام ما حرمه الله
(joma745) 7/ 9/ 1438هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ذي الجلال والإكرام،والطول والإنعام،أحمده جل شأنه وأشكره أكرمنا سبحانه ببلوغ شهر الصيام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا ند يرام، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمد عبد الله ورسوله سيد الأنام صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه الكرام وسلم تسليماً كثيراً أمابعد:فاتقوا الله عباد الله وهذا ربكم يخاطبكم يا أمة القرآن فاستمعوا لخطاب ربكم إذ يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ()وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } (النساء: 13-14).أحبتي في الله لو أن رجلاً يجب عليه الصيام ولا يوجد لديه عذر يبيح له الفطر في نهار رمضان ثم أمره أبوه أو أمه أن يفطر فهل يطيعهما؟.الجواب بكل تأكيد لا،ولماذا لا؟.لإن أمر الله مقدم على أمر البشر أياً كانوا ولو الوالدين، ولاطاعة لا مخلوق في معصية الخالق،والفطر في رمضان محرم،فلا يجوز للشخص أن يرتكب المحرم لإرضاء شهوات نفسه أو لإرضاء الناس عَنْ عُرْوَةَ،عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ،وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ))(صحيح ابن حبان،ح276، وأخرج الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة (2311)).وهذا الأمر ليس قصراً على الصيام فالذي حرم علينا الفطر في نهار رمضان هو الذي حرم علينا سائر المحرمات الأخرى،وهنا سر مدرسة الصيام ألا وهو التقوى كما أخبر الله عن ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183).فما حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة لا يجوز للمسلم ارتكابه لا بحجة تغير الزمان ولا المكان ما لم يوجد عذر شرعي لذلك،فمن الناس من يتقي الله في نهار رمضان، ولكن حاله في الليل يختلف حيث يرتكب من المحرمات ما كان يتقيه في النهار،ومن الناس من يتجنب الكبائر والمحرمات طوال شهر رمضان فإذا انتهى الشهر عاد ينتهك حرمات الله،ومنهم من يرى الطاعة في الصيام فقط فينتهك حرمات الله وهو صائم،ومنهم من يتجنب المحرمات هنا في بلاده لكنه إذا سافر للخارج تحلل من التقوى وأخذ ينتهك محارم الله،والأخطر من ذلك من يتقي الله في العلن ثم إذا خلا بمحارم الله انتهكها وكأن نظر الناس إليه أعظم من نظر الله،تعالوا معاشر الصائمين المتقين نستمع لهذا الحديث عن ثوبان قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا وجلهم لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال أما إنهم إخوانكم من جلدتكم يأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله أنتهكوها))(صحيح كنوز السنة ،صحيح ابن ماجة،محبطات الأعمال).ومع الأسف في هذا الزمان فُتح على الناس باب للشبهات عظيم،فهناك من جعل أساسه الذي يعتمد عليه في ارتكاب المحرمات أن المسألة فيها خلاف،وهناك وسائل إعلام تحاول التقليل من أمر العلماء الربانيين ووصفهم بالتشدد والرجعية وغيرها وأن الدين يسر حتى يفقد الناس الثقة فيهم،بل وصل الحال بالبعض أن إذا نهيته عن منكر محرم جادلك بأن كل الناس يفعلون ذلك!.وهذا الاستدلال الذي يظهر لصاحبه أنه قوي هو أس الهلاك عياذاً بالله تعالوا واسمعوا معي للعظيم يخاطبنا محذراً: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ()إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (الأنعام:116-117).

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسان والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وأتباعه . أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن هذا الشهر العظيم شهر رمضان فرصة عظيمة لتنمية التقوى في قلوبنا ومراقبة الله سبحانه وتعالى،وأول ما يبدأ المسلم في استثماره أن يراقب أعماله خلال ليل رمضان وتقواه هل هي مثل النهار أم لا؟.وإن راودته نفسه على الحرام في الليل فليتذكر أنه امتنع عنه في النهار وليذكرها بقول الله تعالى: {..أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ()أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}(البقرة:85-86).معاشر الصائمين المتقين كما يحتاج أولئك الذين يبررون لأنفسهم ارتكاب المحرمات بحجة أنه أمر مختلف فيه بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))(مسلم،أخذ الحلال وترك الشبهات،ح2996).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية