اطبع هذه الصفحة


التعليم ومشروع الحوثيين لاحتلال إيران لليمن

د.عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
يشهدُ اليمنَ منذ ثمانِ سنواتٍ العديدُ من التحولاتِ والتغيراتِ المتعددةِ المظاهرِ، ومن أهم هذه الظواهرِ بروزُ العديد من الحركات الشيعية التي تُعتبر الحاضنةَ الشعبيةَ للحوثيين في اليمن، وقد أثار هذا الحراكُ جدلًا واسعًا حول تنامي المدِّ الشيعي وانتشارِ التشيع في المجتمع اليمني، وكان انتشارُ المذهب الشيعي الإثني عشري في البلاد من أخطر التغيرات التي شهدها اليمن، فقد نجحت هذه الطائفةُ في أن تجعلَ لها قاعدةً في البلاد تنشرُ من خلالها أفكارَها الضالةَ والمسمومةَ بين أبناء المحافظات والقبائل اليمنية من أهل السنة، وذلك عن طريق إحياءِ المناسبات الدينية الشيعية، مثل يومِ عاشوراءَ ويوم الغَدير، ويضاف إلى ذلك المجالس الحُسينية التي يقيمها المنتمون لهذه الطائفة.

إلا أن سيطرةَ الحوثيين على المساجدِ والمدارسِ وإدارةِ المراكز والمؤسسات التعليمية والثقافية في البلاد، واستخدامَها في نشر المذهب الشيعي الإثني عشري والترويجِ له بين الناشئة من أبناء اليمن هو الأخطرُ، فإدراكهم لأهمية التعليم في المدارسِ والجامعاتِ في تكوين العقليةِ الفكريةِ لأبناء اليمن دفعهم لاستغلال هذه المؤسسات للتأثيرِ عليهم ونشرِ ضلالاتِهم وانحرافاتِهم الدينيةِ والعقدية بين الجيل الناشئ من أهل اليمن، وإذا استمرت سيطرةُ الحوثيين على هذه المؤسسات ذات الأهمية الكبيرة في المجتمع اليمني، فإن الجيلَ القادم من الشباب اليمني سيحملُ الأفكارَ الشيعيةَ المنحرفةَ والضالةَ، مما يهدد المستقبل الفكريَّ لليمن، لينشئ جيلًا يؤمنُ بالخرافاتِ الشيعية المتعلقة بالاصطفاءِ الإلهي والإرثِ النبويِّ والولايةِ وحق البطنيْن، وقد بدأت العديدُ من المراكز التعليمية والترفيهية بالانتشار في الأماكن التي تسيطرُ عليها المليشيات الحوثية لاستقطاب الأطفالِ وتعليمِهم الفكرَ الشيعي الإثني عشري، ولتكون هذه المراكز بمثابة حُسينيات.

ويمضي الحوثيون في مشروعهم لتشييع اليمن وتحوُّل مُدنه ومحافظاته إلى ولاياتٍ تابعة لإيران كما هو الحال في الكثير من البلدان العربية مثل لبنان وسوريا والعراق، وقد استفاد الحوثيون من فترة الحرب الطويلة في العملِ الدائم وبشكل متسارع لتحقيق أهدافهم في تغيير التركيبة الديموغرافية للشعب اليمني من خلال زرع العناصر العقدية التابعةِ لهم في المدن والقبائل اليمنية وفي مقدمتها صنعاء من خلال شراء العقارات والأراضي وغيرها من الأساليب الاستيطانية التي تهدف إلى تعزيز وجودهم بين الشعب اليمني والتأثير على بنيته العقدية والفكرية.

ويسعى الحوثيون ومَن خلفهم بكل ما أوتوا من قوة ووسائل وفي مقدمتها التعليم لتمرير مشروعهم السُّلالي الشيعي الطائفي على الواقع اليمني، وقد بدأ هذا المشروع باستهداف صنعاء أولًا والقبائل المحيطة بها وتغييرِ تركيبتهم الفكرية والعقدية، وهو ما يوجب علينا كأمةٍ إسلامية اتخاذُ كافة التدابير والأساليب للوقوف في وجه هذا المشروع وصده والتغلب عليه.

والناظر للواقع يجد أن هذا المشروع ينتشر في البلاد انتشار النار في الهشيم من غير وجود وسائل حقيقية ومناسبة لصده والتعامل معه، فالدورُ الذي تلعبه كل من الحكومة الشرعية في اليمن وقوات التحالف إنجاز عسكري وسياسي، إلا أن الخطر الذي يشكله وجود هذا المشروع العقائدي الشيعي على المجتمع اليمني من أهل السنة والجماعة، في ظل عدم الصد لها ثقافيا وفكريا كما يصد لمليشيات الحوثي سياسيا وعسكريا لن يؤدي إلا إلى زيادة فرص تحقيق الحوثيين لأهداف مشروعهم في تغيير التركيب الديموغرافي للقبائل اليمنية في مختلف المحافظات، والتأخر في إيجاد الوسائل المناسبة لصد هذا المشروع والقضاء عليه سوف يزيد من صعوبة ذلك، وخاصةً إذا نجح الحوثيون في غرس جذورهم في الفكر اليمني، واستطاعوا تغيير عقيدة الشعب اليمني إلى العقيدة الشيعية الصفوية.

وعلى الدول العربية والإسلامية جمعاء وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أن تنتبه جيداً لهذا الخطر المحدق بأبناء اليمن، والوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في التخلص منه، ونفض غبار التشيع الذي تحاول المليشيات الحوثية فرضه على المجتمع اليمني، وهذه المساندة إنما هي من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية السنية لليمن أولًا، وحماية كافة بلاد المسلمين ثانيًا، وحماية الأمن الفكري القومي لجميع الدول العربية، فنحن ندرك أن الخطر الشيعي إنما يهدد بلاد المسلمين كافةً، وهم في وجودهم في اليمن وسعيهم للسيطرة على شعبه إنما أعينهم على بلاد الحرمين ومقدساتها الإسلامية، ومن الواجب على العلماء والعقلاء من أصحاب المناصب القيادية والسياسية في الدول العربية والإسلامية أن يدركوا هذا الخطر الداهم وأن يسعوا إلى التوعية به وبمخاطره الجسيمة على اليمن خاصة وعلى بلاد الإسلام عامة، وأن يعمل كل صاحب منصب من موقع مسؤوليته لصد هذه الهجمة ودفع خطر الهجوم الشيعي على أرض الإسلام كافة، والتركيز على توجيه الدعم للمؤسسات اليمنية التعليمية للعمل على تنشئة جيل يمتلك من الوعي من يمكنه من التعامل مع مثل هذه الهجمات الفكرية الخطيرة وعدم الانسياق معها ودفع خطرها عن الأمة أجمع، فالتعليم هو الحصن المنيع أمام مثل هذه المشاريع الفكرية المنحرفة.

 

 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية