اطبع هذه الصفحة


احذورا من التعايش مع الذنوب
(joma752) 12/11/1438هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله غفَّار الذنوب،يقبل سبحانه من يرجع إليه ويؤوب،أحمده جل شأنه وأشكره واستغفره وإليه أتوب،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندى يرتجى لتفريج الكروب،وأشهد أن نبينا وحبينا محمداً عبد الله ورسوله المصطفى المحبوب صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله يكرمكم الله بالخيرات والبركات والنعم العظيمة وعد ربنا ذلك بقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأعراف:96).أحبتي في الله كل منا بفضل الله ينام على فراش وثير،فلو اضطرته الظروف أن ينام على الأرض سيجد في أول يوم صعوبة ثم مع الأيام يعتاد عليها،و نعجب نحن من نعيش في ظلال التكييف من عمل عامل تحت الشمس بكل همة وجلد لكنه اعتاد على العمل في تلك الظروف،والتكيف مع الظروف مطلوب إلا أن الخطير هو التكيف والتأقلم مع الذنوب،فمن يدخن بالتأكيد أنه عند أول سيجارة كان يشعر بالخطأ ويحاول التخفي إلا أنه مع الاستمرار اصبح مدافعاً عنيداً عن التدخين ويمكن أن ينفث دخان السيجارة في وجه من ينصحه،والفتاة المنحرفة في أول علاقة لها مع شاب أجنبي تشعر بالخجل والتوتر والخوف،ثم مع التكرار تعتاد الأمر وقد تصبح هي من تبادر للبحث عن شباب تقيم معهم العلاقات الآثمة،ومن يسرق أو يرتشي كذلك قد يكون مرتبكاً خائفاً في المرة الأولى بيد أنه مع استمرار الممارسة يصبح الأمر عادياً وقد يطلب المرتشي الرشوة بكل جرأة وكأنها حق من حقوقه،والقائمة تطول.هذا على مستوى الأفراد والأمر الأخطر هو تعود المجتمعات على المنكرات حتى تصبح ممارستها هي الأصل وأن تجنبها أو النصح فيها يكون هو الأمر المنكر والشاذ وعلامة على التنطع والرجعية وغيرها من القائمة التي يوصف بها المصلحون،وقد ضرب القرآن لنا العديد من الأمثلة لذلك نأخذ منها مثالاً واحداً: فقوم لوط جاءوا بجريمة قذرة ما عرفتها البشرية من قبل وهي جريمة اللواط ومارسوها وتعارف المجتمع عليها اخبرنا الله عن ذلك بقوله : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ () إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (الأعراف:80-81).تعالوا أحبتي واسمعوا معي للرد المنكر من ذلك المجتمع الذي تعود على تلك الفاحشة المنكرة أثبته الله في كتابه لنتعظ بقوله: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (الأعراف:82).هل تأملتم معي أحبتي كيف أصبحت الطهارة جريمة كبرى تقتضي الإخراج والطرد من البلاد فهل ياترى الإعلام الفاسد في زماننا يمجد أهل الرذيلة ويقصي ويحذر من أهل الفضيلة ؟.وأصبحت فاحشة اللواط فضيلة من يمارسها هو من يحق له حسن الإقامة في البلاد.والفساد ياعباد الله ينتشر في البلاد بسرعة كالمياه الآسنة حين تنساب وعندها لا يسلم منه بيت حتى بيوت المصلحين تكون مهددة باقتحامها لأن القضية مبنية على شهوات محببة إلى النفس ويزيد فيه الشيطان تزييناً،فهذا لوط عليه السلام انجرفت زوجته وانضمت الى كوكبة المفسدين،وحينما ينتشر الفساد في المجتمع لهذا المستوى تنزل العقوبة الإلهية على الجميع وإن كانوا ضمن بيوت الصالحين ولا ينجو إلا من كان ينهى عن السوء ويحذر الناس من معصية الله والتعايش والتأقلم مع الذنوب وألفتها تعالوا واسمعوا معي ماذا حل بقوم لوط يقول الله من هو على كل شيء قدير: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ () وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} (الأعراف:83-84).

الخطبة الثانية :إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن معالجة الحرائق وهي صغيرة في بداياتها أسهل من مواجهتها عندما تكبر وتنتشر وكذا الذنوب في والمعاصي فما أهلك الله القوي المقتدر أمة إلا يوم أن انتشرت فيهم الذنوب وتعارفوا عليها وألفوها ونسوا دين ربهم حتى أصبح أغلبهم من الفاسدين والمفسدين المجاهرين بمعصية الله تعالوا واسمعوا لربنا يقول:{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (الأعراف:165).تأملوا جيداً أحبتي من الذين نجوا ومن الذين هلكوا،معاشر العقلاء الفطناء أمامنا مجتمعات اختلط رجالهم بنسائهم وتكشفت نساؤهم حتى بلغوا مرحلة التعارف على العري التام،وأصبح نشاطاً مقننا ً وأصبح هناك أندية وشواطئ للعراة عياذاً بالله،وأصبح من المتعارف عليه لديهم أن يكون للرجل أو المرأة زوج والعديد من العشاق يمارسون معهم الرذيلة،وأصبح من المتعارف عليه ما يسمونه الحمل خارج الزوجية،وزنوا حتى ملوا من الزنا فتحولوا عياذاً بالله للشذوذ فأخذ يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء،وبدأ الشاذون يطالبون بحقوقهم وتقنين جرائمهم الأخلاقية،وقد يسأل البعض لماذا لم يهلكوا؟.فأقول:قد يكونوا نموذج فتنة لأمثالك ثم هناك سنة الإملاء التي أخبرنا الله عنها بقوله:{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ () وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ} (الحج:47-48).ومع فورة الاتصالات وطغيان الإعلام الفاسد بدأ الترويج لتوحيد القيم والمفاهيم بعيداً عن تعاليم الشرع المطهر فاحذروا وحذروا أسركم من هذا الخطر الداهم ومن استجلاب عذاب الله فإن عذابه اليم شديد:{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (هود:102).


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية