اطبع هذه الصفحة


التعليم ودوره في نهضة المجتمعات

د.عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
تدل الكثير من التجارب التنموية لكثير من دول العالم على أن تحقيق التنمية لم يعديتوقف على ما تمتلكه هذه البلدان من موارد طبيعية وعناصر إنتاجية فقط بل يتوقفأيضاً على المستوى العملي والمهاري لقوة العمل التي تمتلكها، والتي تمكنها مناستيعاب وملاحقة التطورات السريعة والمتلاحقة لفنون الإنتاج الحديثة، كما تدلإحصاءات كثير من الدول المتقدمة على أن القسم الأكبر من دخلها القومي لا يعود فقطإلى توفير الموارد الطبيعية الأولية، ولكن يعود في المقام الأول إلى نوعية الموارد البشريةالتي يسهم التعليم والبحث العلمي في إعدادها وتدريبها وتحسين أدائها، وهذا الأمريؤكد على أن التعليم بصفة عامة والتعليم الجامعي بصفة خاصة يسهمان في تحقيقالتنمية والمحافظة عليها واستمرارها، ومن ثم يعد الاستثمار في التعليم مكملا للاستثمارفي رأس المال المادي. إذا كان هذا الأمر يصدق على الدول المتقدمة فإن التعليم يمثل أهميةخاصة للدول النامية، حيث يعد العنصر البشري من أهم العناصر التي يمكن أن تسهمفي زيادة الإنتاجية وتحقيق أهداف التنمية، وهذا العنصر البشري لن يستطيع أن يؤديدوره في تحقيق التنمية ما لم يتوفر له التعليم المتميز الذي يجعله عنصر نمو وتقدم بدلامن أن يكون عنصر جمود وتخلف، خاصة وأن العصر الذي نعيشه الآن هو عصر يختلففي حضارته عن الحضارات التي سبقته، فالحضارة التي تسود الآن هي حضارة عصرالمعلومات وهي حضارة تختلف كثيراً عما سبقتها من موجات حضارية.

هذا ويعتبر التعليم حجر الأساس في تطور المجتمعات وتقدمها، وذلك لأدواره الهامةالتي يقوم بها لموقعه المتصدر في السلم التربوي، وهو الإطار الذي تنبثق من خلالهمهمة التطور والتجديد والتي تسعى من خلالها الدول المتقدمة والنامية إلى تحقيقالأهداف التنموية الخاصة بها، والتي بلا شك تتمثل في تنمية الجوانب الاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى تقديم الخدمات المتعددة للمجتمع في كافةالمستويات.

إن المؤسسات التعليمية تلعب دوراً كبيراً في تحريك عجلة التنمية في المجتمعات، حيثتسعى بشكل مستمر للتعاطي مع احتياجات المجتمع بحثاً عن الرقي والتقدم والتنميةالمستدامة، بما يتطلب التعاون الوثيق بين كافة المستويات في المؤسسات التعليميةلتحديد نوعية وجودة الأسلوب الإداري الذي سيتم انتهاجه، بالإضافة للتعرف علىحاجات المؤسسات المجتمعية المختلفة بشكل عام، وذلك لتحقيق الأهداف والغاياتالمشتركة، والتي تعود بالفوائد والمنافع على المجتمع ونموه.

ولا شك بل من المؤكد أن للتعليم دور مهم وكبير في بناء الفرد فكرياً وثقافياً واجتماعياًوسياسياً والنهوض بقدراته وتنميتها إلى أعلى المستويات، وينسحب هذا الأمر كذلكعلى المجتمع حيث هو الآخر يحقق التعليم له فوائد جمة وينهض ويرتقي به في كافةالمجالات، ويحقق طموحاته وأهدافه، حيث أن للتعليم دوراً هاماً في الاستثمار في رأسالمال البشري، فهو المسؤول عن إمداد المجتمع بالطاقات البشرية والكوادر العلمية، وهوالمسؤول أيضاً عن إيصال المفاهيم الاجتماعية لهؤلاء الكوادر، والتي من شأنها أن تعززالولاء وترسيخ المفاهيم الاجتماعية العامة لديهم، ولذلك أصبح لزاماً على قيادة مؤسساتالتعليم ان تتفاعل مع المتغيرات والمستجدات الاجتماعية الحديثة وتعمل على تطويرنفسها وتحديث أساليبها، بما يتناسب مع متطلبات التنمية الشاملة، فلم يعد من المقبولأن تنأى عن المجتمع، أو تأخذ جانباً وتتوارى في ظل التغيرات الاقتصادية والثقافيةوالاجتماعية والتقنية الحديثة في البيئة ذاتها وفي المحيط، خاصةً وأنه محلياً فقدأصبحت التوقعات المجتمعية بشأن التعليم أكثر تعاظماً وتفاعلاً مع المؤسسات التعليميةوذلك لاحتوائها على مكتنزات وثروات تتمثل في الخبرات والكفاءات البشرية العلمية،وما تنتجه دوائر البحث العلمي من بحوث ودراسات يمكن أن تسهم بشكل كبير في حلالكثير من القضايا والأحداث التي يعيشها المجتمع.
 

 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية