صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الصراط المستقيم وسبل الشيطان

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

لقد أمر الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له، ونهى عن عبادة غيره، فقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} وهذه العبادة هي صراط الله المستقيم الموصل إلى جنته برحمته عز وجل، ويقول الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.

فقد حكم الله عز وجل وأوصى أن صراطه الموصل إليه هو المستقيم، أما السبل الأخرى فهي طرق معوجة مائلة ومتعددة، وكلها توصل إلى الضلال والزيغ، فمن سلك هذا الصراط فهو المهتدي، وأما هذه السبل فعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إلى سبيله فسبيل للربا، وآخر للزنا، وثالث للغناء، ورابع للشرك، وخامس للنفاق، وهكذا كل معصية لها سبيل وعليه شيطان يدعو إليه، فمن سلم من تلك السبل فهو المتبع للصراط المستقيم.

ولعلك أخي الكريم تتأمل معي هذا الحديث العظيم الذي يصور لك المسألة وكأنها أمامك، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا مستقيما، فقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وشماله، وقال: هذه السُبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم تلا قول الله عز وجل: {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.

أخي الكريم: اعلم أنك إذا فعلت معصية فقد دخلت أحد هذه السبل وأطعت ذلك الشيطان الداعية إليه، علماً أنك تعلم أن هذا الداعي على هذه السبيل هو عدوك ويدعوك فتستجيب له، وهذا ضعف في الإيمان واليقين، لأنها جرت العادة أن العدو مبغض ولا يطاع ويُعلم شره ولا يمكن أن يدعوك إلى ما فيه مصلحتك، فكيف أطعته مع علمك أنه عدوك ويدعوك إلى ما فيه هلاكك وضعف إيمانك، ولكن أقرب طريق وحل لتلك المشكلة هو الخروج من هذا الطريق المعوج والاستغفار أيضاً وسيندم ذلك الشيطان الذي دعاك إلى هذه الطريق وهذه السبل، وأيضا سيندم على خروجك منها، فربما كان عند البعض معصية ما يزال متلبسا بها قد دعاه الشيطان إليها في حين من الأحيان، وما يزال في هذا الطريق يربح منه الشيطان ويخسر هو من الحسنات ويستكثر من السيئات، فلماذا يستكين ذلك العاصي في هذه الطريق المعوج وهو يعلم أن هذا الواقع المرير هو واقع سيئ، وأن الشيطان هو الرابح، وذلك كمعصية الغناء والدخان والقطيعة والهجر والعقوق وأيضاً النظر والسماع إلى الحرام والغيبة والنميمة والكذب وغيرها كثير، فلعل ذلك العاصي يتأمل حجم الربح للشيطان وحجم الخسارة التي تلحقه هو، فبعد ذلك التأمل سيكون له واقع آخر.

إن هذا الصراط المستقيم هو الذي تطمئن فيه النفوس، وتنشرح فيه الصدور، وعندما ترى صاحب منكر ثم تنكر عليه ذلك المنكر قد يبادرك أحيانا بلفظة تفيد أنه طفشان ومتعب، وهذا المُنْكر يريد زيادة طفشه تعباً وحزناً على حد مراده، لأن المخرج لزوال ذلك الضيق والتعب إنما هو سلوك هذا الصراط، وأما السبل التي على جوانبه فهي سبل العلل والأمراض المعنوية، ولو أن صاحب المنكر تأمل حجم الخسارة التي تحصل عليه من خلال فعله للمنكر لما ارتاح ضميره، فإنه بسبب فعله المنكر يزيد في كفة سيئاته التي سيراها ماثلة أمامه يوم القيامة، وسيندم عليها أشد الندم إن لم يعفو الله عنه، وأما ما قاده إلى هذا المنكر إنما هو الشيطان الواقف على سبيل ذلك المنكر يدعوه ويسول له ويحسن له المعصية حتى استحسنها ففعلها.

وهل سيقف الشيطان عند ذلك؟ الجواب لا، وإنما سيدعوه إلى معصية أخرى في سبيل آخر فالسيئات يجرُّ بعضها بعضا كما يجرُّ الحسنات بعضها بعضاً، قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}.

فأعلم أخي الكريم أن اطمئنانك وسعة أمرك وانشراح صدرك هو بسلوك هذا الصراط المستقيم، لأنه هو المتوافق مع الفطرة التي جعلها الله في نفسك، أما المعصية فليس لها شيء يتوافق مع فطرتك، فلذلك كانت تورث الحزن والكآبة والضيق.
اللهم اسلك بنا صراطك مستقيم وجعلنا من أهل جنات النعيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية