اطبع هذه الصفحة


توجيهات رمضانية (7)

المرأة في رمضان

خالد بن علي الجريش


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونصلي ونسلم على خير البرية وأزكى البشرية وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،،
أختي الكريمة، إن شهر رمضان موسم عظيم قد أطلّ عليكِ ونفحات رحمة ومغفرة وعتق تغمركِ، فهيئي عزمك في نوالها واكتسابها فالشهر يناديكِ فاستجيبي مستثمرةً لحظاته وساعاته، حيث إن استثماركِ هذا سيكون في ميزان الحسنات، نسأل الله تعالى القبول للجميع.
وها هي وقفات معدودة معكِ في هذا الشهر المبارك لكِ ولغيركِ من بني جنسكِ فكوني دالةً على الخير وداعية إليه وفقكِ الله وأسعدكِ في الدنيا والآخرة.


الوقفة الأولى:
المرأة أحوج ما تكون لترتيب الأولويات في استثمار أوقاتها في شهر رمضان المبارك، حيث إنها مشغولة في عمل بيتها وخدمة زوجها وأولادها ونحو ذلك، فهي بحاجة ماسة إلى ترتيب وقتها في خِضم تلك الظروف المنزلية، وإذا لم تفعل ذلك فإنها قد تخسر كثيرًا من وقتها من حيث لا تشعر.
فيا أختي الكريمة اعملي على وضع برنامج للتوازن بين أعمال البيت وخدمته من جهة، وبين استثمار هذا الشهر من جهة أخرى، ولو استدعى ذلك تحرير هذا في ورقة تكون خطة عمل لكِ في بيتكِ، وليس هذا بكثير على هذا الشهر المبارك، وحينئذ ستعلمين كيف كان الفرق شاسعًا بين التخطيط وعدمه، واستشيري بذلك من ترينه مناسبًا لمساعدتكِ على ذلك، فالوقت شريف وعزيز.

الوقفة الثانية:
اعلمي أنك بخدمتكِ في بيتكِ على أجر عظيم، فكما أنه قيام بالواجب فهو يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) وذلك لأنهم قاموا على خدمة أصحابهم، فكيف بكِ وقد قمتِ بالخدمة وأنتِ صائمة، فلعل أجرك أعظم وأولى، ولكن احتسبي ذلك فهو أعظم لأجرك.

الوقفة الثالثة:
خلال عملكِ وخدمتكِ لزوجكِ وأولادكِ من طهي ونظافة وترتيب، تذكري دائمًا أنه يمكن أن يصحب هذا عمل اللسان من الذكر، فهو من أفضل الأعمال وأيسرها، ألم تسمعي قول النبي صلى الله عليه وسلم (والحمد لله تملأ الميزان) كرريها كثيرًا فأنتِ على خير عظيم، ألم تعلمي قول النبي صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) ما أعظمها وأعظم أجرها فسيُغرس لكِ بكل تسبيحة نخلة في الجنة، ولكِ بها عشر حسنات، أكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فلكِ بكل واحدة عشر صلوات كما رواه مسلم، وفي حديث آخر حسّنه الألباني، قال عليه الصلاة والسلام: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وكتب له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات) ألم تعلمي أن كلمة (لا إله إلا الله) أفضل الحسنات، كرريها ولا تملي من تكرارها، فهذه الأذكار وأمثالها خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، وقد تقول بعض النساء قد لا يتوافق قلبي مع لساني في الذكر، فيُقال إن توافقا كان الأجر أعظم وإن لم يتوافقا فأجركِ كامل بذكر اللسان من الحسنات العظيمة، ولكن إياكِ والسكوت، فإنه خسارة مقابل هذه الأذكار.

الوقفة الرابعة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) وهذا يشمل الرجل والمرأة، لكن المرأة إذا خرجت إلى المسجد يجب عليها أن تكون متسترة وغير متعطرة، بخلاف ما يُشاهد أحيانًا من بعض نسائنا هداهن الله فتخرج إلى المسجد تبتغي ما عند الله تعالى من الأجر لكنها تخرج بحجاب غير ساتر أو بحجاب فاتن أو بعطر، فتمر قُرب الرجال ونحو ذلك، وهذا نوع من التعارض، فالأجر لا يُطلب بمعصية الله تعالى، فعليها أن تحترز من المحاذير الشرعية سواءً في لبسها أو في مشيها أو كلامها أو مُكثها في المسجد بين النساء ونحو ذلك، وعلى النساء تسوية صفوفهن وتراصّهن في الصف وسد الفُرج وعدم الأحاديث الجانبية أثناء الصلاة مما يؤذي بعض المصليات، أو اصطحاب بعض الأطفال المزعجين الذين بيوتهم خيرٌ لهم، فإذا كانت المرأة لن تخرج إلا بطفلها، فبيتها خير لها من أن تؤذي بطفلها الأخريات، من إزعاج الطفل أو بكائه أو لعبه ونحو ذلك، ولا تنزعجي من ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو في المدينة (وبيوتهن خيٌر لهن) فصلاتك في بيتك فيه خير كثير وكبير، واستثمري وجودكِ في المسجد بالعبادة ولا يكون المسجد ملتقى الأحاديث الجانبية، إلا ما دعت الحاجة إليه وكان خفيفًا.

الوقفة الخامسة:
أختي الكريمة ضعي لك برنامجًا يناسبكِ في شهر رمضان تقومين بتنفيذه، يحتوي على تحقيق أهداف عبادية وسلوكية ونحوها مع عدم إغفال التوازن بينه وبين خدمة البيت والزوج والأولاد، فإن هذا البرنامج يحدوكِ لترتيب الوقت والمحافظة عليه، فضعي قائمةً من الأعمال والأقوال الصالحة تُنفّذيها خلال يومكِ وليلتكِ وحاسبي نفسكِ في التنفيذ، ولا مانع أن تفعلي هذا بمشاركة إحداهن حتى يجتمع الرأي على أحسن حال، وعند تخطيطك لنفسكِ بخطة عمل لهذا الشهر المبارك، فلا مانع من نفع الأخريات بها وتقديمها على صورة برنامج مقترح لشهر رمضان، فالدال على الخير كفاعله، فزميلاتك وقريباتك بحاجة ماسة إلى توجيه الرأي والنصح في استثمار هذا الشهر المبارك.

الوقفة السادسة:
حاولي خلال هذا الشهر المبارك تربية هؤلاء الصغار أصلحهم الله على الأعمال الفاضلة اليسيرة حتى ينشأوا عليها ويتعلموها وتكون صدقة جارية لكِ، ويكون هذا الشهر المبارك انطلاقة لهم في هذا المشروع، فضعي لهم في كل أسبوع عملين واشرفي عليهم في التنفيذ، فهذا من الغرس الطيب تجدين بره وذُخره عند الله تعالى، وربما نشأ هؤلاء الصغار على ذلك حتى شابوا فلكِ مثل أجورهم فلا تيأسي منهم فهم يسمعون ويفهمون، ولكن رغّبيهم في طرحك وترغيبك وهديتك لهم في الأسلوب المناسب لهم وعلى مستواهم، واصبري على ذلك فإنكِ بهذا داعيةٌ إلى الله تعالى.

الوقفة السابعة:
إن المرأة لها خصائصها الشرعية والفطرية التي فطرها الله تعالى عليها فلها أحكامها التي تخصها ومن أبرز أحكامها فيما يتعلق في شهر رمضان، عدم صيامها و صلاتها حال عذرها الشرعي، ولكن لتعلمي أختي الكريمة أنكِ مأجورة بذلك، لأن الله تعالى هو الذي كتب هذا وقدّره، ويُرجى لكِ أن يُكتب لكِ ما كنتِ تعملينه لو لم يأتيك ذلك العذر، ولكن ثمة عبادات عظيمة عديدة تمارسها المرأة وهي على هذا الوصف من العذر الشرعي، فهي تترك الصوم والصلاة، واختلفوا في قراءة القرآن، فلها الذكر بأنواعه، والإحسان بأنواعه، والدعاء والصدقة والتفكر والتأمل والدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، فلو أشغلت لسانها وأكثرت من ذكر الله تعالى مكان ما كانت تصلي وتصوم وتقرأ من القرآن لكان ذلك خيرًا عظيمًا، فلعلكِ لا تغفلين عن هذا، إذن ليس الحل مع العذر الشرعي هو الخمول والكسل والنوم خلال وجود ذلك العذر، وإنما الحل هو النشاط في جانب آخر من العبادات.

الوقفة الثامنة:
المرأة والعشر الأواخر فيلاحظ من بعض النساء أنهن وفقهن الله لكل خير أنها جعلت لهذه العشر الفاضلة برنامجًا خاصًا مدروسًا فيه الاستثمار الأمثل لهذه العشر المباركة بشتى أنواع العبادة بما لا يؤثر على خدمة البيت ولا يتناقض معه، وهذا التصرف هو عين الحكمة والحنكة، فإنها ساعات معدودة وتنتهي هذه العشر، في حين أن البعض الآخر من النساء هداهن الله تدخل العشر وتخرج ولم تحرك ساكنًا، فهي كغيرها من الليالي وهذا نوع من الحرمان فليلة القدر بضع ساعات لكنها أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمتى نعقل جميعًا هذا الفضل العظيم ونقدّر له قدره فعجّلي وأجّلي ظروفكِ عن هذه العشر واعلمي أنها تاج الشهر وخُلاصته، وكم يحرص الشيطان على تضييعها، فلا يغلبنكِ الشيطان في ذلك، فالفرصة متاحة، وسيأتي وقت تُغلق هذه الفرصة، فهل استثمرناها؟.

الوقفة التاسعة:
كوني أختي الكريمة مؤثرة على غيرك التأثير الإيجابي، فما أحوج أخواتكِ إلى نصحكِ وتوجيهكِ فابذليه فإنه غرسكِ تجنينه يوم القيامة، وهذا الشهر من أفضل الفرص لذلك.

الوقفة العاشرة:
على الفتيات اللاتي لا يشهدن صلاة التراويح والقيام في المسجد أن يصلين في بيوتهن ما كتب الله لهن وليكثرن من ذلك خصوصًا في هذه العشر الفاضلة، فإنهن بذلك يتعرض لنفحات رب العالمين، ولا يشغلهن عن ذلك تسويل من الشيطان في أحاديث جانبية أو وسائل تواصل يمكن أن توجَد في وقت آخر، فالترتيب مطلب الجميع، فساعدن أيتها الأمهات بناتكن على رسم برنامج عبادي لهن في استثمار لحظات هذا الشهر.

تقبل الله تعالى من الجميع أعمالهم وكتب أجورهم وإلى حلقة أخرى والسلام عليكم ورحمة وبركاته.


 

خالد الجريش
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية