اطبع هذه الصفحة


الموازين يوم القيامة

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم


يقول الله تبارك وتعالى:{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}، ويقول الله عز وجل:{فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه فأمه هاوية} إن من يتأمل تلك الآيتين ونحوهما من آيات القرآن يتضح له جليا عدل الله تبارك وتعالى يوم القيامة، وأنه لا يظلم العباد شيئا مهما قل وزنه، وهذا يجعل العبد وجلا من الله راغبا إليه، فهذه الموازين للخير والشر هي أفعال وأقوال ذلك العبد في الدنيا، فكلما عمل خيرا وضع في كفة الحسنات، وكلما عمل شرا وضع في كفة السيئات إن لم يعفو الله عنه ثم توزن يوم القيامة أعماله في الخير والشر يراها ماثلة أمامه، فحينها يعلم العبد قيمة السيئة والحسنة، فلا يستهين بالحسنة أن يفعلها ولو قلت ولا يستهين بالسيئة أن يتركها ولو قلت، وعندما نتأمل ذلك نعلم أننا بحاجة ماسة إلى أمرين مهمين عظيمين وهما الأول: الإكثار من الحسنات لتثقل كفتها فننجو بإذن الله تعالى، وثانيها: العمل على محو تلك السيئات بالكفارات لتخف كفة السيئات فننجو بإذن الله تعالى، فمن عمل على هذين الأمرين وأكثر منهما فهو ما بين تكثير للحسنات ومحو للسيئات فهو على خير عظيم، وهذه الكفارات للسيئات كثيرة بحمد الله تعالى فعلى الإنسان البحث عنها واستشعارها والمحافظة عليها.

ولعل من أهم تلك الكفارات الأعمال التالية:

أولا: الاستغفار وكثرته، فاجعل لك منهجية في يومك وليلتك مع الاستغفار لتمحو تلك الذنوب.

ثانيا: التوبة فإنها ماسحة للذنوب جميعا، بل ويبدل الله تلك السيئات حسنات فضلا وكرما ولو علم المسيئون والعصاة بذلك واستشعروه حق الاستشعار لما تأخروا عن توبتهم.

ثالثا: من الكفارات الحمد بعد الطعام والشراب.

رابعا: قول آمين خلف الإمام قال عليه الصلاة والسلام:"إذا قال الإمام {ولا الضالين} فأقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له" متفق عليه.

خامسا: من الكفارات قول اللهم ربنا لك الحمد خلف الإمام قال عليه الصلاة والسلام:"إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له". رواه البخاري.

سادسا: من الكافرات انتظار الصلاة والمكث بعدها قال عليه الصلاة والسلام:"الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه". رواه البخاري.

سابعا: من الكفرات كثرة الأعمال الصالحة قال الله تعالى:{إن الحسنات يذهبن السيئات}.

إلى غير ذلك من كفارات الخطايا، فإذا حرص المسلم على ما يمحو به الذنوب والخطايا فإنه تقر عينه يوم القيامة عندما يرى موازين سيئاته خفيفة من تلك من خلال تلك الكفارات. إن هذه الموازين تنصب يوم القيامة ليظهر عدل الله تعالى أمام الخلائق، ولهذا قال تعالى:{وإن عليكم حافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون}.

فهؤلاء الملائكة عليهم السلام يكتبون كل ما يصدر من الإنسان في أقواله وأفعاله، قال تعالى:{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فعلى العبد المسلم أن يستحضر حين فعله وقوله نصب الموازين وكتابة الملائكة، فإن هذا أحرى وأدعى إلى أن يكثر من العمل الصالح ويبتعد عن العمل السيئ، فإذا غلبته نفسه بقول أو فعل ما يسوء سارع إلى تلك الكفارات الماحية لعل الله أن يتجاوز عنه ذلك الذم. إن التأمل والتفكر في ذلك كله يدفع الإنسان إلى الثبات على الحق الذي هداه الله إليه، بل ويدفعه إلى الدعوة إليه والدلالة عليه، لأن ذلك كله صدقات جارية هي في موازين ذلك الداعي إلى الخير، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. إن نصب الموازين يوم القيامة هي أحد المواطن الثلاثة التي لا يعرف فيها أحد أحدا لعظمتها وهولها. والثاني منها تطاير الصحف. وثالثها المرور على الصراط. فاعمل أخي المبارك لتلك المواطن وأمثالها. لعل الله أن يكتب النجاة والفوز للجميع. فنسلم ونكتب من أهل الجنان، فالعمل يسير على من يسره الله عليه، وظن بالله تعالى الظن الحسن، فإن الله عز وجل شكور يثيب على القليل كثيرا فتقرب إليه دائما. نسأل الله تبارك وتعالى أن يدخلنا الجنة وأن يجيرنا من النار إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


 

 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية