اطبع هذه الصفحة


القصدُ الأول والقصدُ الثاني

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

محمد جلال القصاص


بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
القصدُ الأول والقصدُ الثاني


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد:ـ
 
القصد قصدان :

 
1.    قصد إلى القول أو الفعل   .
2.    وقصد إلى ما وراء القول أو الفعل من ثواب أو عقاب .
 
ومَن قال بأن ( الوصف الشرعي )  لا يتحقق  بالقصد إلى القول أو الفعل ، وإنما فقط بقصد الثواب أو العقاب من وراء الفعل فقد أخطأ .             

وتدبر معي  :

 التكييف الشرعي للفعل أو الوصف الشرعي للفعل يتركب من : فعل الجوارح مضافا إليه القصد إلى الفعل أو القول .
 
 فأفعال الجوارح وحدها لا توصف بشيء في الشرع إن تجردت عن القصد .

  فمثلاً  " إزهاق النفس " فعل جارحة ليس له وصف شرعي محدد ، إلا إذا انضم إليه القصد إلى إزهاق النفس  ؛ وهو على حسب هذا القصد .. فقد يكون قتل عمد أو قتل خطأ أو اغتيالا أو قصاصاً  أو جهادا ... الخ 

ومثله السَرِقَة ـ وصف شرعي أو تكييف شرعي ـ يتركب من فعل اليد ( أخذ المال خفية من حرز مثله ) مضافا إليه  القصد إلى الأخذ . 
وإذا قصد المرء فعل الشيء وفعله أتاه الوصف الشرعي شاء أم أبى ، علم بحرمته أم لم يعلم ؛      
 
ثم بعد هذا ينظر أهو آثم يعاقب أم جاهل يُعذر أو لا يُعذر ، أو متأول يقبل تأويله أو لا يقبل[1] . وليس هنا محل التفصيل في هذا الأمر ؛ فقط أردت أن أثبت أمرين : 
 
  الأول : أن الوصف الشرعي ( إيمان أو كفر أكبر أو أصغر أو غير ذلك )  يترتب على القصد للفعل أو القول ( فمن قال أو فعل ما هو كفر يكفر إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) [2]
 
أو بكلمات أخر: إذا اجتمع القصد ـ إلى القول أو الفعل ـ أو الدلالة القولية أو الفعلية ترتب الحكم هذه قاعدة الشريعة ؛ ( فإذا قال بعت أو تزوجت كان هذا اللفظ دليلاً على أنه قصد معناه المقصود به وجعله الشارع بمنزلة العاقد وإن كان هازلاً ، وباللفظ والمعنى جميعاً يتم الحكم .. فإن لم يقصد المتكلم بها معانيها[3] بل تكلم بها غير قاصد لمعانيها  أو قاصداً غيرها أبطل الشارع قصده فإن كان هازلاً أو لاعباً لم يقصد المعنى ألزمه الشارع المعنى كمن هزل بالكفر والنكاح والطلاق والرجعة بل لو تكلم الكافر بكلمة الإسلام هازلاً أُلزم به وجرت عليه أحكامه الظاهرة )[4].

ولا يجوز الاحتجاج بالمكره لأنه ما قصد الكفر ، وإنما قصد رفع الإكراه عنه بالقول أو الفعل ، أي أن فعل المكره ـ أو قَوْلَهْ ـ يوافق ظاهره ، إذ هو يريد دفع ما يُهدد به ؛ وبالقرائن يعرف المكره من غيره .  

وهذا - أي القصد إلى القول أو الفعل- هو ما عنيتُ به القصد الأول .

والقصد الثاني هو القصد إلى ما وراء الفعل من ثواب ـ في أفعال الخير ـ أو عقاب أو سخرية واستهزاء ـ في أفعال الشر وأقواله .
وهذا القصد فقط يزيد الثواب أو يغلظ في الكفر ويشدد في العقوبة . 

وحتى يتضح أكثر أن :
 
القصد قصدان ، قصد إلى القول أو الفعل  ، وقصد إلى ما وراء القول أو الفعل . وأن الأول هو المعتبر في الوصف الشرعي ؛ والثاني في مضاعفة الثواب ـ في حالة الخير ـ أو تغليظ  الوصف وتشديد العقوبة  في حالة الشر  أسوقُ هذه الأمثلة .
 
المثال الأول: من تكلموا في حادث الإفك .( كان منهم من جلدوا ولم يرموا بالنفاق كحسان ومسطح وحَمِنَة بنت جحش ، وذلك لأنهم لم يقصدوا أذى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقذف زوجته فلم يكن قد ثبت عندهم إذ ذاك أن أزواجه في الدنيا هم أزواجه في الآخرة وكان وقوع ذلك ممكناً عندهم في العقل ) [5]
ومنهم ـ من الذين تكلموا في حادث الإفك ـ مَن رموا بالنفاق كعبد الله بن أبي بن سلول   وذلك لأنهم ذادوا على القذف إيذاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبِّ أزواجه .
 
توجيه الدليل :
 
الفريقان اشتركا في القول الظاهر ، وهو ما أسميتُه القصد الأول ، لكن لاختلاف القصد الثاني  اختلفت العقوبة ،  فمن قذف فقط جُلد حَدََّ القذف ، ومن كان له قصد آخر من القذف وهو إيذاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شُدِّدَ في عقوبته ورمي بالنفاق وجاءه الوعيد الشديد .
 
  المثال الثاني : رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم.
 يقول شيخ الإسلام أبي العباس : ( والفعل إذا آذى النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يعلم صاحبه أنه يؤذيه ولم يقصد صاحبه أذاه فإنه ينهى عنه ويكون معصية كرفع الصوت فوق صوته أما إذا قصد أذاه وكان مما يؤذيه وصاحبه يعلم أنه يؤذيه وأقدم عليه مع استحضار هذا العلم فهذا الذي يوجب الكفر وحبوط العمل )  [6] 
الأحكام الشرعية تتعلق بالقصد الأول

 
هناك ـ من إخواننا ـ مَن يحاول أن يسقط الأحكام الشرعية على ما يسميه ( الباعث ) ، ويعني به عمل القلب ، من محبة أو كراهية أو رغبه أو رهبة ... الخ .
 
ودعوى تعلق الأحكام الشرعية ( الوصف الشرعي ) للفعل بالبواعث دعوى عَجُولة لو تدبر أصحابها ربما لم يتكلموا بها .
 
إذ أن البواعث ( أعمال القلوب ) لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال أعمال ظاهرة ، ثم هي على حسب هذه الأعمال ، فقد تكون إسلاما وقد تكون إيمانا وقد تكون إحسانا . أو تكون كفرا أو فسوقا وعصيانا  ـ أعاذني الله وإياكم  ـ.
وهي ـ البواعث القلبية ـ تتعلق بالقصد الثاني وليس القصد الأول . كما رأينا في حادث الإفك . ورفع الصوت فوق صوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . 
فالحكم الشرعي ( التكييف الشرعي للفعل ) جاء على حسب الفعل الظاهر  وكان ـ في هذه الحالة ـ القذف ( فعل اللسان )[7] .
ثم إن الباعث على القذف أثَّر في القصد الثاني ـ المنوط بتغليظ العقوبة  أو مضاعفة الثواب ـ فمن كان باعثه على القذف إيذاء النبي ـ صلى الله عليه  وسلم ـ بسبِّ عرضه الشريف عُدَّ من المنافقين وجاءت الآيات تهدده
 بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة . ومن تكلمت حَمِيَّة لأختها أو كان عجولا صدَّقَ ما يقال  ونطق به دون أن يحقق ولم يكن باعثه على الفعل  إيذاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل ربما كان باعثه حبّ النبي ـ صلى
 الله عليه وسلم ـ [8] لم يُعَد في المنافقين وإنما عُومِلَ بحسب الظاهر .
 
والعكس صحيح .
 
يقف الرجلان في الصلاة وبينهما في الأجر ما بين السماء والأرض ، لماذا ؟
لاختلاف الباعث ( أعمال القلوب ) .
فكلاهما مصلي ، وكلاهما من أهل القبلة ـ ما لم يكن هناك ناقض آخر من نواقض الإيمان ـ . إلا أن أعمال القلوب ـ البواعث ـ أثرت في درجة الثواب ولم تؤثر في الحكم .
 
وكذا من يغتسل لرفع الحدث الأكبر فقط ليس كمن يغتسل محتسبا أن الغسل من الجنابة يأخذ بيده ويجلسه بجوار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم القيامة[9] ، وليس كمن يبحث في ثنايا الغسل عن ثواب آخر بتَتَبُّعْ سنة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مفردات الغسل من البدء بغسل اليد ثم الوضوء ... الخ [10]
 
بكلمات أخر !
 
هناك مناط الحكم ومناط الانتفاع  .
 
مناط الحكم يتعلق بالفعل الظاهر على الفرد خيرا أو شرا ، ما لم تكن هناك قرائن تدل على أن مراده غير ما يقول أو يفعل كما هو حال الزنديق الذي وُقِفَ على أمره[11] .
 
ومناط الانتفاع ، أعني به انتفاع العبد بقوله أو فعله عند الله يوم القيامة يتعلق بأعمال القلوب ( البواعث ) المصحوبة بأفعال .
 
فمن نطق بالشهادتين ولم يأت بناقض عملي أو قولي له ما لنا وعليه ما علينا وحسابه على الله . فهو الذي يطلع على ما في قلبه .
 
ومن أبدى لنا الكفر قولا أو عملا عاملناه على أساسه وحسابه على الله . ولا يضره أن نُخطأ نحن في تقدير حاله .
ومن جلس يتمنى فعل الصالحات وهو قادر على الفعل ولا مانع يمنعه  فلا شيء له من أمانيه . . . لا شيء له من كل هذه ( البواعث ) القلبية ما لم تُتَرجَم إلى أفعال ظاهرة . (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً) (النساء : 123 )
 
ونحى قوم شريعة الرحمن وأقاموا أهواء البشر وهم قادرون على تحكيمها ، بل وقعدوا بالمرصاد لكل من يطالبهم بتحكيمها ، وقام فريق من إخواننا يقولون : حتى يستحلوا ... حتى يقولوا بألسنتهم أنهم مستحلون . وأنى ؟!
 فـ ( لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) , وكل يدعي أنه يقيم العدل .
 
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز : (( فمن حكم بغير ما أنزل الله يرى أن ذلك أحسن من شرع الله فهو كافر عند جميع المسلمين . وهكذا من يحكم القوانين الوضعية بدلا من شرع الله ويرى أن ذلك جائز ـ ولو قال : : إن تحكيم الشريعة أفضل ـ فهو كافر لكونه استحل ما حرم الله ))[12]
 
فانظر إلى هذا الإمام الفقيه المجمع على إمامته وفقهه كيف يرى أن الفعل أمارة على ما في القلب ، وكيف يسقط الحكم على أفعال وليست بواعث قلبيه .
 
ـ وسخر قوم من شرائع الله عز وجل ، وقالوا وأسمعوا عن ( الحجاب ) و عن ( التعدد ) وعن ( الطلاق ) وعن ( الجهاد ) وقال قومنا حتى يستحلوا . . . حتى يقولوا بألسنتهم أنهم مستحلون . وأنى ؟!
 فـ ( لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) , وكل يدعي أنه على الجادة وأنه يريد الخير .وأنه يرى ويفهم مالا يراه ولا يفهمه غيره .
 
وقديما سخر قوم من القراء بكلمات قليلة لا تساوي شيئا مما يقال في ( الوليمة )[13] و لا في ( الحارات )[14] قالوا : ما لقرَّائنا هؤلاء أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء !
فنزل قول الله تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) (التوبة: 65 ، 66 )
وراح ـ هذا الذي تكلم ـ مسرعا وتعلق بحقب ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تنكبه الحجارة ـ كما يصف عبد الله بن عمر ، وقد كان يشاهد ـ ويقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )[15] .
فلم يكن مستحلا بل جاء معتذرا .وكان في ركب المجاهدين ،  فأين هذا من هؤلاء ؟!
نزل الحكم على قول ( فعل اللسان ) . ولم يُلتفت إلى البواعث القلبية .
 
وتخاصم منافق ويهودي وكان الحق مع اليهودي ،  فأراد اليهودي أن يذهب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لأنه يعلم أنه لا يأخذ الرشوة وأنه يقيم العدل ، وأراد المنافق أن يذهب إلى كعب بن الأشرف لأنه يأخذ الرشوة ، وقد يحكم له[16] ، فنزل قول الله تعالى في سورة النساء (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً  . فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً . أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً . وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً . فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً " (النساء : من الآية 60 إلى الآية  65 )"
 وكلام بن كثير في سبب نزول هذه الآية وكونها عامة وليست خاصة مشهور وهو موجود في بطن كتابه لمن أراد أن يراجعه ، ولكون المقام مقال وليس رسالة علمية أكتفي بنقل كلام الشيخ السعدي في التعليق على الآية على اعتبار أنه عاصر شيئا مما هو موجود اليوم ،  يقول ـ رحمه الله ـ :
( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ) . وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت . والحال أنهم قد ( أمروا أن يكفروا به ) فكيف يجتمع هذا والإيمان ؟ . فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه ، في كل أمر من الأمور . فمن زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله فهو كاذب في ذلك . وهذا من إضلال الشيطان إياهم ، ولهذا قال : " ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا " عن الحق " أ . هـ .
 
ثم أنظر ماذا يقول بن كثير في تفسير قول الله تعالى : ( ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا )  يقول : ( أي يعتذرون إليك ويحلفون ما أردنا بذهابنا إلى غيرك وتحاكمنا إلى أعدائك إلا الإحسان والتوفيق أي المداراة والمصانعة لا اعتقادا منا صحة تلك الحكومة ) .
 
ويقول السعدي في تفسير هذه الآية أيضا : ( " يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا " أي : ما قصدنا في ذلك إلا الإحسان إلى المتخاصمين والتوفيق بينهم ، وهم كذبه في ذلك . فإن الإحسان تحكيم الله ورسوله ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون  ) أ . هـ . 
 
والشاهد أن هؤلاء القوم أرادوا التحاكم إلى غير شرع الله بدعوى الإحسان والتوفيق ، وهم في هذا متأولين لم يتعمدوا الكفر ، أو لم يتعمدوا تنحية شرعة الله والتحاكم إلى الطاغوت ، ولم يقبل منهم دعوى أن الباعث على فعل الأمر خير . بل جعل إيمانهم بالله وما أنزل على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  زعما ، وأقسم ربنا العليم الحكيم بأنهم لا يكونوا مؤمنين حتى يحكموا شريعة الرحمن (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) ( النساء : 65)
 
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية : ( وقال الطبري : قوله " فلا " رد على ما تقدم ذكره ، تقديره فليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ؛ثم استأنف القسم بقوله " وربك لا يؤمنون " ) .
وقال غيره ـ أي غير الطبري ، والكلام للقرطبي ـ إنما قدَّم " لا " على القسم اهتماما بالنفي وإظهارا لقوته . أ. هـ
قلت : هذه حالة لعدم الرضا بالتحاكم إلى الله ورسوله والرغبة في التحاكم إلى الطواغيت ، وهذا توصيفها من كتب التفسير ، فهل يقاس بذلك من نحى شريعة الرحمن وأقام شرائع الناس مكانها ، بل راح يحارب الشريعة ويعذب كل من يطالب بتطبيق الشريعة . وهي حالة أقسم أصحابها أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق . وما تقبل منهم . بل نظر إلى أفعالهم دون أقوالهم .
 
إضاءة على  القصد الثاني[17] .

 
تدبر هذه المشاهد !
 
المشهد الأول :
 
في الحديث "  لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ " [18]
وجاء في شرح النووي للحديث : (  وهذا الحديث من قواعد الإسلام وهو : أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه مثل وزر كل من اقتدى به في ذلك العمل مثل  عمله إلى يوم القيامة ، ومثله من ابتدع شيئا من الخير كان له مثل أجر كل من يعمل به إلى يوم القيامة   ) أ. هـ
 
التعليق :
 
لم يَقْتُلْ ابن آدم الأول ( قابيل ) أخاه ( هابيل ) يريد سنَّ القتل لذرية آدم من بعده ، بل امتلئ صدره  حقدا على أخيه ، فنفث عن نفسه  بفعلته . ومع ذلك لحقه الجزاء مع أنه لم يقصد ذلك ، بل قصد الفعل فقط ( القصد الأول ) .
 
 ويلحق بهذا ما جاء في الحديث الصحيح " مَنْ سَنَّ سُنَّة حَسَنَة وَمَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة "  وما جاء في الحديث الصحيح  " مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْر فَلَهُ مِثْل أَجْر فَاعِله " وما جاء في الحديث  " مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَة " . وَاللَّهُ أَعْلَم .
 
المشهد الثاني :
 
ـ في الحديث : " إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ "[19]
فهنا جملتان حاليتان ( ما يظن أن تبلغ ما بلغت ) تصفان حال من تكلم بخير حين تكلم  ، وحال من تكلم بشر حين تكلم  . تُثبت هاتان الجملتان أنه قد يترتب على الفعل ما لم يخطر على قلب الفاعل من خيرٍ أو شر .
 
إذا نية الفاعل لا تأثر دائما في القصد الثاني ( ما وراء الفعل من ثواب وعقاب )  . وأقول دائما لأنها أحيانا تؤثر فهو  إن قصد ما وراء الفعل من خير زاد أجره ، فهو من جملة الاحتساب  ، وإن قصد ما وراء الفعل السيئ من شر ضوعف عقابه فهو من جملة الإيغال في الشر وقصد السوء .
ولكن الكلام هنا على من أتى الفعل دون أن يقصد ما ورائه من ثواب أو عقاب ، وهو يعلم أن هذا الفعل حلال أو حرام .
بمعنى فقط يعلم الحِل والحرمة ، ولا يعلم كم هي درجة الإثم في الفعل ، ولا درجة الثواب .
ويشهد لذلك هذا المشهد من سورة التوبة .
 
مشهدان ( المشهد الثالث  والمشهد الرابع ) ولا تنظر لأحدهما بدون الآخر :
 
المشهد الثالث :
 
قول الله تعالى  { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } [ التوبة : 65ـ 66 ]
 
حين العودة من غزوة تبوك  تكلم رجل من المنافقين في مجلس سمر  :  ما لقرَّائنا هؤلاء أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء ، فقال رجل في المجلس : كذبت ،ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فذهب فوجد القرآن قد سبقه[20] .
يقول عبد الله بن عمر : فنظرت إليه متعلقا بحَقب ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تنكبه الحجارة ، يقول ( إنما كنا نخوض ونلعب ) ، فيقول له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } ما يزيده .
 
مجلسُ سمرٍ في غزوة ،  والمتكلم بالكلمة ذهب من فوره يعلن خطأه ، ولم يكن يقصد من كلمته ما بلغت ، نعم القصد الأول كان موجودا ، وهو السخرية من القراء ـ أو من دعوى النصر على الروم ـ [21]، والمتكلم كان بين المجاهدين ، وذهب نادما يقسم على أنها كانت ( مَزحة ) وحديث ركب ، وقد أثبت له النص إيمانا ( قد كفرتم بعد إيمانكم )  ، واشتد في طلب الصفح  ، يتعلق بناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أن الحجارة لتسعف قدماه  .
 
 ولم تلتفت الشريعة إلى عذره ( إنما كنا نخوض ونلعب ) وأخذته بقوله ، لم تقبل  السخرية بالدين ولا بالمنتسبين لهذا الدين . حتى ولو كان المتكلم بهذا مؤمنا قد تبع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ساعة العسرة .
 
ويزيد الأمر وضوحا المشهد الرابع :
 
رجل من المنافقين ، يجلس في المسجد ورسول الله ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ يخطب ، فيقول ـ يحدث نفسه ـ والله لأن كان صادقا فنحن أشر من الحمير ، فسمعه ابن زوجته فقال والله إنه لصادق وأنت شر من الحمار ، فهمَّ بقتله ولم يستطع .
أو  نفرٍ من المنافقين كانوا مع المؤمنين في غزوة تبوك وهموا بقتل النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو على العقبة ( مكان مرتفع )  يتفقد الجيش ، ولم ينالوا شيئا بل عادوا خاسرين .
أو عبد الله بن أبي بن سلول[22] ، وهو يستعين بالأنصار على الجُهني[23] الذي غلب الأنصاري فلم يعينوه فسبَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهمَّ بأن يخرجه من المدينة إن عاد إليها . ولم ينل شيئا مما همَّ به .
وكلهم قالوا كلمة وتمنوا أمنية وهم في مكانهم ، وحين الفعل لم يفعلوا ، ولم تخرج أمانيهم إلا  تَمْتَمَاتٍ بشفاههم لا  يسمعها إلا  أدنى قريبٍ من رَحْلِهِم .
وأتت الشريعة تقول ( قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ) ولم تلتفت إلى عذرهم ، ولم تَبْنِ الحكم ـ وانتبه لهذا ـ على ما في القلب ، وإنما على القول ( قالوا ) .
 
ووضعتُ هذا المشهد مع المشهد الذي قبله لأقول :  أن هذا الفصيل غير ذاك ، هؤلاء الذين نزلت فيهم الآية الثانية ( يحلفون بالله ما قالوا ) هم من المنافقين ، معلومين النفاق ، ولذا أثبت لهم إسلاما فقط . وبتتبع حال من  نزلت فيهم الآية ( الجُلَّاس بن سويد بن الصامت ، وعبد الله بن أبي بن سلول ، والنفر من المنافقين أصحاب العقبة ) يعلم أنهم كانوا من المنافقين المعلومين النفاق ، أما من نزلت فيهم الآية الأولى فلم يكونوا من المنافقين المعلومين النفاق . بل كانوا مؤمنين  لذا جاء التعبير القرآن دقيقا جدا يقول عن الأُول ( قد كفرتم بعد إيمانكم ) وعن الأخر ( وكفروا بعد إسلامهم ) ،   ومعلوم أن إثبات الإيمان والكفر في القرآن يكون على الحقيقة . إذ أنه ـ القرآن ـ خبر العليم الخبير ، فهؤلاء كانوا مسلمين وهؤلاء كانوا مؤمنين .
وهذا ما فهمه شيخ الإسلام بن تيمية ـ رحمه الله ـ إذ يقول في المجلد السابع من الفتاوى ص 271 : ( وقول من يقول عن مثل هذه الآيات : إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم لا يصح لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فلا يقال : قد كفرتم بعد إيمانكم فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر وإن أريد أنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان فهم لم يظهروا للناس إلا لخواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا ; بل لما نافقوا وحذروا أن تنزل سورة تبين ما في قلوبهم من النفاق وتكلموا بالاستهزاء صاروا كافرين بعد إيمانهم ولا يدل اللفظ على أنهم ما زالوا منافقين ) أنتهى كلامه رحمه الله [24]
والحكم الشرعي على القول في الحالتين ولا التفات للعذر والقسم الذي قالوه ، ولم يقل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذبت في دعوى أنكم كنتم تخوضون وتلعبون بل أنكم كنت جادين ، لم يقل هذا ولم يُشر إليه  ، لم يلتفت للباعث لا بقليل ولا بكثير .
 
المشهد الخامس .
في المحكمة ... عند القاضي ـ عافانا الله وإياكم ـ  :
هل يشترط للمذنب أن يعلم العقوبة كي توقع عليه ؟
لم يقل أحد بهذا قط .
يشترط القصد الأول فقط ( القصد إلى القول والفعل ) ، وقد يكون الجهل بالعقوبة سببا في التخفيف ، وقد لا يكون سببا في التخفيف . ولكنه لا يرفع الحكم عن المذنب في كل حال .
 

وهذه للمربع التوضيحي
 
وإذا قصد المرء فعل الشيء وفعله أتاه الوصف الشرعي شاء أم أبى ، علم بحرمته أم لم يعلم ؛      
ثم بعد هذا ينظر أهو آثم يعاقب أم جاهل يُعذر أو لا يُعذر ، أو متأول يقبل تأويله أو لا يقبل .
 
 
ودعوى تعلق الأحكام الشرعية ( الوصف الشرعي ) للفعل بالبواعث دعوى عَجُولة لو تدبر أصحابها ربما لم يتكلموا بها .
 
 ( لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ) , والكل يدعي أنه يقيم العدل .
 

-------------------------------
[1] وقد قدمت في مقال آخر على صفحات المسلم بتاريخ 10/ 10 / 1426 هـ أن ليس كل تأويل مقبول . وأن ( التأويل ليس نوعا واحدا وإنما أنواع ) .
[2] [ الصارم المسلول بن تيمية ص   178  ]
[3] يعرف القصد إلى القول أو الفعل بالقرائن الحالية أو المقالية .وإن ذهب القصد بجنون أو شدة غضب أو غيرهما من عوارض الأهلية ارتفع التكيف الشرعي ولم يندرج الحكم أو القول تحت واحد من أحكام التكليف الخمس . 
[4]  إعلام الموقعين ج3 /132باختصار  
[5]  الصارم المسلول ص 49
[6] [ الصارم ص 59]  
[7] راجع للكاتب ( بالأفعال لا بالأقوال ) منشور بموقع المسلم ركن مقالات شرعية بتاريخ 26 / 9 / 1426 هـ .
[8] مما يذكر أن حسان بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ كان من أشد الناس حبا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان يهجو صفوان بن المعطل كلما قابله في شوارع المدينة . وله بيت مشهور في ذلك : أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا   * * * وابن الفريعة أمسى بيضة البلد . الروض الأنف 34/4
[9] كما في حديث جابر بن سمرة رضى الله عنه . ذكره بن القيم في ( الوابل الصيب من الكلم الطيب )  في فضائل الذكر .
[10] صفة غسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مذكورة في البخاري كتاب الغسل ، حديث رقم 248 وما بعده .
[11] والزنديق أيضا يتم الحكم عليه بأنه ذنديق يخالف قوله فعله من خلال أفعال ظاهره ، وليست بواعث قلبيه . فتدبر 
[12]  مجموع فتاوى بن باز 4/ 416 ـ نقلا عن الحكم بغير ما أنزل الله أحكامه وأحواله 168 ط دار طيبة 
[13] أعني وليمة لأعشاب البحار . لحيدر حيدر
[14] أعني رواية ( أولاد حارتنا ) لنجيب محفوظ .
[15] راجع تفسير   الطبري للآيات 65 ، 66 من سورة التوبة .
[16] وسبب النزول هذا مذكور في بن كثير وبن جرير الطبري بعدة روايات تختلف فيمن تحاكموا إليه بعد اختلافهم فقائل عرافة من جهينة وقائل كعب وقائل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذكر القرطبي أنهما بدأ بالتحاكم الى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم  ـ ولم يرض المنافق بحكمه فذهب إلى أبي بكر ثم عمر فقتله عمر ... الخ . ولكن بن كثير علق على هذه الرواية بأنها ( سبب غريب جدا ) .
[17] ونذكر بأن القصدين هما :
الأول ُ : قصدٌ إلى القولِ أو الفعلِ .
والثاني : قصدٌ إلى ما وراءَ القولِ أو الفعلِ من ثوابٍ وعقابٍ
[18] متفق عليه البخاري /3088.ـ واللفظ له ـ ومسلم /3177 .
[19] في سنن الترمذي كتاب الزهد / 2241 . وعند بن ماجة . كتاب الفتن /  3959 . وعند أحمد في مسند المكيين / 15291 ، وفي موطأ مالك . كتاب الجامع 1562 .  وردت لفظة ( ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ) ، وعند البخاري ومسلم بدون هذه اللفظة . 
[20] الرواية موجودة في ابن كثير والقرطبي والطبري وغيرهم من كتب التفاسير
[21] جاء في بعض الروايات أنها نزلت في قوم تكلموا وهم سائرون إلى تبوك قال أحدهم ( يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها هيهات هيهات ) ، و جاء أن الكلمة كانت (أتحسبون  جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ) ، وكلها تدور حول السخرية بالدين والمتدينين
[22] هو عبد الله بن أبيّ بن مالك بن الحارث الخزرجي ،  من بني عوف ، وسلول هذه أم أبيه ، وقيل أمه هو ، من خزاعة . زعيم المنافقين ، وكان رئيسا مطاعا عزم أهل المدينة أن يملكوه عليهم قبل أن يهاجر إليها النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فحقد على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووالى يهود من الباطن وسعى في أذية رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وصحبه ، فخسر الدنيا والآخرة . انظر سير أعلام النبلاء ـ ترجمة عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ، ووفيات عام تسعة هجرية في البداية والنهاية لابن كثير .
[23] نسبة إلى جهينة ، وهي قبيلة عربية معروفة من قضاعة ، تسكن غرب الحجاز ( يبنع الآن ) ، وكان منهم مسلمون يخرجون مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان منهم من تأخر إسلامه وخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جهاده أ و أرسل له السريا ، وراجع حديث أنس عند مسلم في صلاة الخوف ، وحديث أسامة بن زيد ( أقتلته بعد أن قالها ) . وجاء في بعض الروايات أنه كان غفاريا ـ من غفار ـ وجهني ونادى بن سلول في الأنصار بنصرة الجهني حليفهم على الغفاري .
[24] هذا عمدة من ردَّ الاستدلال بهذه الآية ، يقول كانوا منافقين ولم يكونوا مؤمنين !! . وهذا عجب عجاب يتعارض مع صريح اللفظ ومع فهم شيخ الإسلام له . ومن قرأ كلام شيخ الإسلام الذي نقلتُ منه بتمامه يتبين له الأمر أكثر ، ولولا أن المقام مقال لنقلته بتمامه .


 

محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية