اطبع هذه الصفحة


فتبينوا
(joma772) 6/7/1439هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الرحيم الرحمان،الملك الديان،أحمده جل شأنه وأشكره على نعمة الهدى والإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له حي قيوم قدير لا يعان،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله للثقلين الإنس والجان صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة بإحسان .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله فهي وصية ربكم لكم إذ يقول: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدً} (النساء:131). معاشر المتقين التوجيهات الربانية جاءت لنعمل بها في حياتنا فبمجرد أن تسمع توجيهاً في كتاب ربك فارعه سمعك وابذل جهدك لتطبيقه في حياتك، ومعنا اليوم توجيه إلهي عظيم يقي الأمم والمجتمعات أخطاراً كثيرة من العداوات والتفكك يقول الله فيه:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات:6).هل تعرفون قصة هذه الآية؟.تعالوا وتأملوا معي في قصتها أخرج الإمام أحمد عن الحارث بن ضرار الخزاعيرضي الله عنه يقول: قَدِمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فدعاني إلى الإسلام،فدخلت فيه وأقررت به،ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها،وقلت:يا رسول الله، أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة،فمن استجاب لي جمعت زكاته،ويُرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا لإبَّان كذا وكذا ليأتيك بما جمَعتُ من الزكاة.فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له،وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه،احتبس عليه الرسول فلم يأته،فظن الحارث أنه قد حدث فيه سُخْطة من الله ورسوله،فدعا بسَرَوات قومه،فقال لهم:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وَقَّت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة،وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخُلْف،ولا أرى حبس رسوله إلا من سُخْطة كانت،فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبةرضي الله عنه إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فَرَق -أي:خاف-فرجع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله،إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث. وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفَصَل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا:هذا الحارث،فلما غشيهم قال لهم:إلى من بُعثتم؟ قالوا:إليك.قال:ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة،فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال:لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته بَتَّةً ولا أتاني. فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟" .قال:لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني،وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،خشيت أن يكون كانت سُخْطة من الله ورسوله. قال:فنزلت الآية(تفسير ابن كثير للآية).هل تأملتم أحبتي لم يتثبت النبي صلى الله عليه وسلم من قول الوليد لأنه ثقة عنده فكادت أن تحدث مقتلة وحرب فجاء التوجيه الإلهي:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ويبقى السؤال المهم هل نقلت أنا وأنت أخباراً لم نتثبت منها؟


الخطبة الثانية :الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء وسلام على عباده الذين اصطفى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يبتغى ولا ند له يرتجى،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الحبيب المجتبى والنبي المصطفى صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم غداً بين يدي ربكم موقوفون وعن أعمالكم محاسبون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون،أخي المؤمن كل عمل تعمله صَغُر أم كبر ستجده مسطر في صحيفتك يوم القيامة أخبرك عن ذلك ربك بقوله:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً}(الكهف:49).قد يسأل سائل فيقول هذه قصة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ونحن ليس بأيدينا قرار حتى نظلم أحداً؟.ما رأيكم؟.هل نحتاج وهل يمكن أن نطبق ذلك التوجيه الإلهي في حياتنا اليومية؟.أقول:نعم.فقد فتح على الناس اليوم أبواب شر عظيمة من خلال وسائل الإعلام التي تروج للأخبار الكاذبة ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت كأنها أكبر مستنقع آسن للفجور والآثام وكم من الناس تساهل فيها، والسؤال :كيف تكون صورة ذلك؟.بعض الناس يأخذ خبراً من وسائل إعلام كاذبة أو لم تتيقن من الخبر أو حتى من مجموعات وسائل التواصل دون أن يتثبت منه وينشره وكأنه آية من القرآن عياذاً بالله فيترتب عليه شر كثير،كم من الناس نشر وصفات طبية دون تثبت فهلك بها أناس،وكم من الناس من نشر طعناً في مسؤول حالي أو سابق أو خبر عنه دون تثبت،أو نشر أخباراً تمس أمن وطننا،وأمن مجتمعنا وهذه السلوكيات وما شابهها يحدث لها أثار سلبية على مجتمعنا وبلادنا قد تكون عاجلة وقد تكون آجلة فالنصيحة النصيحة لا تنقل أي خبر واحفظ صحيفتك من مثل هذه القاذورات لتسعد بها يوم القيامة

 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية