صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إضاعة الصلاة
وقفة مع قوله تعالى{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمدلله الذي شرع لنا الدين فأكمله،وحذرنا من سبيل الغواية فبينه،أحمده سبحانه وأشكره حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه على ما أولنا من كرمه ونعمه فما أكرمه، وأشهد أن لا إله إ لا الله وحده لاشريك له ولا ند ولا شبيه ولا مثيل فما أعظمه،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبدالله ورسوله أحبه ربه من بين البرية فاصطفاه وأكرمه فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أمابعد:فهل تريد أخي الحبيب أن تعيش حياة يسر وسهولة؟.فإن قلت بلى ولا أخالك إلا قلتها فخذ الطريقة لذلك أنقلها لك من كتاب ربك من القرآن العظيم حيث يقول الله جلت عظمته:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.أمة الهدى آية في كتاب الله استوقفتني فأحببت أن تعيشوها معي وأن ننظر لحال مجتمعنا في ظل هذه الآية،هذه الآية الكريمة هي قول العظيم جل جلاله:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.قال ابن الأعرابي:(الْخَلَفُ)بالفتح الولد الصالح، و(الخَلْفُ) بالتسكين الطالح واستشهد بقول لبيد:
ذهبَ الذين يُعاشُ في أكنافِهم### وبقيتُ في خلْفٍ كجِلْدِ الأْجرَبِ
وقد وردت هذه الكلمة في كتاب الله في مواطن الذم .
أيها الأحبة في الله صفتان في الآية الكريمة متى ما توفرت في شخص استحق عليها ذلك الوعيد ألا وهي إضاعة الصلاة واتباع الشهوات،وهما في الواقع صفتان متلزمتان فمن أطلق العنان لشهواته شُغل بها حتى يشغل بها عن الصلاة أو في الصلاة،وإضاعة الصلاة من الكبائر يقول الفاروق رضي الله عنه:(من ضيعها فهو لما سواها أضيع)،وقد أُختلف فيمن المراد بهذه الآية فقال البعض المقصود بها النصارى خلفوا بعد اليهود ، ولكن ما قال به محمد بن كعب القرظي ومجاهد وعطاء :أنهم قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان ،وقال مجاهد :ذلك عند قيام الساعة وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينزو بعضهم على بعض في الأزقة زنا، وفي المراد بإضاعة الصلاة قال القرظي:هي إضاعة كفر وجحود بها،وقال القاسم بن مخيمرة وابن مسعود هي إضاعة أوقاتها وعدم القيام بحقوقها وهو ما رجحه القرطبي،ومع الأسف كم يرى الفرد منا شباب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الشوارع والحواري والأسواق يؤذن للصلاة و تقام الصلاة وهم مشغولون بشهواتهم إما خلف كرة يتقاذفونها أو في جلسات فارغة لاتسمن ولاتغني من جوع،أوفي الأسواق يختفون من رجال الهيئة حتى إذا انشغل الناس بأداء الصلاة انشغل هؤلاء بشهوة معاكسة النساء{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} (108)النساء،وفي البيوت من ينشغل بشهوة الحديث أو شهوة متابعة المباريات أو القنوات أو غيرها فلا يؤدي الصلاة في وقتها ويضيع الفرض والفرضين بكل سهولة،ومنهم من يأتي من عمله فيتناول طعام الغذاء ولا يؤخره ثم ينشغل بشهوة النوم عن الصلاة الوسطى صلاة العصر والتي خصها الباري من بين الصلوات بالتأكيد على المحافظة عليها فقال:{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم عمن يضيعها :((الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ))ووَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا أَوْ أَخَذْتَ لَهُ مَالًا(البخاري)،وفيه أيضاً عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِفَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ))وقال فروة ابن خالد بن سنان:استبطأ أصحاب الضحاك مرة أميراً في صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب؛فقرأ الضحاك هذه الآية:{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.ثم قال:والله لأن أدعها أحب إلي من أن أضيعها،هذه بعض النماذج لإضاعة أوقاتها،وهناك إضاعة أخرى وهي قد تكون أشد لأن المرء في الواقع يصلي ولكن لاتصح صلاته ولا تقبل منه لأنه أخل بركن أو أكثر من أركانها ومثال ذلك الذين يخلون بركن الطمأنية فينقرون صلاتهم نقراً وقد جاء ذكر ذلك المثل في صحيح البخاري فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي قَالَ:((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا))، وقال حذيفة لرجل يصلي فطفف:منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال منذ أربعين عاماً.قال حذيفة:ما صليت -أي أنك منذ أربعين عاماً لم تصل صلاة واحدة -ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم ،ثم قال: إن الرجل ليخفف الصلاة ويتم ويحسن.أ.هـ؛ولو تأملت في هذا الذي يطفف في صلاته وينقرها نقراً غالباً ما تجده قد تمكنت منه شهوة من شهوات الدنيا ملكت عليه قلبه فهو يستعجل في صلاته خوفاً أن تفوته تلك الشهوة،فيا قوم احذروا أن تستولي الشهوات على قلوبكم يقول أبو الأشهب العطاردي أوحى الله إلى داود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسلم ياداود حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة وإن أهون ما أصنع بالعبد من عبيدي إذا آثر شهوة من شهواته أن أحرمه طاعتي،وتلفت أخي الحبيب حولك وتأمل كم من الناس حرم الصلاة في المساجد كم من الناس حرم قيام الليل كم من الناس حرم الطاعات بسبب أنه آثر شهوة. ياقوم احرصوا على المحافظة على الصلاة وجودتها فهي صلتكم بربكم أعوذ بالله من الشيطان الر جيم: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.

الخطبة الثانية
الحمدلله الذي وسعت رحمته كل شيء أحمده سبحانه وأشكره يقبل التوبة ويقيل العثرة ويغفر الزلة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد:فاما غيٌّ الذي توعد الله به من توفرت فيه الصفتان السابقتان فقد جاء في وصفه عن كعب قوله:(وادٍ في جهنم أبعدها قعراً وأشدها حراً،فيه بئر تسمى البهيم،كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فتسعر بها جهنم)وقال ابن عباس:(غي واد في جهنم،وإن أودية جهنم لتستعيذ من حره..)،ويقول عنه ابن مسعود :(واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم).أيها الأحبة في الله إن ربكم غفور ودود رحيم وقد عقب سبحانه على الآية السابقة بقوله سبحانه :{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ االْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}فلم يسد سبحانه بكرمه وإحسانه الباب أمام من أراد أن يتوب من تلك الصفتين بل جعل باب التوبة مفتوح وجعل الكريم بكرمه الجنة بعد ذلك فهيا أحبتي لنلج الباب الذي فتحه لنا العظيم،هيا إلى التوبة النصوح من هاتين الصفتين على جهة الخصوص ومن جميع الذنوب والخطايا عل الكريم أن يقبلنا بسعة رحمته وفضله . 
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية