اطبع هذه الصفحة


العيد موسم فضل ورحمة

د. عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد..
أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم أبناء العمومة في هذه الاجتماع المبارك للملتقى السنوي لآل نافل - خامس المعانية من قبيلة الجعدة من عتيبة ، هذا الاجتماع الذي تتجدد فيه مظاهر الألفة والمحبة، والذي يدل على عمق الترابط بيننا، وإن اجتماعنا هنا اليوم بهذه المناسبة الجليلة في عيد الفطر المبارك لعام ألف وأربعمئة وأربعة وأربعين للهجرة يدل على ترابطكم الأسري وحرصكم المعهود على التواصل وتقوية روابط القرابة وصلت الرحم .
فمرحبًا بكم جميعًا الأعمام وأبنائهم وضيوفنا الكرام.
أيها الحضور الكريم:
لقد بعث الله فينا خير الرسل وأرسل علينا خير الأديان وأكمل الشرائع وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، ومن أعظم النعم التي من الله عز وجل بها علينا أن جعلنا من خير أمةٍ أخرجت للناس، فهدانا إلى عبادته لا نشرك به شيئًا، واجتبانا الله تبارك وتعالى على ملة إبراهيم ودين محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: { هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ }.

وقد كان من نعم الله علينا أن جعل لنا أعيادًا نفرح بها ويعم بلادنا فيها السرور، وللعيد فرحة ببلوغ شهر رمضان وفرحٌ بتوفيق الله وعونه لما يسر لنا من طاعته، في هذا الشهر الذي تنزلت فيه علينا رحمات الله وتعرضنا فيه لنفحاته.

وقد شرع الله عز وجل لنا الفرح في أيام العيد بعد أن أكرمنا بإكمال العدة واستيفاء الشهر، فلله الحمد على ما وهبنا من الخير والنعم وما امتن علينا وأكرمنا به في هذا الشهر من الخير، فله تبارك وتعالى الحمد على فضله ورحمته الواسعة، وقد قال تعالى في محكم آياته: { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }.

والعيد موسم فضل ورحمة وبهما يكون فرح المسلمين، ومن الواجب علينا إظهار السرور بهذه الأيام المباركة، وقال العلماء أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين، وقد شَرع النبي صلى الله عليه وسلم إظهار الفرح وإعلان السرور في الأعياد، وفي ذلك قال أنس رضي الله عنه: “قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر”.

ومن مظاهر الفرح في هذه الأيام المباركة صلة الرحم، وهي وإن كانت واجبةً في غير أيام العيد فهي في العيد أوجب وألزم، ولذلك لما حث به النبي صلى الله عليه وسلم من صلة الرحم في أيام العيد، ولا تكتمل الصورة المزهرة للعيد إلا بما يظهر فيه من مشاعر الفرح وصلة الأرحام وزيارة الأقارب والأصدقاء، فعلينا أيها الأخوة الأحباب أن نفرح ونشيع البهجة بطاعة الله وإكمال عبادته.

وإنما العيد رسالة راقية تميزت بها أمتنا الإسلامية على غيرها من الأمم، وعلينا أن نسعى فيه إلى إعادة الرغبة بتجديد حياتنا وآمالنا وطموحاتنا بأن يعود لأمتنا مجدها وأن يدوم علينا الخير والعز وأن تزدهر أوطاننا وتتقدم لتقود العالم إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة.

ولا ننسى في هذه الأيام المباركة زيارة الجيران و صلة الأرحام والاهتمام بالكبار و الصغار وأن نهتم بالأيتام ونرعى شؤونهم وأن نحرص على التخفيف من معاناتهم وتعويضهم عما فقدوه من حنان الأب وعطفه، فنقبل عليهم ونشعرهم بأننا نهتم بدعمهم ومؤازرتهم وأن نوسع عليهم وعلى من يقومون برعايتهم، فإنهم في هذه الأيام بحاجةٍ إلى من يحنوا عليهم كغيرهم من أطفال المسلمين، فلا ننسى أن نزور بيوتهم ونشعرهم بأنهم وإن فقدوا آباءهم فكلنا لهم آباء حريصين على مصالحهم.

واجتماع المسلمين أيها الأخوة الأحباب إنما هو من أعظم المظاهر التي علينا أن نحافظ عليها في هذه الأيام المباركة والمواسم العظيمة، واجتماعنا هنا اليوم إنما هو تأكيد على ما تضمره نفوسنا من الحب والخير والتماسك والتراحم، وإننا لنرى في هذه الأيام ما يسر قلوبنا من اجتماع الأمة في مختلف أصقاع الأرض على الصلاة والتكبير وذكر الله عز وجل.
وإن قلوبنا لتطير فرحًا إلى لقياكم والاجتماع بكم في مثل هذا اليوم من كل عام، ففي هذا الاجتماع نرى على وجوه إخواننا وأبناء عمومتنا وأحبتنا مظاهر الفرح والسرور، ومثل هذه اللقاءات إنما نؤكد على مشاعر الود والمحبة العميقة التي تجمع بين قلوبنا، وهذه الرابطة التي امتثلت لأمر ربها وشريعته إنما تضرب أروع الأمثلة على الالتزام بصلة الرحم والامتثال لاجتماع المسلمين وتوحدهم على الرأي وطاعة أولي الأمر أدام الله بقاءهم.

أيها الأخوة الأحباب:
إن احتفال أمتنا الإسلامية اليوم بعيد الفطر بعد أن أكرمها الله تبارك وتعالى بصيام شهر رمضان، لهو مظهر عظيم يستحق شكر الله عز وجل عليه، وإن فرحتنا بهذا اليوم فرحتان فرحة بالعيد وفرحة بلقائكم والاجتماع بكم ولقائكم، والله نسأل أن يديم علينا هذا الاجتماع المبارك وأن يمتعنا به ما أحيانا.

وإن اجتماعنا هنا اليوم إنما هو تأكيد على اهتمامنا باستمرار مسيرة آباءنا وأجدادنا من الحفاظ على الوحدة واللحمة بين أبناء القبيلة، كما أن اجتماعنا في هذا اليوم المبارك إنما هو رسالة نبعث بها لأبنائنا ليعلموا ما نحن عليه من صلة وترابط ولنريهم الصورة المشرقة لما نحمله في قلوبنا لإخواننا وأهلنا وأحبتنا من أبناء القبيلة، هذا الاجتماع الذي سينير لهم طريقهم ليسيروا فيه على بصيرة وليعلموا ما نحن عليه من الخير وليحافظوا عليه في المستقبل.

وهذا الاجتماع إنما هو تأكيد على التزامنا بعهد آبائنا وأجدادنا، وأننا لا زلنا على قلب رجل واحد، يجمعنا تاريخ مشترك وينتظرنا مستقبل واعد، كما أن هذا الاجتماع إنما هو تأكيد على انتمائنا لأمتنا الإسلامية ولوطننا الغالي.

وختامًا، فإنه ينبغي علينا أن نشكر الله عز وجل أن بلغنا رمضان وأتم نعمته عليها، وأن نذكر ما نحن فيه من الخير والنعمة وأن نشكر الله عز وجل عليها، وأن نعمل جاهدين للاستمرار على طاعة الله عز وجل ولزوم أمره، وأن نستمر على الطاعة كما كنا في رمضان، فنحرص على الاستمرار بقيام الليل وصيام النوافل والإكثار من الصدقات وأن نحرص على الاهتمام بالأيتام وتفقد أحوالهم قدر استطاعتنا.

ونسأل الله العظيم أن يجعل اجتماعنا هذا دائمًا على خير، وأن يرحمنا ويوفقنا إلى ما فيه الخير لنا ولأهلنا ولوطننا، ونسأل الله العظيم أن يبارك في أمتنا وأن يفرج هموهما وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.
وكل عام وأنتم بخير
 

 

 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية