صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حقيقة الشكر

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خير البرية أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد

إن الشكر نعمة عظيمة يوفق الله عز وجل من يشاء من عباده إليها، ومن وُفق إلى تلك النعمة، فهو ذو حظ عظيم حيث تزداد عليه النعم وتترادف وتتزايد لأنه شكرها، وتكون أيضا حجة له لا حجة عليه، وهؤلاء قليل حيث يقول الله تبارك وتعالى: (وقليل من عبادي الشكور)

والجزاء من جنس العمل، يقول الله تبارك وتعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) فتلك حقيقة عظيمة يجب إدراكها وهي الزيادة مع الشكر، وإن كان هذا هو منطوق الآية، فإن لها مفهوماً وهو أن النعم قد تزول إذا كُفرت ولم تُشكر، ولكن ثمة سؤال مهم وهو ما هي حقيقة الشكر الشرعي المعتبر؟ وللإجابة على هذا أقول: إن الشكر الحقيقي هو ما قام على أركان ثلاثة، من المهم جدا أن نجعلها دائما في أذهاننا في كل نعمة من نعم الله تبارك وتعالى.

الركن الأول:
التحدث بهذه النعمة ظاهرًا، وذلك بالحمد والشكر لله تبارك وتعالى عليها والثناء عليه عز وجل، وإن كان هذا ركن في الشكر إلا أنه أيضاً من أسباب مغفرة الذنوب، وذلك من فضله جل جلاله على عباده، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعاماً فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه) صححه الألباني.
فهذا هو الركن الأول وهو أن يلهج المسلم بحمد الله تعالى والثناء عليه بلسانه.

الركن الثاني:
الاعتراف بها باطناً بأنها من عند الله عز وجل، وهذا الإعتراف يدفع إلى جميع أركان الشكر لأنه من القلب وهو ملك الجوارح فيجعل جوارحه متبعة لأمر الله عز وجل.

الركن الثالث:
صرف هذه النعمة في طاعة المنعم جل جلاله، وهذا الركن ربما أخفق فيه الكثيرون، فقد يوجد الركنان الأولان لكن قد يتخلف الثالث بحيث تصرف تلك النعمة في المعصية، وفي تلك الحال لم يتم الشكر، وقد تكون تلك النعمة وبالا على صاحبها.

أرأيت أخي الكريم من أنعم الله عليه بنعمة السمع والبصر، ثم بعد ذلك شكر الله عليهما بلسانه، واعترف بذلك بقلبه، لكنه يقلب سمعه وبصره في المعاصي، فيسمع الحرام ويبصر الحرام، فلا شك أن الشكر لم يتم، فمن إتمام الشكر صيانة سمعه وبصره عن الحرام، ولكن إذا رأى حراماً أو سمع حراما فسريعاً ما يرجع ويستغفر، والله عز وجل غفور رحيم لمن رجع وأناب إليه، وهكذا سائر النعم طبق عليها ما سمعت من أركان الشكر الثلاثة، فاللهج بها بالحمد لله تبارك وتعالى هو الركن الأول، وأيضا الاعتراف بها باطنا هو الركن الثاني، وأيضا صرفها في طاعة الله تعالى هو الركن الثالث.

وعند المخالفة ارجع إلى ربك صادقاً مستنغفرا، فالله عز وجل يغفر ذنبك كما وعدك بقوله تعالى: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما).

وبهذا يتم شكرك لنعم الله تعالى عليك، وتُغفر ذنوبك وتزداد النعم وترفل بخير عظيم من رب كريم، وأما من أتبع نفسه هواها في لجج المعاصي والآثام، وجعل نعم الله تعالى عليه مركب لها فلا يلومن إلا نفسه إذا هلك في أي واد من أودية الدنيا، وأمره إلى الله تعالى، وإن النفس هي حسب ما اعتادت من صاحبها في النشاط والكسل بعد توفيق الله عز وجل، فاجعل لنفسك لجاماً قوياً على الخير، وإن لم تفعل ذلك فهي ستوردك المهالك والمهاوي إلا من رحم الله.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من المرحومين الشاكرين المقبولين، واعلم أن ما تفعله من الشكر أو عدمه إنما هو خُطاك إلى الآخرة، فاختر خطواتك الطيبة لتوصلك إلى جنات النعيم واترك خطوات السوء فإنها توصل إلى الجحيم.
أسأل الله تعالى التوفيق للجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية