اطبع هذه الصفحة


الثبات وقت المحن

د.عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 

بسم الله الرحمن الرحيم


1.
إظهار المؤمن لإيمانه من خلال العبادات الظاهرة هو أمر في غاية الأهمية، إلا أن للعبادات القلبية مكانة في غاية الأهمية في ديننا، ومن بين هذه العبادات الصبر والثبات وقت المحن.

2.
المؤمن في هذه الحياة ممتحن، وهو بإيمانه مطالب بالنجاح في اجتياز هذا الامتحان بالصبر على الأذى والشهوات والثبات على مبادئه وقت المحن والشدائد.

3.
الثبات وقت المحن من الأعمال التي تكشف حقيقة الإيمان في قلب المسلم، حيث يقول تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ).

4.
الثبات على الشدائد احتساباً لوجه الله من مظاهر الإخلاص والصدق في الإيمان، يقول تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).

5.
بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل الثبات وقت المحن فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمله، فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغها).

6.
لا تقتصر المحن والمصائب في هذه الحياة على جيل دون جيل أو أمةٍ دون أخرى، بل إنها سنةٌ عامةٌ لله في الأرض تشمل المؤمنين والكافرين.

7.
يختلف أسلوب التعامل مع المصائب والمحن بين الناس، ويمتاز المؤمنين بثباتهم وصبرهم ومصابرتهم في مواجهة المحن لما في قلوبهم من إيمان بالله وتسليم بقضائه وقدره.

8.
من يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرى أنهم نالوا من المصائب والمحن القدر الكبير، وقد كانوا خير قدوة في الثبات وقت المحن والصبر على قضاء الله.

9.
كثيرة هي المحن التي تتعرض لها الدعوة إلى الله، سواء من الكفار أو من المنافقين، فهم لا يدعون طريقة أو وسيلة لمهاجمة هذه الدعوة إلا ويستخدموها للصد عنها.

10.
تواجه المجتمعات المسلمة اليوم الكثير من الفتن والمحن والشبهات، والتي تتطلب من المسلمين الثبات والوقوف بشموخ أمامها للحفاظ على دينهم ليكونوا كالقابضين على الجمر كما قال صلى الله عليه وسلم.

11.
الثبات وقت المحن إنما هو دلالة على الصدق وعلى الحق، والناس ينجذبون إلى كل ثابت راسخ وتشيع لديهم الطمأنينة في الركون إليه واتباعه لما يجدوا في حاله من القوة واليقين بما يؤمن به.

12.
مما يعين المؤمن على الثبات في مواجهة المحن والمصائب علمه بأن هذه الدنيا إنما هي دار ممر لا دار مقر وأن الأجر والثواب عند الله، وأنه يبلغ بالصبر من المنازل أرفعها.

13.
سؤال المؤمن ربه التثبيت وقت المحن والاعتصام بحبل الله عز وجل من أعظم ما يعين المؤمن على الثبات وقت المحن ومن ذلك قول الله عز وجل: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).

14.
بينت آيات القرآن الكثير من المواقف التي ثبت فيها أهل الحق من المؤمنين على إيمانهم في مواجهة أهل الباطل ممن يتفوقون عليهم بقوتهم المادية، وقد وضحت الآيات فضل هذا الثبات وأنه سبب لفوز أصحابه برضوان الله عز وجل.

15.
الثبات وقت المحن من دلائل الرضا بقضاء الله وهو من الخير الذي أشار إليه النبي في حديثه: (عجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ).

16.
تدل قصة أصحاب الأخدود وثباتهم على المحن والابتلاءات، وما نالوه من الأجر الكبير، على أن الصبر والثبات مطلب أساسي لكل مسلم يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد للوصول إلى الجنة.

17.
للعلماء دور كبير في تثبيت الناس وقت المحن، ويتمثل دورهم في نشر الطمأنينة والتبشير بقرب نصر الله عز وجل وفتحه وبيان ما عايشه النبي صلى الله عليه وسلم والسلف من المحن والابتلاءات وثباتهم أمامها وصبرهم عليها.

18.
للدعاة دور كبير ومهم في تثبيت الناس وقت المحن والأزمات، فعليهم أن يبينوا للناس عظمة الله عز وجل وقدرته وأن الخير والشر بيده وأنه من يتحكم بالأمر لحكمة يعلمها قد يجهلها الناس ولا يفطنوا إليها.

19.
للثبات والصبر وقت المحن آثار عظيمة على قلب المؤمن، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في الحديث: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -عز وجل-إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).

20.
المؤمن لا يجزع إن واجهته المحن والابتلاءات، فهو يعلم أنها أمر حتمي في الحياة الدنيا ليميز الله من خلالها المؤمنين من المنافقين، فقد جعل الله الحياة الدنيا دار ابتلاء واختبار.




 

 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية