اطبع هذه الصفحة


(ناميبيا) كما رأيتها

د. عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فانطلاقًا من واجب تفقد أحوال المسلمين في بلدان الأقليات، كانت لنا زيارات لبعض الدول، ومن آخرها دولة (راوندا).

ومواصلة للسير في هذا الطريق الوعر، وشكرًا لله تعالى على ما منَّ علينا من تسخيرنا لهذا العمل، وتذليل صعاب كثيرة لنا في هذا المهيع ـ كانت لنا زيارة إلى دولة (ناميبيا)، وذلك بتاريخ بتاريخ (20 / 7 / 2024)م.

حيث أقلعنا من (جوهانسبيرغ)، عاصمة جنوب أفريقيا الساعة (٢:١٥) ظهرًا، واستغرقت الرحلة قرابة الساعتين، وكان في استقبالنا الدكتور عبدالمالك ارماس شيكونجو، رئيس مركز ويندهوك الإسلامي.

وشملت رحلتنا اللقاء ببعض الدعاة والأعيان، وزيارة بعض المساجد، وجولات داخل العاصمة وبعض القرى التي يقطنها المسلمون؛ للوقوف عن قرب على واقع هذه الأقلية الإسلامية، ومشاهدة ظروف معيشتهم، وواقع التعليم ومشاكله لديهم.

وقد منَّ الله تعالى بإقامة برنامج تدريبي تطويري للدعاة والداعيات في (ناميبيا) تحت عنوان: الإبداع الدعوي - مهارات وتقنيات.

وهذا تقرير موجز عن هذه الدولة، يسلط الضوء بصفة أساسية على الأمور التي لها تأثير إيجابي أو سلبي في خدمة الأقلية الإسلامية فيها، ويمهد الطريق للمهتمين بالأقليات الإسلامية للالتفات إلى هذا البلد، ودعم الأقلية الإسلامية فيها.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


الموقع الجعرافي:

تقع (ناميبيا) في الجزء الجنوبي الغربي من أفريقيا على ساحل المحيط الأطلسي.

وتحدها (أنجولا) و(زامبيا) شمالا، و(بوتسوانا) شرقا، و(جنوب أفريقيا) جنوباً.

وتبلغ مساحتها (852000) كم مربع.

واستقلت (نامبيبا) في عام (1990) عن (جنوب أفريقيا). و كانت تدعى قبل الاستقلال بـ(غرب جنوب أفريقيا).

السكان:

تعتبر (ناميبيا) ثاني أقل دولة في العالم بالكثافة السكانية بعد (منغوليا)، بمعدل فرد واحد لكل (2,5) كم مربع، وعدد سكانها حوالي (2,5) مليون نسمة.

وتبلغ نسبة المسلمين حوالي (0.5%)، ويترواح أعداد المسلمين بين  (3500) و(4000) مسلم في عام (2004)، وما بين (8000) و(9000) مسلم في عام (2022).

و يتوقع أن يصبح عدد المسلمين ما بين (10000) و(12000) مسلم في عام (2030).

بينما تبلغ نسبة الديانة المسيحيين حوالي (97%) من عدد السكان.

وتنتشر في (ناميبيا) قبائل (الأوفامبو) بنسبة تزيد عن أكثر من (65%) من عدد السكان, إضافة إلى (هريرو),و( ناماس), و(دامارا), و(هيمبا), و(بوشمن), و(الملونين), و(الألمان) و(الإنكليز).

وتوجد في ناميبيا (13) لغة محلية، و لكن اللغة الإنكليزية هي اللغة الرسمية.

دخول المسيحية إلى (ناميبيا):

دخلت المسيحية إلى (ناميبيا) مع الاحتلال الأوربي في عام (1800)م حيث اقتسمت (ناميبيا) بين (إنكلترا) و(ألمانيا) مابين (1878-1883)م .

ثم احتلتها (ألمانيا) في الفترة (1890-1920)م.

و بعد ذلك احتلت من قِبل (جنوب أفريقيا) من عام (1920- 1990)م.

الديانة الرسمية في (ناميبيا)

الديانة الرسمية في ناميبيا هي المسيحية ( 65%  بروتستنات, 23% روم كاثوليك), اليهود و المسلمون والبوذيون و البهائيون وبعض من الديانات التقليدية الأفريقية (11%), وكذلك الملحدون وعديمي الدين ( 1%).

ويشكل أهل السنة والجماعة الغالبية العظمى للمسلمين في ناميبيا وكذلك بعض الفرق الأخرى مثل الشيعة ( مسجد قباء في ويندهوك).

وصول الإسلام إلى (ناميبيا)

للإسلام تاريخ قصير في (ناميبيا) إذ بدأ حوالي (1940-1950)م، وذلك على أيدي  بعض المسلمين من (كيب تاون)، و الذين جاؤوا للعمل في غرب جنوب أفريقيا ( ناميبيا حالياً).

وكذلك من قبل المسلمين الجنوب أفريقيين من أصل أسيوي ( ماليزيا، والهند)، والذين جاؤوا من (كيب تاون) و(جوهانسبرغ) و(دوربان) في الأربعينات من القرن الماضي.

وأول من دخل الإسلام من (ناميبيا) امرأة في الأربعينات من القرن الماضي، حيث تزوجت رجل  من (جنوب أفريقيا) وسكنت جنوب (ناميبيا).

وأول ناميبي دخل الإسلام من الرجال عام (1970)م، حيث أعلن إسلامه في ليسوتو.

أما أول مجموعة دخلت في الإسلام  ـ وكانت ثلاثين مسلماـ ففي عام (1979)م،  هي عائلة (جعفر جوسوب) في (ليسوتو) من قبيلة (ناماس)، وذلك أثناء ملتقى إسلامي نظم من قبل حركة المسلمين الشباب في جنوب أفريقيا.

تأسيس المراكز الإسلامية في (ناميبيا)

سطعت أنوار المناشط الإسلامية في (ناميبيا)  في الفترة (1980-1990)، حيث كان أول نشاط المسلمين في البلد بتأسيس أول مركز إسلامي، و كذلك الحركة الإسلامية الناميبية بمساعدة جنوب أفريقيا،  بإرسال أول إمام ـ (عيسى السيبي) من (دوربان) ـ لقيادة المجتمع الإسلامي في ناميبيا.

وكانت من ثمار ذلك أنه مابين عام (1990- 2008 م)  دخل حوالي (1700) ناميبي الأصل في الإسلام، وأغلبهم من الشباب مما يدل على الحرية المطلقة والإستقلالية في اختيار دينهم.

و بعد الإستقلال أعلن الحزب الحاكم في (ناميبيا): ( سوابو) عن السماح بفتح سفارات للدول الإسلامية في العاصمة ويندوك و هذه الدول هي: مـصر, ليبيا, الجزائر, إندونيسيا, ماليزيا وإيران.

رعاية المملكة العربية السعودية للمسلمين في (ناميبيا)

انطلاقا من رعاية المملكة العربية السعودية للمسلمين في مختلف أقطار العلم، باعتبارها مهبط الوحي، ومشع نور الهدية، ومصدر أنوار الإسلام، ومنطلق الفتوحات ـ امتدت أيدي هذه الرعاية لتحتضن المسلمين في (ناميبيا) من مختلف الجوانب.

ومن أوجه مساندة المملكة العربية السعودية للمسلمين في (ناميبيا) التوجه لقبول الطلاب الناميبيين للدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة, حيث قدمت لهم حوالي (25) منحة دراسية مابين عام (2004-2008).

وأول من تخرج من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة من ناميبيا بدرجة بكالوريس دراسات إسلامية : الشيخ أبو بكرتجيبانغه و الشيخ محمد نغومبو و الشيخ عثمان فان نيل.

وعدد من تخرج من الجامعة الإسلامية 6 طلاب وهناك عدد منهم كانت دراستهم في معهد اللغة بالجامعة الإسلامية.

المساجد في (ناميبيا)

يبلغ عدد المساجد في (ناميبيا) أربعة عشر مسجدا، منها خمسة مساجد في العاصمة (ويندوك), كلها بحاجة إلى صيانة و إصلاح، وأكبرهذه المساجد هو مركز ويندوك الإسلامي حيث يتراوح عدد المصلين فيه يوم الجمعة مابين (300) إلى (500) مصل.

مميزات المجتمع الناميبي

يتميز المجتمع الناميبي بتعدد الأحزاب والثقافات، إذ يوجد في ناميبيا حوالي (40) مجموعة سياسية، تتنوع ما بين أحزاب سياسية حديثة ومجموعات تقليدية قائمة على السلطة القبلية، ومن أهمها

 
1)    حزب سوابو (المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا)  

2)    الحركة الديمقراطية الشعبية.

3)    حركة المعدمين .

 4)    منظمة الوحدة الوطنية الديمقراطية.

5)    حزب كل الشعب.

 6)    الجبهة الديمقراطية المتحدة.

 7)    الحزب الجمهوري.


من العوامل الإيجابية المتوافرة في ناميبيا

تتوفر في (ناميبيا) عوامل إيجابية، يمكن استثمارها في خدمة المسلمين في (ناميبيا)، ومن هذه الأمور:

 1)    الديمقراطية والثبات والتوزان السياسي لنظام البلد.

2)    قلة عدد السكان.

 3)    تعتبر ناميبيا أمة ديانية، وأغلب تعلقهم بالمسيحية هو بالاسم فقط.

4)    غناها بالثروة الحيوانية والمعادن (الألماس و اليورانيوم) و كذلك الرخام، بالإضافة إلى الثروة السمكية الهائلة.

من المشكلات العامة في (ناميبيا)

تبزر مشكلات عدة اقتصادية واجتماعية وسلوكية في (ناميبيا)، ينبغي التنبه لها، والأخذ بعين الاعتبار معالجتها؛ لما لها من أثر ملموس على الإنسان بصفة عامة وعلى المسلم في تلك البلاد بصفة خاصة، ومن أبرزها:

 1)    ارتفاع نسبة مرض نقص المناعة المكتسبة بين السكان، حيث تصل إلى (24%)، وتعد (ناميبيا) ضمن أول عشر دول في العالم من حيث انتشارلهذا المرض.

 2)    نسبة البطالة العالية والتي تصل لنسبة (30-40 %)،  وكذلك الفقر و الجوع، حيث سجلت الصحف الرسمية نسبة 59% من الفقراء باتوا جياعاً في عام( 2008).

 3)    تبلغ نسبة الإدمان على الكحول حوالي (36%) فضلاً عن انتشار المخدرات، و النسبة العالية للانتحار ( مصنفة ضمن أول عشر دول في العالم ).

 4)    النسبة العالية لانتشار مرض الملاريا في بعض المناطق، وخاصةً في مواسم تساقط الأمطار الغزيرة.

5)    نسبة الأمية العالية، وذلك للأسباب التاريخية للتمييز العنصري والقبلية العشائرية.


من الصعوبات التي توجه المسلمين في (ناميبيا)

من أهم الصعوبات التي توجه المسلمين في ناميبيا:

 1)    قلة عدد المتعلمين، وغلاء رسوم التعليم.

 2)    عدم وجود المدارس الإسلامية ومركز إقامة الدورات باللغة العربية .

  3)    عدم وجود وسائل الإعلام الإسلامية (الجرائد و المجلات, راديو, تلفاز).


من أبرز احتياجات الملحة للأقلية الإسلامية في (ناميبيا):

نظرًا للصعوبات والمشكلات التي تواجه المجتمع في هذا البلد بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة، فإنه يصعب حصر احتياجات هذا البلد، ويمكن تصنيف أهمها إلى قسمين: احتياجات المسلمين بصفة خاصة، واحتياجات نشر الإسلام بصفة عامة:

أولًا: الاحتياجات الخاصة بالأقلية المسلمة:

الأمر الأول : من الملاحظ وجود فجوة بين المجتمع في (ناميبيا) وبين العالم العربي، ويمكن سد الثغرة بكثرة الزيارات الميداينة لهذا البلد، ولا أقل من إنشاء قنوات للتواصل مع المسلمين هناك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

الأمر الثاني: زيادة طلاب المنح في هذه الدولة، ورعاية طلابها الممنوحين وتأهيلهم لأن يكونوا دعاة متميزين.

الأمر الثالث: المساهمة في إنشاء بنى تحتية للمناشط الإسلامية، كالمدارس، والمراكز الإسلامية، والمساجد، ورياض الأطفال.

 الأمر الرابع: إقامة المناشط التأهيلية للدعاة، كورش العمل والدورات التدريبية.

الأمر الخامس: إنشاء وسائل إعلامية تخدم الأقليات الإسلامية هناك، كمحطات التلفاز، والراديو، والمجلات، وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي.

الأمر السادس: تقديم  وسائل الدعم المادي من مستشفيات، ومراكز طبية، وإعانة للمحتاجين، والدعم في أوقات الكوارث والأمراض.

ثانيًا: احتياجات التعريف بالإسلام:

الأمر الأول: إنشاء مراكز للتعريف بالإسلام، يقوم بمختلف الأنشطة، وبشتى الوسائل معينة للتعريف بالإسلام: مثل توزيع الكتب والقرآن.

الأمر الثاني: إنشاء مدارس متميزة للتعليم، يدرس فيها الطلاب المتميزون مثل المدارس الصينية.

الأمر الثالث: إقامة برامج وفعاليات للتعريف بالإسلام، كزيارة المراكز الإسلامية لغير المسلمين، وعمل لوحات، ومعارض للتعريف بالإسلام.

الأمر الرابع: إقامة برامج للمسلمين الجدد، وتأهيلهم في برامج متعددة ومهنية مثل البنوك، وغيرها.

الأمر الخامس: التركيز على البرامج الشبابية وتفعليها.

 


 

 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية